د. عز الدين الكومي:

 

بعد تخلي مندوب النظام الانقلابى فى مجلس الأمن، عن مشروع قرار إدانة المستوطنات والمغتصبات الصهيونية، عقب اتصالات أميركية وصهيونية، مع قائد الانقلاب قامت أربع دول هى، فنزويلا ونيوزلندة وماليزيا والسنغال، بتوجيه إنذار لمندوب الانقلاب فى مجلس الأمن، إن لم يقدم مشروع قرار يطالب الدولة العبرية بوقف الإستيطان، فإن هذه الدول تحتفظ بحق تقديم المشروع!!
ونقول للذين جردوا أقلامهم وحناجرهم،وسنوا سكاكين الحقد والكراهية، للسخرية من الرئيس مرسى والهجوم عليه،عندما بعثت وزارة الخارجية خطاباً بروتوكولياً، كانت تفوح منه رائحة الخيانة والمؤامرة، كما قال الدكتور سيف عبد الفتاح فى تصريح لقناة الجزيرة: أن هذه الرسالة، كانت جزء من مؤامرة ومهزلة، قام بها أفراد من الحرس الجمهورى، رغم تنبيه الرئيس لهم بأن أى رسالة موجهة للولايات المتحدة ودولة الكيان الصهيونى، يجب أن تعرض على فى ملف مستقل!!
لكن هذا التصرف الشائن من النظام الانقلابى، كما جاءعلى لسان مندوبه لدى الأمم المتحدة،بأن الظروف التي ارتبطت بالتشاور حول مشروع قرار الاستيطان الصهيونى، وتوقيت التصويت خلال الساعات الأخيرة،عكست أنها قد تحد من حركة أطراف دولية، ترغب في الانخراط بشكل مباشر لحل القضية الفلسطينية بشكل كامل ونهائي، وفقاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة ،والعمل على إتاحة الفرصة لتحركات دولية مقبلة، لا يعني بأي حال من الأحوال التخلي أو التراجع عن ثوابت ومحددات السياسة الخاصة بالقضية الفلسطينية بما فيها قضية الاستيطان!!عذر أقبح من ذنب!!
و أن بلاده وجدت نفسها مضطرة لسحب مشروع القرار المقدم منها من الناحية الإجرائية، على خليفة المزايدات التي تعرضت لها منذ طرح المشروع بالحبر الأزرق، والتي وصلت إلى حد ما يشبه الإنذار من قبل بعض أعضاء المجلس!!
لكن فى كل الأحوال، إذا كانت دولة الكيان الصهيونى قد منيت بخسارة فادحة، جراء هذا القرارالذى يقضى بوقف الاستيطان في الاراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس ، فإن النظام الانقلابى كانت فضيحته بجلاجل!!
ولاننسى أن النزق الانقلابى والخضوع والخنوع أمام الصهاينة، أسقط ما تبق من أوراق التوت عن القومجية ، وعرّى كل دعوات وشعارات القومية الزائفة،التي انبطحت من خلال دعوات التطبيع والإستسلام، والتي بدأها السادات في اتفاق كامب ديفيد، وانتهت بالإعتراف الكامل بالكيان العنصري الصهيوني!!
كما قال أحمد مطر:
الثور فر من حظيرة البقر، الثور فر،
فثارت العجول فى الحظيرة،
تبكى فرار قائد المسيرة،
وشكلت على الأثر محكمة ومؤتمر،
فقائل قال: قضاء وقدر، وقائل لقد كفر،
 وقائل إلى سقر، و بعضهم قال: امنحوه فرصة أخيرة،
،لعله يعود للحظيرة، وفى ختام المؤتمر، تقاسموا مربطه وجمدزا شعيره، وبعد عام وقعت حادثة مثيرة،
لم يرجع الثور، ولكن ذهبت وراءه الحظيرة.
كماتهاوت اللأت العربية الناصرية، التى تم إقرارها فى قمة الخرطوم عام 1976 على خلفية نكسة 1967  وهى لا صلح ، لا اعتراف ، لا تفاوض!!
فقد كان الصراع العربي- الصهيونى،هوالذى أظهرهذه الشعارات، وأن الصراع مع الاستعماروالرجعية والامبريالية العالمية، كانت إكسيرالحياة للأنظمة العربية في القاهرة وبغداد ودمشق كما كانت وقود الخديعة الكبرى للجماهيرالعربية المضللة من المحيط إلى الخليج!!
وهاهى الصهيونية ومعها أمريكا، تسعى لتمرير مشروع الشرق أوسط الجديد، من احتلال العراق وتمزيقه إلى دويلات طائفية وعرقية مدعومة من المشروع الصفوى الإيرانى، وكذلك الحال فى سوريا واليمن وليبيا!!
فأين الصمود والممانعة من الأنظمة العربية التى تاجرت بالفلسطنيين وقضيتهم، قرابة نصف قرن من الزمان!!
وبقيت هذه الاكذوبة لإخضاع المواطن، الذى لم يعد يرى أمة واحدة ولا رسالة خالدة، بل يرى السطوة الأمنية والقهر والظلم والذل والهوان!!
انتهت هذه المرحلة، ولم يتبق منها سوى الشعارات التي افتاتت عليها الأنظمة القمعية،وتحولت دول الطوق وجبهة الصمود والتصدى لحامية صهيونية،تحمى الصهاينة وتحاصر الفلسطنين فى غزة وتغلق المعابر فى وجوههم!!
وكم كانت خديعة كبرى التي انزلقت فيها الشعوب العربية، تحت شعار التحرر القومي، والتي انتهت بهم الى التجزئة والتفتيت، لأن فكرة القومية العربية قد نشأت في مدارس الارساليات التبشيرية الامريكية في بيروت، وكانت تهدف الى استقلال العرب عن الدولة العثمانية، وتكوين وحده سياسية مستقلة تمتد من الخليج العربي الى المحيط الاطلسي، وكانت هذه الفكرة البراقة التي تلقفها العرب دون التفكير بمصير أمتهم ودون وعي وادراك، وأن هذه الفكرة استخدمها الغرب والصهاينة لتفتيتهم وتقسيمهم الى دويلات متناحرة!!
ومن ينظر لحال العرب اليوم، سيرى بأم عينيه أن فكرة القومية العربية تلاشت وانحسرت، وفشلت في تحقيق أهدافها  بل أن فكرة القومية أضرت بالقضية الفلسطينية، وتم اختزال القضية الفلسطينية في المحيط العربي، وانتهى بها المطاف إلى سلطة رام الله!!
 ولكن فلسطين هى قضية المسلمين الأولى، من اندونيسيا شرقا إلى موريتانيا غربا، فهى قضية إسلامية بمقدساتها وتاريخها وإرثها الديني والاسلامي، وبالتالي فلسطين بحاجة لكل مسلم لكل عربي، ولكن تم ابعاد فلسطين عن محيطها الإسلامي، وهذا مايريده الغرب ويريده الصهاينة، لذلك هناك دعوات لإقامة اتحادعربي، كبديل لجامعة الدول العربية،يمكن أن تنضم له الدولة العبرية !!
وكم عجبت من مواقف القومجية الناصرية،  تجاه مواقف النظام الانقلابى وتعاطيه مع القضية الفلسطينية، وآخرها سحب مشروع قرار وقف الاستيطان الصهيونى فى الأراضى المحتلة، فمنهم من وضع رأسه فى الرمال  كالنعامة ،ومنهم من رفع شعار لا أسمع لا أرى لا أتكلم، ومنهم من رفع عقيرته مادحا القومية و الناصرية!!

 

 

 

المقال يعبر عن رأي كاتبه، ولايعبر بالضرورة عن رأي نافذة مصر