عزت النمر :

 

لم يكن اعتقال المحامي أسامة محمد مرسي مفاجئاً لأحد ولا لأسرته ولا حتى له هو شخصياً.

تعمدت أن أذكره باسمه ووظيفته من دون أن أُعَرِّفَه بأنه نجل الرئيس المنتخب الأسير, وأحسب أن اعتقاله سيزيد من رمزيته هو فيصبح أحد أنقى رموز ثورتنا الحالية ويضيف رمزاً شريفاً لكوكبة مضيئة من رموزها الأحرار الأبطال.

أسامة محمد مرسي الشاب الخلوق القوي الثائر الذي يُبدي زعامة أكثر من كثير من متصدري المشهد في واقعنا الحالي, ويستحق أن نقول بأريحية كاملة أنه خليق بالرمزية والزعامة مثلما كان أبيه خليقاً لها وإن طعن في ذلك العجزة وأنصاف الرجال.

طبيعي ألا أفسد مشهد البطولة والشرف وأتسائل عن نقابة المحامين بما فيها ومن فيها والدور الواجب عليها والمنوط بها, وأتجاهلها لِتُرمى بأقزامها الحاليين هم وكلاب العسكر في مزبلة واحدة.

حديث يدور أن اعتقال أسامة هو محاولة للنيل من الأسرة أو ابتزاز لها, هذا وإن أراده البعض أو توقعه إلا أنني لا أراه مقصود النظام. فالأمر ببساطة أن عقول البيادات لا تتحمل هذه الوجوه الناصعة ولا القامات الرشيدة, فلا يملك حيالها هؤلاء الأوباش إلا سيف الاعتقال.

لا يدري هؤلاء المتخلفين الساقطين من سدنة الإنقلاب ومجرميه أنهم يصنعون رموزاً ويسوقون لبريق الذهب الذي ربما كان خافتاً بفعل غبار الواقع, فيزيده الاعتقال كشفاً واظهاراً ولمعاناً وبريقا, وكأنهم من حيث لم يحتسبوا يقدمون قدوات براقة لكثير من الشباب, فيصنعوا لهم جمهوراً و"فانز" وألتراس ويصنعون لثورة الغد أيقونات جديدة واعدة.

اعتقال أسامة مرسي يصب في خانتين لا ثالث لهما : الأولى أن من يدير الانقلاب ويحكم مصر الآن هم بضع أفراد لايزيدون عن أصابع اليد الواحدة.

المشهد لم يترك مجالاً للحديث عن مؤسسات سيادية تُدير ولا مراكز لصنع القرار, بل أفراد معاتيه يقدمون أنفسهم في صورة بائسة شديدة فقر الفكر شديدة الغباء.

الاستثناء الوحيد من ذلك ربما يكون في بعض القرارات التي تأتي من الخارج وهي إملاءات أكثر منها قرارات أو فرمانات, ومن سخافة المشهد ودلائل هوانهم وترديهم أن هذه الإملاءات تأتي من اسرائيل والإمارات.

آية هذا الغباء والتخبط أن هذا النظام الساقط لا يعرف ولا يجيد لا توجيه الرسائل ولا التقاط الإشارات, وليس في اعتقال أسامة أي رسالة اللهم أفساد كل ما حاول النظام تسويقه من أوهام المصالحات والتسويات.

أكثر ما يجيده الانقلاب وسدنته هو إشغال الشارع بسقطاته وكوارثة الجديدة عن سقطاته وكوارثه القديمة واتباع اللاحق بالسابق ليس إلا!!.

الرسالة الأوضح والنتيجة الحتمية والخانة الثانية التي يصب فيها هذا الإعتقال هي شهادة تقدير جديدة للرئيس مرسي وعائلته المثابرة ممهورة بتوقيع غباء قادة الإنقلاب وقضاته وجلاوذة إعلامه.

ضِف إليها شهادة ثقة كبرى يسوقها الانقلاب من حيث لا يدري لجماعة الإخوان المسلمين يُذَكِّر الشعب بغزارةإانتاجها من الرجال الأفذاذ والرموز النظيفه والواجهات المُشَرِّفة.

في ذات الوقت هي شهادة بفقر شديد في المنتج المصري المجافي للإخوان والشرعية والثورة , وإشهار إفلاس العسكر والدولة العميقة وبالطبع شهادة إنتحار لعاهرة وقحة كان السذج والمغيبون يسمونها يوماً منظومة قضاء.

ماذا أفاد الانقلاب وكلابه وكبيرهم عبد الفتاح السيسي أن يُحْرَم معتقل من الطعام 48 ساعة؛ من ساعة اعتقاله وحتى عرضه في محاكمة ضالة كذوب؟!.

ليس في المشهد ما يدعوني لأتحدث بصعبانية عن بطل مُعْتَقَل رُزِق بطفل من عشرة أيام فقط, لكن أجد نفسي أخاطب بمنتهى الشرف هذا الوليد لأبشره : أنك قادم لوطن سيتوقف التاريخ فيه فخراً أمام أبيك وجدك أنهم سُجِنوا من أجله, بينما اعتقلهم أرذل أهل الأرض وأسخف لقطاء هذا الوطن من أجل أنفسهم وربما مجاملة لأعداء الوطن وكارهيه.

مشهد اعتقال أسامة مرسي يأتي في إطار السخافة والعبثية ولا يعدو عن كونه حجراً جديداً سيُوضع في بناء هرم الثورة الصلب وجدار بناء الوطن وإعادة مجده من جديد..

لعله خير..

 

 

المقال يعبر عن رأي كاتبه، ولايعبر بالضرورة عن رأي نافذة مصر