أكد الدكتور وصفى عاشور أبو زيد الأستاذ بفقه المقاصد بعدد من الجامعات العربية والدولية، أن العسكر يكذبون في كل عصر، ويحنثون في أيمانهم، وأقسامهم.

ويستدل "أبو زيد" على صحة رأيه نقلا  عن كتاب "سيد قطب من الميلاد إلى الاستشهاد" للدكتور الخالدي ص299 ما نصه :«بقي أن نتعلم من دروس التاريخ:

( رجال الثورة يكرمون سيدا رائدهم: وأراد رجال الثورة أن يكرموا رائدها الفكري ، وفيلسوفها العظيم ليعرف الشعب أهمية هذا المفكر العبقري . فدعوا إلى حفل لتكريمه . وصادف أن كان الكاتب السعودي الراحل(أحمد عبد الغفور عطاء ) حاضرا هذا التكريم والذي كان بعد شهر من قيام الثورة أي في شهر أغسطس عام 1952م فكتب عنه في مجلة كلمة الحق، (السنة الأولى ، العدد الثاني 1967 م صفحات 37-39).

ويضيف الخالدى فى كتابه نقلا عن عطاء :«وفي الموعد المحدد حضرت معه وكان النادي مزدحما بحدائقه وأبهائه الفسيحة . وحضرها جمع لا يحصى من الشعب . وحضر إلى النادي أبناء الأقطار العربية الإسلامية الموجودون في مصر . وكثير من رجال السلك السياسي ، وكبار زعماء الأدب والفكر والقانون والشريعة ، وأساتيذ من الجامعات والكليات والمعاهد» .

ويتابع الخالدى «وكان مقررا حضور محمد نجيب ، وتوليه تقديم سيد قطب .إلا أن عذرا عارضا اضطر محمد نجيب للتخلف . وبعث برسالة تليت على الحاضرين تلاها أحد الضباط، وموجز كلمة محمد نجيب أنه كان حريصا على أن يحضر المحاضرة .ويفيد من علم سيد . ووصف سيد بأنه رائد الثورة ومعلمها وراعيها .

وبعث نجيب برسالته مع أنور السادات . وأناب عنه جمال عبد الناص» .

ويؤكد صاحب الكتاب أن الضباط «حوَّلوا محاضرة سيد إلى مناسبة للاحتفال والاحتفاء به ،وبيان مناقبه وبدل أن يحاضر سيد فيهم ، صار الخطباء يتكلمون عن سيد ويثنون عليه وهو جالس».

وحول تفاصيل الحفل يروى الخالدى«افتتح أحد الضباط الحفل بآيات من القرآن الكريم وقال أحد كبار الضباط :

(كان مقرراً أن يقوم الرئيس محمد نجيب بتقديم أستاذنا العظيم ،ورائد ثورتنا المباركة ،مفكر الإسلام الأول في عصرنا الأستاذ سيد قطب .ولكن أمرا حال دون حضوره وأريد مني تقديم الأستاذ سيد قطب ، وإن كان في غنى عن التقديم وعن التعريف).

وكان حاضرا الحفل الدكتور طه حسين ، فتقدم وألقى كلمة رائعة قال فيها :

«إن في سيد قطب خصلتين هما المثالية والعناد. وذكر سيدا وأدبه وعلمه وثقافته وكرامته ، وعظمته وفهمه للإسلام _ _ وذكر أثر سيد في الثورة ورجالها . وختم طه حسين كلمته بالقول: إن سيد قطب انتهى في الأدب إلى القمة والقيادة ، وكذلك في خدمة مصر والعروبة والإسلام» .

ثم وقف سيد قطب ، وألقى كلمة مرتجلة ، وسط تصفيق المصفقين وهتاف الهاتفين له . وقال عن الثورة :

(إن الثورة قد بدأت حقا ، وليس لنا أن نثني عليها ،لأنها لم تعمل بعد شيئا يذكر . فخروج الملك ليس غاية الثورة . بل الغاية منها العودة بالبلاد إلى الإسلام)..

ثم قال سيد : (ولقد كنت في عهد الملكية مهيئا نفسي للسجن في كل لحظة ، وما آمن على نفسي في هذا العهد أيضا . فأنا في هذا العهد مهيئ نفسي للسجن ولغير السجن أكثر من ذي قبل).

وهنا وقف جمال عبد الناصر وقال بصوته الجهوري ما نصه :

(أخي الكبير سيد . والله لن يصلوا إليك إلا على أجسادنا جثثا هامدة . ونعاهدك باسم الله بل نجدد عهدنا لك . أن نكون فداء لك حتى الموت).

وصفق الناس تصفيقا حادا متواصلا!!.

يشار إلى أن عبدالناصر أقصى نجيب ورفاق الثورة ثم انقلب على مبادئ الثورة ولاحق الإخوان باعتبارهم الفصيل الأكبر ثم اعتقل قيادات الإخوان ومنهم سيد قطب ابتداء من عام 1954  والذى أعدم فيه عددا من قيادات الإخوان ثم عام 65 حيث أعدم سيب قطب ورفاقه يوم 29 أغسطس 1966م.