16/03/2009

مدينة اولنيAulnay الفرنسية، يوم عادي جدا في السوق الممتاز كارفور Carrefour الذي يعتبر من أكبر المتاجر الخاصة ليس في فرنسا وحسب، بل وفي العالم كله، ويعتبر رائدا ليس فقط بوصفه وسيطا تجاريا، بل بكونه نجح في تصنيع منتوجاته الخاصة وتسويقها بأسعار مشجعة، إضافة إلى أنه يبيع مختلف أنواع المواد الاستهلاكية حتى الحلال منها واللحوم المذبوحة على الطريقتين الإسلامية واليهودية، إلى أن تفاجأ العاملون بدخول أفواج من الأشخاص أخذت تتزايد أعدادهم شيئا فشيئاً، يرتدون أقمصة خضراء، كتب على إحدى جهاتها تحيى فلسطين، وعلى الجهة الأخرى، قاطعوا إسرائيل.
جمعية تحيى فلسطين (Viva Palestine)، وكما يقول ميثاقها، هي جمعية مدنية، شكلها مواطنون من خلفيات مختلفة، وتأخذ على عاتقها الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في تحرير أراضيه وإنشاء دولة فلسطينية.
وفي إطار حملتهم لمقاطعة إسرائيل، يطالبون كارفور بتوضيح مصادر المنتجات التي كتب عليها صنع في إسرائيل، في حين ترفض إدارة السلسة تقديم أية إجابات عن أسئلتهم.واحتجاجا على هذا الرفض قرروا التحرك بأنفسهم.
يقوم المشاركون بإفراغ جميع المنتجات المستوردة من إسرائيل مباشرة، وحتى المنتوجات التي تقيم الشركات المنتجة لها علاقات مع الكيان، تمويلاً أو استثماراً، في عرباتهم، ويطوفون بها في أروقة المتجر، مانعين بذلك الزبائن من الحصول عليها.
يقول الشاب وهو يملأ عربته:" هذه رسالة لكل الشركات التي تدعم إسرائيل، هذا ما ينتظر منتوجاتكم، وهذه رسالة لساركوزي ومن معه، إن لم تفعلوا شيئا حيال هذا الأمر، فنحن سوف نفعل بأيدينا.." ويضيف: " ولكارفور أيضاً، إذا لم تستجب لمطالبنا، فسيكون كارفور هو ما نقاطعه في المرة القادمة.."
كل هذا تحت مرأى ومسمع إدارة المتجر، ولامجال لوقفهم، فسياسة الشركة واضحة، وقانونها واضح، كل فرد في المجتمع يحق له أن يملأ عربته بما يشاء، وأي تعرض لهم قد تدفع سلسلة المتاجر ثمنه غاليا..
يقولون بأن على كارفور أن يتوقف عن بيع هذه المنتوجات التي قد تكون مصنعة بشكل غير قانوني، فالخضار والفواكه والزهور هي ربما من أراض تم الاستيلاء عليها، وعليه فقد يعد وجودها في السوق الفرنسية غير قانوني.
يكمل المتضامون جولاتهم في المتجر حاثين الناس على عدم دفع ثمن القنابل والطائرات التي تقتل بها إسرائيل المدنيين العزل، وتدمر بها البيوت والمساجد والمدارس في اعتداء سافر على كل المواثيق والمعاهدات الدولية، دون رقيب أو حسيب. ويرددون شعارات ضد الصهيونية وضد الكيان الغاصب.
وهذا نشاط واحد من مئات الأنشطة التي تنظمها جمعيات ضد الصهيونية في جميع أرجاء فرنسا،
كل هذا في دولة تعتبر الجالية اليهودية فيها كبيرة وتقف خلفها لوبيات قوية بما يكفي لتتحكم في قرارت الاليزيه. وهي نفسها الدولة التي خطت أول خطوة في منع ارتداء الحجاب في المؤسسات العمومية والمدارس، وهي الدولة نفسها التي تدعم إسرائيل علنا ودون تستر.لكنها كما تسمي نفسها، بلد الحريات، ولكل الحق والحرية في التعبير عن آرائه وممارسة أفكاره دون أن يعترضه أحد.
ونقف نحن متفرجين، ونحن نعد أفرادا في مجتمعات معادية لما يسمى بإسرائيل، وتلتزم حكوماتنا بعدم التطبيع معها ، وبعدم ربط أية علاقات سياسية كانت أو اقتصادية أو حتى ثقافية مع من قتَّل الشعب الفلسطيني وسلبه أرضه. عاجزين عن أية خطوة، ربما خوفا، وربما جهلا بالقانون، وربما لعلمنا أننا في دول يعتبر القانون فيها حبرا على ورق يعتد به فقط عندما يأتي في المصلحة العاليا للدولة، وإلا فهو مجرد رفع عتب عنا أمام الدول المتقدمة، وحتى لاتقول أمريكا عنا أننا لسنا بدول ديموقراطية.
أسواقنا تغرقها منتوجات إسرائيلة الصنع، بمسميات تمويهية، وأحيانا بأسماء وطنية لا يشك فيها، وحتى تلك المكتوب عليها بالبند العريض صنع في إسرائيل، فأنت أيها العربي لايحق لك أن تعبر عن غضبك جهارا نهارا، وإلا فلن ترى هذا النهار مرة أخرى..
فإلى متى سنظل حبيسي العجز والتعجيز؟ وإلى متى ستنحصر لاءاتنا في تحركات صورية في الشوارع دون تنزيل فعلي وعملي على أرض الواقع ؟وإلى متى تسبقنا فرنسا وأخواتها في كل شيء، حتى في الانتماء لقضيتنا وديننا...

شاهد الرابط على اليوتيوب: http://www.youtube.com/watch?v=JY461RU27MU