برلمان السيسي بلا شك سوف يدخل موسعة جينز للأرقام القياسية، حيث مرر اليوم الأحد 17 يناير 2016 عشرات القوانين دفعة واحدة في ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ البلاد.

وكانت صحيفة "المقال" المصرية -التي يرأس تحريرها الإعلامي الموالي للانقلاب "إبراهيم عيسى"- قد تهكمت في عددها الصادر اليوم الأحد، ووصفت تمرير قوانين منصور والسيسي بأنه "يوم التمرير العظيم"، استنادًا إلى أنه سيشهد قيام "مجلس نواب ما بعد الانقلاب" بتمرير غالبية القوانين التي أصدرها كل السيسي، ومنصور والتي تصل إلى 453 قانونا.

ولم يكذب برلمان العسكر هذه التوقعات ومرر مساء الأحد عشرات القوانين وسط تأكيدات من بعض النواب صدور تعليمات لقائمة "دعم مصر" التي يقدر عدد نوّابها بقرابة 430 نائبًا من أصل 599 بتمرير التشريعات قبل يوم 25 يناير موعد انتهاء مهلة الدستور للبرلمان بالمصادقة على القرارات أو تعتبر لاغية.

أبرز القوانين
وشهدت مناقشة 32 قرارا بقانون صادر عن رئيس الجمهورية في غياب البرلمان تتضمن قوانين القوات المسلحة، والانتخابات، والكيانات الإرهابية، ومباشرة الحقوق السياسية، اعتراضات طفيفة من نواب مستقلين لم تؤثر على الموافقة النهائية عليها؛ أبرزها القرار بقانون رقم 37 لسنة 2014 الخاص بتحديد مرتب ومخصصات السيسي، وقانون السجون.

وشهد قانون إعفاء رؤساء الهيئات القضائية الذي أصدره السيسي ويرى خبراء قانون أنه سيطبق على المستشار هشام جنينة رئيس جهاز المحاسبات، أكبر وأعلى نسبة رفض مقارنة بكل القوانين التي مررها البرلمان منذ انعقاده، حيث رفض 134 نائباً، وامتنع 13 نائباً عن التصويت فيما وافق 328 نائباً بنسبة 69.5%، ليجري تمرير القانون بأغلبية الثلثين.

وأقرّ مجلس النواب حزمة من القرارات بقوانين الصادرة قبل انعقاده، وعلى رأسها قانون الانتخابات الرئاسية والقضاء العسكري وتعديلات قانوني العقوبات والدستورية العليا، فيما أرجأ المجلس مناقشة قانوني الحقوق السياسية ومجلس النواب، وناقش خلال الجلسة المسائية قانون الخدمة المدنية.

كذلك وافق مجلس النواب، في جلسته اليوم، على قانون رقم 8 لسنة 2015، بشأن تنظيم الكيانات الإرهابية، وذلك بأغلبية ثلثي أعضاء البرلمان، حيث وافق عليه 439 عضواً من عدد الحضور ال466، وطالب أحد النواب بمصادرة أموال الإرهابيين وليس تجميدها فقط.
وشهدت مناقشة قرار رئيس الجمهورية رقم 106 لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام "قانون تنظيم السجون العامة" بتأييد 344 ورفض 17 عضواً فيما امتنع 3 أعضاء عن التصويت، منهم نوّاب حزب "النور" السلفي.

وبرّر النائب أحمد خليل، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب النور، رفضهم للقانون بقوله: "المجلس القومي لحقوق الإنسان تم تعجيزه وتعطيله من زيارات السجون لذلك نعترض على هذا القانون".

وتضمن القانون الذي تمت الموافقة عليه جواز قيام "قوات السجن باستعمال القوة مع المسجون دفاعاً عن أنفسهم أو في حالة محاولة الفرار أو المقاومة الجسدية بالقوة أو الامتناع عن تنفيذ أمر يستند إلى القانون أو لوائح السجن"، والتصريح لممثلي السفارات والقناصل بزيارة المسجونين المنتمين لجنسية الدول التي يمثلونها.
كما تضمن التصريح للمحبوس احتياطياً بالإقامة في غرفة مؤثثة مقابل مبلغ يحدّده مساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون لا يقلُّ عن 15 جنيهاً يومياً، ما أثار جدلاً.

تعليمات عليا بالتمرير
وبحسب صحيفة هافنغتون بوست عربي اعترف نواب بالبرلمان رفضوا ذكر أسمائهم، أن اللواء سامح سيف اليزل، رئيس ائتلاف «دعم مصر»، طلب من أعضاء الائتلاف (430 نائباً) تسريع الموافقة على القوانين الصادرة في السيسي، و منصور، خلال جلسة اليوم.
وقالوا إن هذا سبب حرص النواب على الحضور بينما غاب آخرون، حيث حضر اليوم للمجلس قرابة 450 نائباً فقط وغاب أكثر من 100، حيث صدرت تعليمات لنواب الأحزاب المشاركة في الائتلاف، والنواب المستقلين، للتأكيد على حضورهم وتمرير القوانين قبل مهلة يوم 25 يناير المقبل المحددة في الدستور وذكرى الثورة.

وبدأ المجلس جلساته يوم 10 يناير الجاري ما يعني أن أمامه مهلةً حتى 26 يناير المقبل، ولكن كتلة "دعم مصر" تسعى لتمرير كافة القانونين قبل يوم 24 يناير تحسُّباً للتشديدات الأمنية يوم 25 يناير ذكرى الثورة.

سخرية لاذعة
الكاتب الصحفي جمال عرفة تهكم على سلق القوانين بطريقته الخاصة، مؤكدا بلغة عامية أنه كلما أغمض عينه وفتحها وجد النواب وافق على قانون جديد، واصفا ذلك باليوم التاريخي.. وواصل سخريته بأن النواب «عليهم واجب مدرسي رهيب.. يحلوا 430 قانون في 15 يوما.. مضيفًا «لا فارقة معاهم قانون مهم ولا خطير.. كله موافقة».

ويمضى عرفة في سخريته مضيفا «حتى السيد "عبد العال".. قال لهم وهو يحثهم على سرعة التصويت على أحد القوانين": "مفروض تصوتوا في ثانية مش في نص دقيقة"»!

واختتم تدوينة له مساء اليوم على حسابه الخاص على مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: «موسوعة جينز بقى!».. في إشارة ساخرة إلى المشهد العبثي الذي يصدق مقولة الشيخ حازم "ستصبح مصر أضحوكة بين الأمم».