د/ إبراهيم كامل :
 
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الصادق الأمين وبعد :


وبعد أن ذكرنا المبادرات التي كُلِّف بها الشيخ حسان ليستبيح بها عقول الأميين في مصرنا السجينة وماأكثر هؤلاء في المجتمع المصري وربما حاملين لأعلى الشهادات وكلنا يعلم أن سلامة القلوب بيد الله وحده  حيث يقول الله تعالى " واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه " كما نسأله تعالى بمنه وكرمه ان لآيسكن قلبنا إلآ هو وأن لايجعل للشيطان ولاللهوى أوالنفس حظا فيه ولاسبيلا وأ، لايحول بيننا وبين الله شيء


 وبداية أقول للشيخ حسان وأمثاله والذين هم في فلك الشيطان السيسي يهيمون :


هل رقَّ لكم قلب من قبل لمايحدث للأمة من قرصنة عالمية على دين الله تعالى خاصة في مصرنا الأسيرة .. هل بكيتم على من انتُهِك عرضهن من بناتنا الطاهرات المسجونات في سجونكم ... هل بكيتم على أم قتلها الفجرة في ميدان رابعة وهي تُرضع طفلها ...هل بكيتم على من دهسوه وهو ساجد في ميدان النهضة حيث لم يجد الأمان إلا بين يدي رب العالمين ... هل بكيتم على كل هؤلاء الشهداء الذين جرفتوهم وحرَّقتوهم   بسبب فتواكم المضلة أوسكوتكم عن الحق في لقطة لن ينساها التاريخ أبدا لكم  إلى اليوم الذي فيه تقفون عرايا بين يدي الجبار حيث سيحمل المقتول رقبته وهو يشجب دما ويقول يارب " سل هؤلاء فيما قتلوني ولماذا قتلوني " وهو المسلسل الذي انتهجه الفلوليون والانقلابيون ضد نبي الله إبراهيم عليه السلام " قالوا حرِّقوه وانصروا آلهتكم " ... لكنم بكيتم على من قُتِل من أشياعكم وبتدبير من مخابراتكم والمؤمنون بريئون من كل هذا وذاك وقد التزموا السلمية حتى النصر أوالشهادة .... لقد بكيتم على جنودهم المغرر بهم بل وعلى النائب العام الانقلابي وغيره وصحتم في الناس وكأن الناس هم القتلة الفعليون ... لاأملك إلا أن أقول لكم أي قلب تحملون من هذه القلوب ... وكما وصفها لنا الإمام ابن القيم : القلْب الأول قلب خالٍ من الإيمان وجميع الخير، فذلك قلبٌ مظلم قد استراح الشيطانُ مِن إلْقاء الوساوس إليه؛ لأنه قد اتَّخذ بيتًا ووطنًا وتحكَّم فيه بما يُريد، وتمكَّن منه غايةَ التمكُّن ...  القلب الثاني: قلب قدِ استنار بنور الإيمان وأوقد فيه مصباحه، لكن عليه ظُلمة الشهوات وعواصِف الأهوية، فللشيطان هنالك إقبالٌ وإدبار، ومجالاتٌ ومطامع، فالحرْب دُول وسِجالا....  القلب الثالث: قلب محشو بالإيمان قدِ استنار بنور الإيمان، وانقشعتْ عنه حجب الشهوات، وأقلعتْ عنه تلك الظلمات، فلنوره في صدرِه إشراق؛ ولذلك الإشراق إيقاد لو دنَا منه الوسواس احترَق به، فهو كالسَّماء التي حُرِستْ بالنجوم، فلو دنا منها الشيطانُ يتخطَّاها رُجِم فاحترق"؛ "الكلم الطيب . أجيبوا أنتم الإمام ابن القيم فقد كنتم تكثرون من ذكره وهو سيجيبكم بأدلته . والآن ياشيوخ السلطان أما علمتم بأن الله رابعكم وأنتم تكيدون للمؤمنين بهذه المبادرات " مايكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم .... إن الله بكل شيء عليم وأتوجه إليكم بهذا السؤال :


أيهما الأعز لكم تكريما ولقبا في الدنيا والآخرة : سلطان العلماء أم علماء السلطان ؟


العز بن عبدالسلام رحمه الله من أصول مغربية واستقر في الشام يأمر وينهى لله وحده ولم تفلح معه إغراءات السيسيين أوقنوات الفلوليين الانقلابيين وسجنوه وأخرجوه كما قال المجرمون من قبل " أخرجوا آل لوط " وليس هذا فحسب بل عندما رأى الظلم من حاشية الحاكم ذهب فورا إلى الحاكم لأنه الراعي والمسئول أمام الله تعالى " كلكم راع ومسئول عن رعيته " حيث أمر الحاكم بإغلاق حوانيت الخمور والقمار وغيرها رغم أن الحاكم قال له لاأدري عن هذا الخبر شيئا ثم أمر بإغلاقها فورا ولماذا أذهب بكم بعيدا فالأسبوع الماضي فقط صاح أحد الشيوخ الشباب في خطبة في أحد شوارع البحيرين وحضره الآلاف وهو يعنف ملك البحرين عيسى بن حمد ويخوفه بالوقوف بين يدي الله تعالى وعن الخمور وموائدها وبمجرد نهاية خطبته صدر قرار مفاجيء بتحريم الخمور في البلاد وعلى كل الرحلات الجوية . 


وذًكر للعز بن عبدالسلام أن بعض أمراء المماليك (في عهد نجم الدين أيوب) لم يثبت أنهم أحرار وأنهم لازالوا أرقاء وبالتالي لا تصلح ولايتهم ولا تقبل تصرفاتهم مالم يحرروا فأخبرهم بذلك، فعظم الخطب واحتدم الأمر والشيخ مصمم أشد التصميم على أنه لا يصح لهم شئ، لا بيع ولا شراء ولا نكاح، وتعطلت مصالحهم بذلك، وكان من جملتهم نائب السلطان، فغضب غضبا شديد، فاجتمعوا وأرسلوا إليه فقال لهم: يجب أن نعقد لكم مجلسا وينادى عليكم لبيت مال المسلمين، ويحصل عتقكم بطريق شرعي فرفعوا الأمر إلى السلطان فبعث إليه، لكن الإمام أبى الرجوع عن قراره، فأنكر السلطان على الإمام فَتْحَه هذا الملف لأنه غير معني به في نظره، لكن الشيخ غضب وخرج من القاهرة قاصدا الشام، فلم يلبث أن خرج حتى لحقه أغلب المسلمين لا سيما العلماء والصلحاء والتجار، فبلغ السلطان الخبر، وقيل له: متى راح ذهب ملكُك ! فركب السلطان بنفسه ولحقه واسترضاه وطيب خاطره، فرجع الإمام واتقفوا معه أن ينادى على الأمراء لبيعهم حتى يحرَّروا وحاول نائب السلطان أن يلاطفه ويشتريه فلم يلوِ على شئ، فانزعج النائب وقال: كيف ينادي علينا هذا الشيخ ويبيعنا ونحن ملوك الأرض؟ والله لأضربنه بسيفي هذا فركب بنفسه في موكبه وجاء إلى بيت الشيخ والسيف مسلول في يده فطرق الباب، فخرج ابن الشيخ فرأى من نائب السلطان ما رأى، فعاد إلى أبيه وأخبره بما رأى، فلم يكثرت الإمام لذلك، وقال: يا ولدي! أبوك أقل من أن يُقتل في سبيل الله! ثم خرج الإمام فحين وقع بصره على النائب سقط السيف من يده وأرعدت مفاصله فبكى، وأخذ يسأل الشيخ أن يدعو له، وتنازل لرغبة الإمام فقال: أنادي عليكم وأبيعكم، قال: ففيم تصرف ثمننا؟ قال: في مصالح المسلمين. قال: من يقبضه؟ قال: أنا (باعتباره القاضي). فتم له ما أراد، ونادى على الأمراء واحدا واحدا وغالى في ثمنهم ماداموا أغنياء لأن ذلك المال سيستفيد منه الفقراء، وقبضه بالفعل وصرفه في وجوه الخير. ومن هنا أطلق عليه لقب: "بائع الملوك "


كانت للإمام العز مواقف كبيرة في جهاد التتار، فقد رفض أن يتحمل الشعب وحده نفقات الجهاد، وهو يعلم أن السلطان ورجاله لديهم الأموال الكافية لذلك فقال: إذا هجم العدو على بلاد المسلمين وجب قتالهم، وجاز لكم أن تأخذوا من الرعية ما تستعينون به على جهادكم بشرط ألا يبقى في بيت المال شيء، وأن يؤخذ كل ما لدى السلطان والأمراء من أموال وذهب وجواهر وحلي، وأما أخذ أموال الناس مع بقاء ما عند السلطان والأمراء من الأموال فلا شارك إمامنا العز بنفسه في الجهاد ضد العدو التتري، وقد كان دائما يحرض السلطان "قطز" على حرب التتار حتى كتب الله لهم النصر عليهم في عين جالوت سنة 658 هـــ .


أما علماء السلطان فأولئك هم اللصوص قال سعيد بن المسيب: إذا رأيتم العالم يغشى الأمراء فاحذروا منه فإنه لص و قالل الفضيل بن عياض : ( إذا رأيت العالم يتردد على أبواب السلاطين فاعلم أنه لص ) وقال صلى الله عليه وسلم  حيث قال صلى الله عليه وسلم " من بدا جفا ، ومن اتبع الصيد غفل ، ومن أتى أبواب السلاطين افتتن ، وما ازداد أحد من السلطان قرباً إلا ازداد من الله بعداً "صححه الألباني وعندما أرسل الخليفة العباسي المستعصم بالله الإمام محي الدين ابن الجوزي إلى سيسي زمانه السلطان جلال الدين منكبرتي بعد استباحته لإحدى مدن المسلمين ، فلما دخل ابن الجوزي عليه وجد السلطان جلال الدين يبكي وبين يديه المصحف ، محاولاً خداع ابن الجوزي , فصاح ابن الجوزي في وجهه وقال له : " تقرأ في المصحف وتبكي ، وأنت تفعل بالمسلمين ما تفعل ، لقد قتلت عشرين ألف مسلم ، وسبيت نسائهم ، وفعلت ما فعلت ؟ " ووقف إمام المحدثين محمد بن شهاب الزهري للخليفة هشام بن عبدالملك كما ذكر ذلك الذهبي في السير لما قال له : من الذي تولى كبره منهم ؟ فقال : هو عبد الله بن أبيّ قال : كذبت هو علي بن أبي طالب ، فقال الزهري : أنا اكذب ( لا أبا لك ) فو الله لو نادى مناد من السماء إن الله أحل الكذب ما كذبت ، حدثني سعيد وعروة وعبيد وعلقمة بن وقاص عن عائشة أن الذي تولى كبره عبد الله بن أبيّ ويُحكى أن أحد العلماء من السلف "تكلَّم على أمير المؤمنين بما لا يُعجبه ويرضيه أمام الرعية، فأمر حاشيتَه أن يعزلوه عن وظيفته، قالوا: ليس له وظيفة يا أمير المؤمنين، قال: احرموه من العطايا، قالوا: لا يأخذ عطايا، قال: إذًا أوقِفوا عنه الهبات، قالوا: لم يأخذ هبةً قط، قال: امنعوا عنه الأموال من بيت مال المسلمين، قالوا: لا يأخذ شيئًا يا أمير المؤمنين، فاستشاط غضبًا وقال: إذًا كيف يأكل؟! قيل له لديه حِرفة يكسب منها .


وأخيرا سأعرض عليكم شاهدا عليكم من كتاب الله الذين تحملوه وتتلونه كل صلاة ألا وهو قوله تعالى " فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها " فالذي قتل الناقة شخص واحد " فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر " والذي شارك في التخطيط والتحريض هو المجلس العسكري الانقلابي وكان عددهم تسعة " وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون ولايصلحون " فهل نزل عليهم فقط عقاب الله تعالى ؟ لا بل نزل العقاب على القاتل والمحرض والمخطط والشامت والساكت والراصي " فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين " وأترككم أمام قوله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ " الأنفال


واعلم ياشيخ حسان أن غاية أهل الشرعية واحدة وهي إرضاء الله تعالى ودخول جناته وليس النصر في حد ذاته لأنها هذه هي الأخرى المقصودة في قوله تعالى " ياأيها الذين آمنوا هللا أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ...... وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين "  ومن هذا الفهم العميق للآية  يواصلون فإن أدركهم النصر فبها ونعمت وإن نالوا الشهادة فهذا هو غاية المنى لكن لن ينثني أحدهم أويخضع لباطل لأن شيوخهم وقادتهم علموهم أن السبابة التي تقر بالوحدانية لله لن تقر أبدا لطاغوت ولن تسجد الجبهة لغير خالقها ومن مات دون حقه فهو شهيد " نعم الميتة أن يموت الرجل دون حقه " ذكرها الألباني في السلسلة الصحيحة وقال صلى الله عليه وسلم " " من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد " الترمذي بسند صحيح وقال صلى الله عليه وسلم " من قتل دون مظلمته فهو شهيد " صحه الألباني . ونسأل الله لي ولكم الهداية فالموت لايؤجَّل " ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها " ومن نعم الله أن باب التوبة مقتوح وأمامكم فرصة العمر لتعودوا للحق والرشد عندما تعلنوا كلمة الحق أمام السيسي الجائر والحمد لله رب العالمين .
 
 

 

المقالات المنشورة في نافذة مصر تعبر عن رأي كتابها، ولاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع