عزت النمر :


لله در الإخوان المسلمين ..
ما أحلمهم .. ما أوسع صبرهم .. من أين أتوا بهذه الصدور الرحبة الحالمة ؟
ماذا عليهم في تحمل كل هذا العبء ؟ .. ماذا ينتظرون ؟
لا يعلم كثير من الناس طيب مطلبهم ونبل مقصدهم ؟ .. لم يشكرهم الناس .. ولن يشكروهم !!.
مازال البعض يلعنهم ويحض عليهم ويساند كل صيحة عليهم .. أليس كذلك ؟!!
ماذا لو تركوا هذا الذي يعتبروه واجباً فرضوه على أنفسهم .. طالما لا يروق للناس ولا يُقدِّروه !! ..
يتحملون مالا تطيقه الجبال الرواسي .. ومع ذلك لا هدف يتحقق ولا غنيمة تُنال ولا رسالة تثبت ..
الحديث عن الأجر حديث حق من غير شك .. لكن إلى  متى نغلق أبواب الأجر على المشقة والعنت والابتلاء ؟!!
ما هذا ؟!.
إنه حديث حق تسرب اليه شيئٌ من الباطل والضعف ..
إن أداء الواجب عند أصحاب الرسالات لا يرتبط برضا الناس ..
انها مرحلة تكون وتتكرر في حياة الرساليين .. يجتمع فيها على صاحب المبدأ ظلم الظالمين وجهل المظلومين.
آلام وإحن تلك المرحلة تجعلها ثقيلة على أولئك الأخيار, لكنها لا تغير مسارهم أو تنال من ثقتهم في منهاجهم أو تقعد بهم عن مواصلة الطريق للبحث عن عبادة أخرى أو رسالة وادعة آمنه.
فقط يسألون لأقوامهم الهداية ضارعين رب اهدِ قومنا فإنهم لا يعلمون.
النفوس المطمئنة الفاهمة تعي أن المناهج الرسالية لا تُقَيَّم من خلال إنتصارات أو مغانم , ولا تعتبر نجاة التنظيم أو الأفراد هدفاً أو غاية.
هنيئاً لمن لا ينظر إلا إلى  السماء.. فتمتلئ نفسه بسابقة من الحمد وواصلة من الرضا ويفيض على قلبه من برد اليقين وجذوة العمل في حماسة وأمل.
لكن..
ماذا بعد لكن ؟!..
هناك حقيقة أخرى واجبة لا تقلل من ذلك أو تشكك فيه.
أنها المراجعة .. فقط تحتاج إلى نية مخلصة وتجرد وافي فتصبح عبادة الوقت وجهاد المرحلة.
يقوم بها البعض ويهنأ بثمراتها المجموع ..
سؤال نديره مع أنفسنا بمنتهى البساطة والأدب .. ربما نحتاج اليه .. أو لعله يجلب نفعاً.
هل نحن في الطريق الصحيح ؟..
هناك ما هو صواب .. وهناك ما هو أصوب وأنجع .. في أيهما نحن ؟!.
هل لدينا ما يستدعي المراجعة والتوقف ؟..
ما كل هذا الارتطام والتصادم الذي نلقاه ؟ .. ما لأيامنا قاسية جاحدة ؟
نعم حُفَّت الجنة بالمكاره .. نعم الابتلاء من سنن الدعوات و"قد" يكون علامة صحة الطريق .. لكن هل هذا التكرار يستدعي المراجعة والتفكر؟!..
هل قسوة واقعنا تدعونا لمراجعة واجبة .. في ماذا ؟.
مراجعة في الأهداف أم في الوسائل أم تراتيبية المراحل ؟!
هل نحن تخطينا مراحل واجبة .. فكان ما نلقاه من الأذى عقوبة لأننا تنكبنا مراحل منهاجاً قويماً ؟!..
هل كان حرق المراحل بقرار قادتنا أم بظرف الوقت وضغط الواقع .. واستجابة لمتغيرات وتحقيقاً لمغانم ؟!..
ها هو الزمن جرى ودالت الأيام وأصبحنا في ما نحن فيه .. ما الذي تحقق وأين المغنم ؟!..
إحترام المنهج يعني ألا نترك الأحداث تُغير بوصلتنا .. ما بين الاحترام والتقديس فارق كبير ..
الزمن يتغير والواقع موار .. وحتماً يتوجب دورياً المراجعة وإعمال الفكر وإعادة النظرة ..
الثبات على المبادئ الكلية .. أكيد يختلف عن المراوحة في الأفكار والوسائل والأهداف المرحلية ..
الأولى فضيلة واجبة .. والمراوحة ليس إلا خطيئة قد تجر العقوبة والقروح والتغييب والصدمات ..
مالذي يتوجب علينا الآن ؟!.. ما الذي نحتاجه في ساعتنا ولحظتنا ؟!..
لا شك أن للوقت فريضة طوبى لمن أدركها وأداها .. ما هي ؟!..
انها آلية التطوير الذاتي ، وديناميكية الدفع والإنطلاق .. منهجية التنمية المستدامة ..
لسنا في حاجة إلى  مزيد شعارات .. ولا تنقصنا ألفاظ فخمة وعبارات منمقة وكلمات ..
ألقِ من في يمينك .. فَسِر ما تقول .. لا تتركني للتهويمات والتأويلات ..
إما الصمت , وإما داوني بخطة واضحة ذات مراحل وخطوات .. ولا تُكثر عليَّ ..
واحذر .. لن أتحمل مزيد صدمات .. ارحمني من تخبط جديد أو ارتطامات ..
لا .. لا تتوقف .. لا تصمت .. أنا في حاجة أن أسمع نصيحتك ..
فقط جدد نيتك وحرر نصيحتك .. وهات ما عندك .. تكلم ..
الله المستعان .. منه العون وعليه التكلان ..
هذه فكرتي .. أو خطتي .. سمها ما شئت
•    أولاً .. أن تعرفوا من أنتم ؟!.. فلا تصغروا في عين أنفسكم .. أنتم والله كثير.. ومنهاجكم قويم
صديق شامت .. رفيق حاقد .. أنظمة تمكر.. دول تتربص .. أمم تخطط .. مؤسسات دولية تؤلب عليكم وتحاربكم ..
ومع ذلك .. مازال العالم كله يخشى صولتكم ويخاف هبتكم وترعبه عودتكم ..
•    ثانياً .. أن تعرفوا قدر ما بين أيديكم .. والكنز التي تملكون .. وميراثكم الخالد من دعوتكم الوارفة وأئمتكم الخالدين
وتتدبروا أسمكم أيها "الإخوان ""المسلمون" لإنه مقصود.. فإن من أعز ما تملكون هو إسلامكم وأخوتكم ..
إستبقوا إسلامكم بإخوتكم .. استبقوا أخوتكم بإسلامكم ولإسلامكم ..
هذه الأخوة الإسلامية فريضة ربانية وواجب أخلاقى والتزام حركي .. وصمام أمان لكم ولوطنكم وأمتكم ..
•    ثالثاً عليكم إعادة تدوير رصيدكم الوافر من الكفاءات الباقية الحالية .. كلٌ في تخصصهم يوزعون
للسياسة أهلها .. والاجتماع باحثوه .. الدعوة شيوخها.. وللحركة قادتها .. للتنظيم جنوده .. وللفكر منظروه .. وللاقتصاد خبراؤه 
وليعكف كل فريق على مراجعة صادقة عميقة لمسار العقود الأربع السابقة وليس فقط الاعوام الثلاث أو الخمس الماضية !!.
فيم شاركنا ولماذا ؟.. وما استهدفنا من هذا ؟ وماذا تحقق ؟ ما الذي افتقدناه ؟ ماذا كان يجب أن يكون ؟
في صراعنا المكتوم مع أنظمة ظالمة .. في مشاركتنا السياسية .. في انتاجنا الفكري .. في متحصلاتنا الدعوية وتأثيراتنا الاجتماعية.
في تعاطينا مع نخبة الوطن أو هكذا يسمونها .. من يُطلق عليهم مجازاً المثقفين .. المؤثرين والموجهين ..
أقسامنا .. لجان البر .. البنات والأخوات .. التربية والتكوين .. الطلبة والشباب .. نشر الدعوة .. الإعلام والسياسة .. الفكر والثقافة ....
تواجدنا في مواقع كثيرة وكان لنا أثر لا يُنكَر .. ولكن لما وقعت الواقعة افتقدنا مواقع ربما أشد أثراً وأعمق خطراً.
كان لنا عذر مقبول حيث لم تتح لنا فرصة عدم امتلاك مصادر القوة .. ولكننا لم نتسلل بهدوء لمنصاتها وكتائبها ودواوينها وسفاراتها.
هل عرفنا طبقات شعبنا وشرائحه حقاً ؟ .. هل استهدفنا وعيه وثقافته وفكره؟ .. أم أسرفنا في تسمينه وإطعامه؟
•    يتوجب على هذه المجامع التخصصية أن تستجمع خبراتها وإخلاصها وتُجيب باحترافية على كل هذه التساؤلات وغيرها,,
مع التأكيد على أن البحث والمراجعة ليس لاستهداف أشخاص أو تصفية حسابات أو استخراج عكارات النفوس أو نكأ جراح أو سل سيوف الإنتقام والتشهير, ولكن يجب أن تكون المراجعة استدراكاً وسبيلاً للإنطلاق واستهدافاً للمستقبل .. وليس للمراوحة في مرارات الماضي.
•    وأخيراً .. ماسبق لا يعدو كونه خواطر وأفكار منها الصالح النافع ومنها ما هو دون ذلك , لكنها قد تكون مقدمة لأهل الخبرة والتجربة للإختيار منها أو تصويبها , ولعلهم يصلوا من خلاها إلى  جديد نافع تستفيد منه شورى طاهرة مباركة.
هي محاولتي إذن في النصح والإرشاد أحتسب فيها نية خالصة وأقدم بين يديها إعتذاراً فربما يكون قد طاش الجهد ..

@EZZATNEMER
[email protected]
https://www.facebook.com/ezzat.elnemr.9
 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها فقط ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع