المستشار / عماد أبو هاشم :


خطاب السيسى الذى طالب بإذاعته فى إسرائيل و الذى يتحدث فيه عن سعيه لتحقيق السلام الشامل بين العرب و اليهود يحمل تلميحاتٍ سخيفةً بالتنازل عن سيناء كوطنٍ بديلٍ للفلسطينيين ، و هو ما يعنى أن تدفع مصر وحدها فاتورة التسوية النهائية للقضية الفلسطينية فتنعم إسرائيل ـ دون منازعٍ أو شريكٍ ـ بكامل الأرض الفلسطينية بما فيها القدس المحتلة دون أن تخسر شيئًا تقدمه للعرب .


بالطبع أنا و أنتم لا نمانع أن تدفع مصر حتى آخر نقطةٍ فى دماء أبنائها ثمن التشرف بتحرير فلسطين و استعادة القدس ، بل إن هذا ما نحرص عليه و نتوق إليه ، إن الدماء هى أسمى ما يمكننا أن نجود به لبلاد أولى القبلتين و ثالث الحرمين الشريفين لأننا نملك بذلها دفاعًا عن أرضنا و مقدساتنا ، أما الأرض المصرية فليس بوسعنا أن نتنازل عنها لأن ملكيتها ليست خالصةً لنا وحدنا بل تشاركنا فيها الأجيال القادمة إلى أن تقوم الساعة .


التنازل عن سيناء كوطنٍ بديلٍ للفلسطينيين يعنى ـ ضمنًا ـ أن يتنازل العرب و الفلسطينيون عن كامل أرض فلسطين لليهود ، و أن يتركوا المسجد الأقصى مقابل أمتارٍ فى سيناء يأوون إليها ، فبئست المساومة و بئس من يروج لها ، إنهم يريدوننا أن نقايض أرضنا بأرضٍ أخرى مملوكةٍ لنا أيضًا ، يريدوننا أن نَغْرَمَ أرضنا و مقدساتنا و كل شئٍ تَبَقَّى لنا ليغنم أعداؤنا ـ وحدهم ـ كل شئٍ .


إن الفلسطينيين ـ أيضًا ـ لا يملكون حق التنازل عن أرضهم أو مقايضة الأعداء عليها ؛ لأن هذا الحق ليس خالصًا لهم بل يشاركهم فيه كل من يشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدًا رسول الله سواءٌ مَنْ أدرك عصرنا هذا أم مَنْ سيولد على كلمة التوحيد من الأجيال القادمة ، بالإضافة إلى أن قبول تلك المساومة يعنى تمييع قضية الجهاد لاسترداد الأرض و المقدسات و تحويل غايتها إلى مجرد البحث عن سبيلٍ لحياةٍ لا تخلتف كثيرًا عن حياة البهائم و الأنعام .


لقد اجتبى الله أهل فلسطين بشرف سدانة المسجد الأقصى ، فهم أمناء مستخلفون عليه ، و الأمين مجرد حارسٍ لأمانته يردها كما استلمها إلى صاحبها أو يعهد بها إلى من يحافظ عليها مِنْ بعده لا ينقص منها شيئًا و لا يفرط فيها مثفال ذرةٍ ، من أجل هذا سالت دماءٌ زكيةٌ صدق أصحابها ما عاهدوا الله عليه فقضوا نحبهم فى سبيل الله ما فرطوا و ما خانوا ، و مَنْ ينتظر من المسلمين فى فلسطين و فى شتى بقاع الأرض ممن صدقوا ما عاهدوا الله عليه لن يفرطوا و لن يخونوا أماناتهم أبدًا ، بل هم على درب من سبقهم ممن رضى الله عنهم و أرضاهم.

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها فقط ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع