بقلم / محمد عبد الرحمن صادق

 

تحدثنا في الجزء الأول من هذا الموضوع بفضل الله تعالى ورحمته عن : -

- البشرى التي يلقيها الله تعالى في قلوب من يستحق من عباده ليزدادوا ثقة وإيماناً ويقيناً .
- كما تحدثنا عن نهج النبي صلى الله عليه وسلم في غرس هذه الفضيلة في نفوس صحابته الكرام .
- وكذلك تحدثنا عن بعض الموجبات التي بها ينزل الله تعالى البشرى على من يشاء الله من عباده .
- وفي هذا الجزء إن شاء الله تعالى سنتطرق لباقي الموجبات ، داعين المولى عز وجل أن يجعلنا وإياكم من أهلها .

رابعاً : البشرى تتنزل على من حقق في نفسه شروط الصابرين التي ارتضاها الله تعالى لعباده :

- قال تعالى : " وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ {155} الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ {156} " ( البقرة 155 – 156 ) .


خامساً : البشرى تتنزل على من حقق في نفسه شروط الإخبات التي ارتضاها الله تعالى لعباده :

- قال تعالى : " وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ {34} " ( الحج 34 )( الإخبات هو: الخشوع والتواضع والاطمئنان لله تعالى ).

سادساً : البشرى تتنزل على من حقق في نفسه شروط المجاهدين التي ارتضاها الله تعالى لعباده :


- قال تعالى : " بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ {125} وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ {126} " ( آل عمران 125 – 126 ) .
- قال تعالى : " وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ {169} فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ {170} يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ {171} الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ {172} الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ {173}‏ فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ {174} إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {175} " ( آل عمران 169 – 175 ) .


سابعاً : البشرى تتنزل على من حقق في نفسه شروط الإنابة والاستجابة والإتباع :


- قال تعالى : " وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ {17} الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ {18} " ( الزمر 17 – 18 ) . - فمن اجتهد أن يحقق في نفسه هذه الشروط ، وتوجه إلى الله تعالى مُخلصاً ، يقذف الله تعالى في قلبه من السكينة والطمأنينة والثقة والرضا واليقين ما يجعله يواجه تقلبات الحياة وكدرها بنفس راضية مُحتسبة مُطمئنة . فلا يجزع من قضاء الله ، ولا يسخط ، ولا يتشكي ، بل يكون ثابتاً كالجبل الأشم ، فيبعث الله تعالى به في نفوس الآخرين الثقة والطمأنينة والأنس واليقين .


ثامناً : نماذج من بشريات الله تعالى لمن أخذوا بأسبابها :


- قال تعالى : " اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ {48}" ( الروم 48 ) . - قال تعالى : " فَلَمَّا أَن جَاء الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {96} " ( يوسف 96 ) .
- قال تعالى : " وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {46} " ( الروم 46 ) .
- قال تعالى : " سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ {109} كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ {110} إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ {111} وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ {112} " ( الصافات 109 – 112 ) .
- ومن هذه الآيات نعلم أن قدرة الله تعالى ومشيئته لا يمنعها مانع ولا تحدها حدود ولا تقف أمامها نواميس الكون ولا قوانين البشر .


تاسعاً : البشرى يحجبها الله عن كل من جحد وأجرم في حق الله وفي حق نفسه وفي حق العباد :


- قال تعالى : " وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوّاً كَبِيراً {21} يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً {22} وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً {23} " ( الفرقان 21 – 23 ) .
- ومن أعرض عن ذكر الله تعالى ، ولم يعتبر بسنة الله تعالى في كونه ، ولا بقضائه في خلقه ، تجده مُضطرباً حيراناً ، لا يهدأ له بال ، ولا تقر له عين . تراه وقد نزع الله تعالى السكينة من قلبه فيجزع من أضعف الأشياء ، ويضطرب حاله مع كل نازلة ومع كل نائبة . فترى صدره ضيقاً حرجاً ، بل ترى الله تعالى يبعث عليه الموت من كل مكان وما هو بميت زيادة في القلق والاضطراب والتشتت فيتمنى الموت ولا يجده .


- عاشراً : نماذج من وعيد الله تعالى بشقاء وهلاك من يحاد الله ورسوله ويحارب أوليائه :


- قال تعالى : " وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ {3} " ( التوبة 3 ) .
- قال تعالى : " وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ {45} " ( الزمر 45 ) .
- فالعذاب الأليم ، والخسران المبين ، والشقاء الأزلي ، جزاء كل من أعرض عن ذكر الله ، وكل من أبى واستكبر ، وكل من وقف ضد نواميس الله الغلابة .
- وختاماً : حق لنا أن نسأل : لمن البشرى اليوم ؟
- البشرى اليوم لمن اتخذ طريق الله سبيلاً .
- البشرى اليوم لمن تعلق قلبه بالله وأخلص لله .
- البشرى اليوم لمن استكمل في نفسه ما أراده الله لعباده من كل خلق قويم .
- البشرى اليوم لمن هذب نفسه وأبعدها عن سبيل الشيطان الرجيم .
- البشرى اليوم لمن صبر وصابر ورابط واتقى الله تعالى في كل حركاته وسكناته .
------------------------------------------------------
اللهم اربط على قلوبنا ، وبشرنا بما يسرنا . اللهم لا ترفع عنا سترك ، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك إنك ولي ذلك والقادر عليه .


المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها فقط ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع