14/04/2011

اعتبر أكاديميون عرب يعيشون في الغرب أن استعمال مستشرقين وإعلاميين غربيين لمصطلحات استلهموها من الثورات العربية دليل على تفاعل هذه الثورات بدائرة التأثير والتأثر بين الحضارات.

ومن خلال متابعة مراقبين للساحة الإعلامية والأدبية في الغرب يتضح أن مصطلحات جديدة استلهمت مؤخرا من الثورات العربية مثل "تحرير، وحرية، وارحل، وثورة" اقتحمت قواميس المفردات الغربية.

وتناقلت وسائل إعلام مرئية ومسموعة ومقروءة هذه المفردات التي تتردد على ألسنة المحتجين في ساحات التحرير والتغيير والحرية لقوة دلالتها رغم وجود مرادفاتها في اللغات الأخرى.

تفاعل غربي

وأوضح أستاذ اللغة العربية وآدابها في جامعة ليدن أسعد جابر للجزيرة نت أن المدارس الاستشراقية في أوروبا تفاعلت مع المتغيرات في العالم العربي وبدأ يتضح في أدبياتها من خلال إدخال مفردات عربية رفعت مع هذه الثورات.

وبين جابر أن هذه المدارس -التي ظلت تنظر إلى العالم العربي على أنه جسم راكد- تراجع اليوم رؤيتها اعتمادا على ما تشهده الساحة، قائلا "الاستشراق يقف عند نقطة هُم مثلنا" في إشارة إلى تراجع الصورة السيئة التي كانوا يحملونها عن العرب.

وأوضح أن الأحداث الكبرى تصدّر لغتها ومصطلحاتها قائلا "مثلما اقتحمت المعجم الغربي مصطلحات من قبل مثل انتفاضة الآن تدخل مصطلحات جديدة صنعتها الثورات العربية".

دلالات

وعن الأبعاد الدلالية لهذا التمازج اللغوي قال رئيس جامعة ابن رشد الإلكترونية تيسير الآلوسي "حركات التغيير الكبرى تفرض منطقها وتأثيراتها وتشحذ وعي الإنسان وتوسع مداركه ومعجمه الفكري الثقافي".

وبين الآلوسي أن مثل هذه المصطلحات الواردة للقاموس الغربي ليست مجرد مفردات معجمية جامدة أو فارغة ولكنها تعبير عن حراك شعبي حقوقي منتج لتحولات جوهرية في حياة دول المنطقة وشعوبها.

وأضاف أن هذه المصطلحات تدفع لإزاحة مصطلحات كانت تهدف للتخويف مما هو قادم من الشرق مثل القاعدة والشريعة والفتنة والجهاد وغيرها من المصطلحات التي تترسخ في مخيلة الغربيين على أن أصحابها يدفعون لاستيلاد العنف والتخلف.

آفاق وتحذير

وعن آفاق هذا التفاعل بين الشرق والغرب قال الآلوسي "باعتقادي إن هذا سيمنح الديمقراطية نفسها بوصفها آلية للنظم الاجتماعية السياسية بالمعنى الواسع دفعا جديدا وروحا فاعلا آخر على المستوى الأممي. ولربما احتجنا إلى تغذية جديدة للمعجم السياسي في تسجيل معطيات جديدة على وفق المتغيرات الجارية".

ودعا المجتمعات الغربية -التي تتباهى وتعتقد أنها وصية على قيم التحضر- إلى تفهم الرسالة الشعبية القادمة من الشرق والتفاعل واستيعاب وتلبية مطالبها وتطلعاتها.

وحذر الآلوسي الغرب الأوروبي وغيره من محاولة الالتفاف على الثورات وسرقتها عوض التعايش السلمي معها واحترام التعددية والتنوع، مشيرا إلى أن مصطلحات جديدة باتت تُتداول إعلاميا تجسد قيما جديدة فرضت نفسها على مسار الحدث لا محليا بل عالميا.

الجزيرة