الشيخ / أحمد عبد العزيز
 

 

1- محنة وابتلاء:


كان لله عز وجل في جعل القبلة إلى بيت المقدس، ثم تحويلها إلى الكعبة – حكم عظيمة ومحنة للمسلمين والمشركين واليهود والمنافقين، فأما المسلمون، فقالوا: سمعنا وأطعنا، وقالوا: آمنا به كل من عند ربنا، وهم الذين هدى الله ولم تكن كبيرة عليهم، وأما المشركون، فقالوا: كما رجع إلى قبلتنا يوشك أن يرجع إلى ديننا، وما رجع إليها إلا أنه الحق، وأما اليهود فقالوا: خالف قبلة الأنبياء قبله، ولو كان نبيًّا، لكان يصلي إلى قبلة الأنبياء، وأما المنافقون، فقالوا: ما يدري محمد أين يتوجه إن كانت الأولى حقًّا، فقد تركها، وإن كانت الثانية هي الحق، فقد كان على الباطل، وكثُرت أقاويل السفهاء من الناس، وكانت كما قال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ “ (البقرة: 143)، وكانت محنة من الله، امتحن بها عباده؛ ليرى من يتبع الرسول منهم ممن ينقلب على عقبيه.


2- تحويل القبلة دلالة على نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم:


أخبر الله تعالى بما سيقوله اليهود عند تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة؛ من إثارة الشكوك والتساؤلات قبل وقوع الأمر، ولهذا دلالته، فهو يدل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم؛ إذ هو أمر غيبي، فأخبر به قبل وقوعه، ثم وقع، فدل ذلك على أن محمدًا صلى الله عليه وسلم رسول يخبره الوحي بما سبق، وهو يدل أيضًا على علاج المشكلات قبل وقوعها؛ حتى يستعد المسلمون ويهيئوا أنفسهم لهذه المشاكل للتغلب عليها والرد عليها، ودفعها.


3- الأقصى هو قبلة المسلمين الأولى … لماذا؟


لحكمة تربوية أشارت إليها آية جليلة (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ) (البقرة: من الآية143)، فقد كان العرب يعظمون البيت الحرام في جاهليتهم، ويعدونه عنوان مجدهم القومي، ولما كان الإسلام يريد استخلاص القلوب لله، وتجريدها من التعلق بغيره، وتخليصها من كل نعرة ومن كل عصبية لغير المنهج الإلهي.. فقد نزعهم نزعًا من الاتجاه إلى البيت الحرام – فترة – إلى المسجد الأقصى، ليخلص نفوسهم من رواسب الجاهلية، وليظهر من يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم اتباعًا مجردًا من كل إيحاء آخر. ممن ينقلب على عقبيه اعتزازًا بنعرة جاهلية تتعلق بالجنس والأرض والقوم.
إن التمييز ضروري للجماعة المسلمة في التصور والاعتقاد، والقبلة والعبادة.
وليتألف النبي صلى الله عليه وسلم قلوب اليهود الذين كانوا يتخذون المسجد الأقصى قبلة، علهم يشعرون بتقارب المنهج ووحدة السلوك والاتجاه فيسلموا.
* وليتألف الله المؤمنين إلى أهمية المسجد الأقصى تثبيتًا لما كان له من مكانة فهو:
أ – ثاني مسجد بني في الأرض، إذ وضعت قواعده بعد المسجد الحرام بأربعين عامًا (متفق عليه)
ب – أحد المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا إليها قال صلى الله عليه وسلم لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومسجد الأقصى (فتح الباري 3 / 76)
ج – والأقصى رابع أربعة مواضع يمنع من دخولها المسيح الدجال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الدجال يطوف الأرض إلا أربعة مساجد: مسجد المدينة، ومسجد مكة والأقصى والطور) ( أخرجه أحمد في المسند). فوجب على المسلمين أن يحرروا قبلتهم الأولى ومسرى نبيهم صلى الله عليه وسلم من دنس أحفاد القردة والخنازير.
د- وراثة الرسول صلى الله عليه وسلم لمقدسات الرسل قبله، واشتمال رسالته على هذه المقدسات، واحتضانها لها، وحمايتها لها، وارتباط هذه الرسالة بتلك الأماكن جميعًا، فتصبح هذه الأماكن جزءًا لا يتجزأ من الرسالة الخاتمة، ولا يحق لأحد أن ينكر على أصحاب هذه الرسالة اهتمامهم بتلك الأماكن، والمطالبة بحقهم فيها، والدفاع عنها ضد أي اعتداء.
ومعلوم أنه قد ارتبطت قدسية المسجد الأقصى بالعقيدة الإسلامية منذ أن كان القبلة الأولى للمسلمين، فهو أولى القبلتين حيث صلى المسلمون إليه في بادئ الأمر نحو سبعة عشر شهرًا قبل أن يتحولوا إلى الكعبة ويتخذونها قبلتهم، لهذا ربط الله تلك الحالة الواضحة في وجود القبلتين على مر الزمان بوجود مسجد القبلتين ليتذكر المسلمون قبلتهم ـ المسجد الأقصى الأسير ولا ينسونه أبدًا.
ثم توثق هذا الارتباط بالمسجد الأقصى بحادثة الإسراء والمعراج، تلك المعجزة العقائدية التي اختصت برسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الإسراء: 1).
3- الأمة الوسط: في شهري رجب و شعبان من العام الثاني للهجرة النبوية فرضت الزكاة ونزلت آيات الجهاد وفرض الصيام وكان أيضا تحويل القبلة حيث أراد الله لهذه الأمة أن تستكمل خصائصها التي تميزها عن سائر الأمم (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً..)(البقرة143) إنها الأمة الوسط التي تشهد على الناس جميعا, وتقول: هذا حق منها وهذا باطل، لا التي تتلقى من الناس قيمها وموازينها، وما أخَّر هذه الأمة إلا اتخاذها مناهج وصبغات بديلة عن منهج الله.


4- تحويل القبلة تربية وتمحيص:

لقد كان تحويل القبلة أولا عن الكعبة إلى المسجد الأقصى لحكمة تربوية أشارت إليها الآية الكريمة: (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ)(البقرة: 143). فقد كان العرب يعظمون البيت الحرام في جاهليتهم, ويعدونه عنوان مجدهم القومي، فأراد الإسلام استخلاص القلوب لله وتحريرها من كل نعرة وكل عصبية غير الإسلام كالأرض والتاريخ والعنصرية.. فقد نزعهم نزعا من الاتجاه إلى البيت الحرام, واختار لهم الاتجاه فترة إلى المسجد الأقصى, ليخلص نفوسهم من رواسب الجاهلية, وليظهر من يتبع الرسول اتباعا مجردا من كل إيحاء آخر، فلما استسلم المسلمون وجههم إليها، وقد كان اليهود بعد الهجرة يتخذون من هذا الوضع حجة لهم, فصدر الأمر الإلهي الكريم بالاتجاه إلى المسجد الحرام (يراجع حديث البراء بن عازب في تحويل القبلة). ولكنه ربط قلوب المسلمين بحقيقة أخرى بشأنه. هي حقيقة الإسلام، حقيقة أن هذا البيت بناه إبراهيم وإسماعيل ليكون البيت الحرام.


5- تحويل القبلة وتميز الهوية:

لم يكن بد من تمييز المكان الذى يتجه إليه المسلم بالصلاة والعبادة وتخصيصه كى يتميز المسلم في منهجه واتجاهه وفي الراية والعلامة، ومن هنا كذلك كان النهي عن التشبه بمن دون المسلمين في خصائصهم, كما في مثل هذه الآثار: ” إن اليهود والنصارى لا يصبغون, فخالفوهم “.: ” لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضها “. “لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله “ هو نهى عن تشبه في مظهر أو لباس، ونهى عن تشبه في حركة أو سلوك، ونهى عن تشبه في قول أو أدب، ثم هو نهى عن التلقي من غير الله منهجه الذي جاءت هذه الأمة لتحققه في الأرض.


6- الوجهة الحسية والمعنوية:

مكان أو جهة يتجه إليها المسلمون في الصلاة، فالمكان أو الجهة ليس سوى رمز، رمز للتميز والاختصاص, وتميز الشخصية والمنهج والأمة بغير هذا المنهج المتميز ضائعة في الغمار, مبهمة الملامح, مجهولة السمات, مهما اتخذت لها من أزياء ودعوات وأعلام بديلة، بدليل أن من تعذر عليه معرفة القبلة الحسية يتحرى ثم يصلي، وصلاته صحيحة وإن استبان له بعد ذلك خطأ القبلة الحسية (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة: 115). وإلا فما معنى أن يتوجه المسلم ببدنه للكعبة وبقلبه لغير المسلمين يلتمس منهم التشريعات والآداب والأخلاق؟!


7- إسلام الوجه لله تعالى:

إن من أبرز ما يتعلمه المسلم من هذا الحدث إضافة إلى ما سبق – هو الاستسلام والانقياد لأمر الله تعالى، فلا يحب إلا ما أحبه الله تعالى، ولا يجد نفسه ومحابه ومآثره إلا عند محاب الله ومرضاته وحدوده عقيدة وشريعة وأخلاقًا، قولاً وعملاً، تطبيقا وسلوكًا، فعنوان المسلم الرضا والتسليم والحب لأوامر الله تعالى، وتعظيم شعائره وتوقير شرائعه، فلا تراه يرتضي منهجا غير منهج الله، ولا تحسبه ولو للحظة يسعه التحاكم إلى غير شرع الله تعالى؛ لأنه يعلم ويُسلِّم ويؤمن ويذعن أن الخير كل الخير في الامتثال لأوامر الله تعالى فهو اللطيف الخبير العليم الحكيم بما يصلح عباده ويقيم شئونهم (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)(الملك: 14)، وهذا يتجلى واقعا عمليًا خلال هذا المشهد الذي لا يمكن أن تكحل عينيك به أو تشنف أذنيك بسماعه إلا مع هذا الجيل الإيماني والاختيار الرباني جيل تربى في مدرسة النبي صلى الله عليه وسلم، فحينما مر رجل من أهل مسجد قباء على قوم وهم يصلون العصر وهم في ركوعهم قال أشهد بالله لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مكة فداروا كما هم قبل البيت، استداروا وهم ركوع، لم ينتظروا حتى يسألوا، لم يتوانوا حتى يتأكدوا، لم يبالغوا في طلب الدليل، لم يتعنتوا مع ناقله يستوثقوا من صحة خبره، كل ذلك لم يكن، وإنما كان الاستسلام التام الفوري المليء بالإيمان العميق في أن هذا هو الخير وأن المعرفة بجانب الخير والشر فيه لا يعلمها إلا صاحب الأمر العليم الحكيم، لم تكن هذه هي الحادثة الوحيدة الفريدة التي تجلى فيها استجابة الصحابة لأمر الله تعالى وإنما يقص لنا أنس قصة تحريم الخمر ذهب ليبلغ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر على أندية الأنصار يا بني فلان ألا إن الخمر قد حرمت، يقول فما استطعت أن أعود من الطريق الذي جئت منه، لأن دنان الخمر قد أريقت رغم التذاذهم به وتعودهم عليه إلا أن كل هذا يهون ويضمحل وينمحي أثره وحبه من النفس إذا عارضه الأمر الإلهي؛ فهم يسلمون ويوقنون أن الخير كل الخير في الاتباع، (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ ۖ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)(البقرة: 131)، ( وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ)(لقمان: 22).
إن الأمة التي شاء الله تعالى لها أن تكون الأمة الوارثة المستخلفة في الأرض التي تحمل الأمانة وتشهد على العالَمين: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) هذه الأمة أراد الله تعالى لها أن تنفرد بحسٍّ إسلاميٍّ ربانيٍّ مميزٍ، فأصبح اتجاه المسلمين إلى بيت الله الأول هو تميزٌ للمسلمين، وهو وراثة الفضل من الله تعالى، وهو المنهج الذي يميز أمة الشهادة، فيربطها بأصولها وتاريخها وعقيدتها، ويمنحها القيادة التي خُلقت لها وأُخرجت للناس من أجلها، فلها تميزٌّ في الجذور والأصول، وفي الأهداف والغايات، وفي الراية والوجهة.


8- مجامع البر:


قال تعالى: “لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ” ( البقرة: 177) أَرَادَ اللهُ تَعَالَى أَنْ يُبَيِّنَ لِلنَّاسِ كَافَّةً أَنَّ مُجَرَّدَ تَوْلِيَةِ الْوَجْهِ قِبْلَةً مَخْصُوصَةً لَيْسَ هُوَ الْبِرَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الدِّينِ; ذَلِكَ أَنَّ اسْتِقْبَالَ الْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ إِنَّمَا شُرِعَ ; لِأَجْلِ تَذْكِيرِ الْمُصَلِّي بِالْإِعْرَاضِ عَنْ كُلِّ مَا سِوَى اللهِ تَعَالَى فِي صَلَاتِهِ، وَالْإِقْبَالِ عَلَى مُنَاجَاتِهِ وَدُعَائِهِ وَحْدَهُ، وَلِيَكُونَ شِعَارًا لِاجْتِمَاعِ الْأُمَّةِ، فَتَوْلِيَةُ الْوَجْهِ وَسِيلَةٌ لِلتَّذْكِيرِ بِتَوْلِيَةِ الْقَلْبِ وَلَيْسَ رُكْنًا مِنَ الْعِبَادَةِ بِنَفْسِهِ، وَأَنْ يُبَيِّنَ لَهُمْ أُصُولَ الْبِرِّ وَمَقَاصِدَ الدِّينِ، فالبر مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللهِ تَعَالَى مِنَ الْإِيمَانِ وَالْأَخْلَاقِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ.


9- تحويل القبلة توحيد للأمة:


من كل اتجاه، في أنحاء الأرض جميعًا، قبلة واحدة تجمع هذه الأمة وتوحد بينها على اختلاف مواطنها، واختلاف مواقعها من هذه القبلة، واختلاف أجناسها وألسنتها وألوانها، قبلة واحدة، تتجه إليها الأمة الواحدة في مشارق الأرض ومغاربها، فتحس أنها جسم واحد، وكيان واحد، تتجه إلى هدف واحد، وتسعى لتحقيق منهج واحد، منهج ينبثق من كونها جميعًا تعبد إلهًا واحدًا، وتؤمن برسول واحد، وتتجه إلى قبلة واحدة.
وهكذا وحد الله هذه الأمة، وحدها في إلهها ورسولها ودينها وقبلتها، وحدها على اختلاف المواطن والأجناس والألوان واللغات، ولم يجعل وحدتها تقوم على قاعدة من هذه القواعد كلها؛ ولكن تقوم على عقيدتها وقبلتها، ولو تفرقت في مواطنها وأجناسها وألوانها ولغاتها.