رغم مغادرته مضطرا -كملايين المصريين بالخارج- بحثا عن الزرق وتوقا للحرية، فإن هموم مصر وأحوالها لم تفارق الشاب سليم الذي يقضي ساعات يتصفح الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بحثاً عن أخبار بلاده وأهلها.
 
وكثيرا ما يشارك بالتعليق منتقدا ما لا يعجبه من سياسات النظام الحاكم، كما يشارك وهو في المهجر في فعاليات مناهضة للحكومة ومسؤوليها مما يقلق السلطة الحاكمة.

 

ولأمثال سليم، تجهز حكومة الانقلاب قانونا لتنظيم الجاليات المصرية بالخارج، أو بالأحرى "تكميم أفواههم ولجم تحركاتهم" برأي سليم.

 

ويُعد أخطر بنود القانون ذاك المتعلق بتجريم عمل المصريين في الخارج بالسياسة، بالإضافة إلى بنود أخرى لتنظيم انتخابات روابط الجاليات "تتيح للانقلاب تشكيلها من أتباعه بالخارج".

 

بنود القانون


وتعود قصة القانون المقدم للبرلمان لعدة شهور مضت، حينما عاد بفكرة هذا القانون عضو برلمان الانقلاب محمود حسين -وهو أيضاً مسؤول المصريين بالخارج في الحملة الانتخابية الأخيرة من جولة ترويج للمنقلب في أوربا.

 

وفي ظل الهاجس الأمني، لم تكد تمر أسابيع على تهديد قائد الانقلاب المبطن للمصريين المناوئين له بالخارج بأن "كله سيُحاسب" حتى تلقفت وزيرة شؤون الهجرة بحكومة الانقلاب نبيلة مكرم مشروع القانون وأعادت طرحه على البرلمان.

 

وأكدت مكرم خلال مناقشة المشروع بلجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان أنه "سيحظر عمل الجاليات أو ارتباطهم بالسياسة بأى شكل".

 

وبحسب تفاصيل ما دار في الاجتماع، فقد طالبت مكرم أعضاء اللجنة بالموافقة على القانون "لجماً لأبناء بعض تلك الجاليات التي تصرح بأشياء تضر الدولة" واعتبرت الوزيرة أن "هذه التصريحات جرّت مصر للوراء".

 

هدف أمني

 

ونفت مكرم تضارب القانون مع قوانين محلية تحكم الجاليات بكل دولة، وأوضحت أن "قانون الجاليات المقدم ينظم تأسيس وأعمال الجاليات والأندية المصرية بالخارج وأنشطتها".

 

وطمأنت وكيل اللجنة سوزي رفلة الأعضاء القلقين من "تسلل الإخوان لمجالس إدارات الجاليات" عند تطبيق النصوص الخاصة بتشكيل اتحادات الجاليات، مؤكدة أن "اختيار أعضاء مجالس الإدارات لن يكون عشوائيا".

 

ورأى رئيس الأكاديمية الدولية للدراسات والتنمية ممدوح المنير أن الهدف الوحيد لمشروع القانون "أمني وسياسي بامتياز" فلو كانت الوزيرة "صادقة في خدمة المصريين" لحثّت وزارة الخارجية وتعاونت معها في جعل السفارات بالخارج تقوم بواجباتها تجاه الجاليات المصرية.

 

ويحاول قائد الانقلاب بهذا القانون "قمع المصريين بالخارج، كما قمع من بالداخل" بحسب المنير، عقب انكشاف "تراجع شعبيته" خلال مسرحية الانتخابات الرئاسية.

المنير: السيسي يحاول بهذا القانون قمع المصريين بالخارج أيضاً (الجزيرة)

 

حزب موالٍ


وربط المنير بين توجهات قائد الانقلاب بالداخل لصناعة "حزب موال له" وبين توجهاته الحالية "لمد أذرع هذا الحزب بالخارج" ويمكّنه في نفس الوقت من كشف خريطة المعارضين له جيدا في الخارج والتعامل معهم.

 

ولا توجد أصلا جاليات تعمل في الخارج سوى المناوئة للنظام -بحسب ما يرصده المنير- وبالتالي فإمّا أن "يخرسها زعيم عصابة الانقلاب أو يلاحقها ويضيق عليها أمنيا" لأن القادم على مصر في عهد عصابة الانقلاب "صعب للغاية" وهو يمهد الساحة بهذا القانون وغيره لما "سيفعله بالبلاد".

 

ورغم ترحيب ولاء مرسي رئيس ائتلاف الجاليات المصرية بأوروبا بفكرة القانون مبدئيا، استنكر -في تصريحات صحفية- عدم وضوح كيفية تفعيله وسريانه على أي من رؤساء الجاليات والاتحادات الحالية، وخصوصا أن الجاليات تخضع لقوانين البلاد المقيمين بها.

 

كما انتقد القانون لأنه -وفق مرسي- "يفرق بين الجاليات المصرية في الخارج" إذ يصنفهم تحت فئات مختلفة، وأن "الأزمة الحقيقية تكمن في التطبيق على أرض الواقع".

 

بالإضافة إلى أن الوزيرة رفضت التعامل مع معظم الكيانات منذ البدء متهمة إياها "بعدم الشرعية" وأنها تتحدث عن قضايا فرعية مقابل تقصيرها في الاهتمام بالقضايا الأساسية.