في ظل ثبات الموقف الكردستاني من إجراء عملية التصويت يبدو أن الصراع بين إقليم كردستان العراق والحكومة المركزية سيزيد احتداما، وذلك بعد رفض البرلمان العراقي بأغلبية أعضائه إجراء استفتاء على انفصال الإقليم والذي أقره الكرد في ال25 من سبتمبر الجاري.
 
وكانت أحزاب كردستانية أعلنت في اجتماع عقدته في 7 يونيو الماضي، برئاسة رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني، تحديد يوم 25 من سبتمبر الجاري موعداً لإجراء استفتاء شعبي حول استقلال الإقليم عن العراق.
 
وقرر البرلمان العراقي تخويل رئيس الوزراء حيدر العبادي كل الصلاحيات اللازمة لمنع إجراء الاستفتاء داخل الإقليم وخارجه سواء في كركوك أو في المناطق المتنازع عليها.
 
اعتراض كتلة الأكراد
 
وقبيل جلسة المصادقة التي ترأسها رئيس البرلمان سليم الجبوري وحضرها 204 نواب من أصل 328 نائبا، اعترضت الكتلة الكردية في مجلس النواب العراقي على مسودة القرار
 
واعتبر رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري أن عملية التصويت هذه تؤكد "حرص مجلس النواب على وحدة العراق ترابا وشعبا"، مؤكدا "إلزام رئيس الوزراء باتخاذ كافة التدابير التي تحفظ وحدة العراق والبدء بحوار جاد لمعالجة المسائل الموجودة بين بغداد والإقليم".
 
وقبل أيام أكد رئيس الإقليم مسعود البارزاني تأكيده المضي في إجراء الاستفتاء في الموعد المحدد على الرغم من مطالبة بعض الأطراف بتأجيله، وأكد أن "إقليم كردستان يتعرض لضغوط سياسية شتى من بغداد وتهديدات من الحشد الشعبي للتخلي عن الاستفتاء".
 
تشتيت للجهود
 
وأضاف البارزاني أن سعي أكراد الإقليم للاستقلال من خلال الاستفتاء المقرر في 25 من الشهر الجاري "حق طبيعي وعادل"، مشيرا إلى أن الاستفتاء سيؤسس لعلاقات تاريخية بين الشعب الكردي والشعب العراقي.
 
ويعد استفتاء إقليم كردستان غير ملزم وتعارضه الولايات المتحدة والقوى الغربية المتحالفة مع العراق باعتبار يشتت جهود الحرب على ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية فى العراق وسوريا حسب رأيها.
 
ومن المقرر إجراء الاستفتاء ليس فقط في المحافظات الثلاثة التابعة للإقليم - دهوك وأربيل والسليمانية - ولكن أيضا فى المناطق التي تسكنها غالبية كردية وتلك التي "حررتها" قوات البيشمركة الكردية من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية.
 
وتخشى الدول المجاورة كإيران و تركيا من أن يعزز هذا الاستفتاء عزم الأقليات الكردية في هذه الدول للمطالبة بحقوقهماالقومية.
 
رفض برلمان العراق للاستفتاء يضع المنطقة أمام سيناريوهات عدة، فهل يقبل الإقليم بإلغاء الاستفتاء أم تأجيله؟ وماذا لو أصر الكرد على موقفهم؟ وماذا عن إيران وتركيا من الاستفتاء؟
 
صراع طويل
 
ويسعى الأكراد لإقامة دولتهم المستقلة منذ نهاية الحرب العالمية الأولى حينما قسمت الدول الكبرى الشرق الأوسط بحدوده الحالية ومنذ ذلك الحين يعيش الأكراد موزعين في أربعة دول هي: تركيا وإيران والعراق وسوريا.
 
ويعد الأكراد رابع أكبر مجموعة عرقية في الشرق الأوسط ، ويشكلون ما بين 15 إلى 20 في المئة من سكان العراق البالغ عددهم نحو 37 مليون نسمة كما يتمتع إقليم كردستان العراق بحكم ذاتي منذ عام 1991.
 
وخضع أكراد العراق للاحتلال البريطاني بعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية عام 1918، ومع شعورهم بالظلم لعدم حصولهم على الاستقلال أسوة بالعرب، قاد الأكراد سلسلة عمليات تمرد وعصيان ضد البريطانيين وحكم بغداد.
 
وتوصلت الحكومة العراقية والحزب الديمقراطي الكردستاني إلى اتفاق عام 1970، لكنه انهار بعد أربع سنوات وتم إخضاعهم بقسوة، وكانت أقسى الحملات ضدهم تلك التي حدثت في أواخر ثمانينيات القرن الماضي عندما شن صدام حسين ضدهم حملة عرفت بحملة "الأنفال".
 
وشمل ذلك تدمير آلاف القرى واستهداف المدنيين بمختلف الأسلحة ومن بينها الأسلحة الكيماوية وبلغت الحملة ذروتها عندما تم قصف مدينة حلبجة بتلك الأسلحة عام 1988.
 
استنفار أمني
 
بدوره قال المحلل السياسي العراقي ليث الراشدي ، إن البرلمان العراقي رفض الاستفتاء ولكن رئيس حكومة إقليم كردستان العراق سيكون له خيارين الأول: حرب عسكرية في كركوك بين البيسمركة الكردية والحشد الشعبي والمعركة الثانية بين إيران وتركيا في العراق.
 
وأضاف في تصريحات صحفية  أن الوضع في مدينة كركوك الآن في خطر وهناك انتشار أمني وتخوف كبير من حرب كبرى قد تزيد العراق احتراقاً.
 
وأوضح أن قرار البرلمان العراقي جعل من الصعب إجراء الاستفتاء في موعده الذي أعلن عنه من قبل، وذلك بسبب التخبط الأمني والتوتر الحالي بين الإقليم والحكومة المركزية.
 
وأكد الراشدي أن مسألة الانفصال ستفتح الباب أمام تقسيم العراق وهو ما تعسى إليه قوى إقليمية ودولية وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تستطيع نسيان أنها استنزفت في حرب العراق وتريد الانتقام وتعويض خسارتها بإحدى هذه الطرق.
 
وأشار إلى أن الانفصال لن يعود على الكرد بمنفعة على الرغم من أن هذا الإقليم غني بالنفط لكن النفط ليس كل شئ، ومن الممكن أن نعتبر من تجربة انفصال جنوب السودان الذي يعاني الآن الأمرين واقترب من إعلان الفشل رغم أنه أيضًا منطقة غنية بالنفط.
 
مزيد من التمزق
 
أما الإعلامية العراقية نداء الكناني فقالت إن هذه قضية تمس سيادة وأرض ووحدة العراق وأول مرة البرلمان العراقي يتخذ ويتوحد على قرار صائب فيه مصلحة الشعب العراقي.
 
وأضافت في تصريحات صحفية أن كل العراق يرفض سياسة فرض الأمر الواقع، والكرد أشقاء وهم شريحة من الشعب العراقي لا يمثلهم ولا يمثلنا من أراد تمزيق العراق وشعبه فالعراق باق والطغاة إلى زوال.
 
وأوضحت أن العراق أصبح بلد ممزق مبني على القتل والدمار، والكل يتهم الآخر بذلك فالشيعة تقول السنة والأكراد هم سبب المشاكل والكرد يقولون نفس القول والشعب أصبح يستجدي لقمة الخبز ولا أحد يكترث له، ولابد من تنحية المصالح الشخصية من أجل المصلحة العليا للبلاد التي أوشكت على الضياع.