أعلنت منصة "جوار"، وهي منصةٌ إعلاميةٌ تهتم بالمعتقلين السياسيين في مصر، أنّ أحد سجون مجمع طرة تحوّل إلى بؤرة لوباء كورونا، بعد ظهور أعراض المرض على المساجين فيه.

وحسب ما عرضته المنصة الإعلامية، فإنّ "الأعراض اجتاحت جميع الزنازين، من سخونة وهمدان وخدر في الجسم، والبعض لديه رشح وصداع والتهاب حلق وأذن وفقد حاسة الشم، بالإضافة إلى السعال المستمر، ومشاكل معوية عند معظم السجناء".

وقالت المنصة في بيان لها، اليوم الخميس، إنّ "الأعراض بدأت تظهر منذ 15 يوماً، وعمّت جميع زنازين السجن. في المقابل لا يوجد في عيادة السجن غير ممرّض واحد، وإدارة السجن منعت الدخول إلى العيادة تماماً، كما منعت دخول الأدوية، بالإضافة إلى منع التريّض منذ يوم السبت الماضي".

يأتي هذا وسط مطالبات حقوقية متتالية بالإفراج الفوري عن كافة السجناء في سجون الانقلاب، مع اتخاذ كافة التدابير الاحترازية وفق القانون، وسرعة إخلاء سبيل المحبوسين احتياطيًا على ذمة التحقيقات، كما تطبيق قواعد الإفراج الشرطي على المحكوم عليهم، دون استثناء قضايا محددة بعينها، وإعمال مبدأ المساواة، والنظر الجاد في أوضاع النساء المريضات داخل سجون الانقلاب وسرعة الإفراج عنهن، ووقف قرار المنع من الزيارات للسجون وتمكين السجناء من التواصل مع أسرهم والسماح بدخول الكمّامات والمطهّرات وأدوات النظافة، وتمكين منظّمات حقوق الإنسان، غير الحكومية، من زيارة السجون ومقار الاحتجاز للوقوف على الإجراءات الاحترازية فيها لمنع تفشي الوباء.

وقبل أيام، أطلقت منظّمة العفو الدولية، "أمنسيتي"، عريضة للتوقيع على موقعها الإلكتروني، بعنوان "أطلقوا سراح السجناء المصريين الآن لحمايتهم من تفشي وباء فيروس كوفيد-19"،  وسط مخاوف متزايدة من تفشي وباء كورونا في سجون الانقلاب المكتظة. وقالت إنّه "ينبغي على سلطات الانقلاب خفض عدد السجناء، وحماية السجناء المعرّضين للخطر بشكل مناسب".

وقالت المنظمة في العريضة، إنّه احتُجز آلاف الأشخاص في مصر رهن الحبس الاحتياطي المطوّل، وهو ما يتجاوز في كثير من الأحيان الحدّ القانوني لمدة عامين، بموجب القانون المصري. والكثير من المحتجزين مسجونون بصورة غير قانونية، وهم من المدافعين عن حقوق الإنسان، وسجناء الرأي، والنشطاء السلميين.

وتابعت: "الظروف في العديد من سجون الانقلاب غير إنسانية: فهي مكتظة وقذرة، ولا تتوفر فيها تهوية مناسبة، وغالباً لا يتوفّر للسجناء الماء النظيف أو الصابون".

وقالت إنّ الأشخاص في السجون معرّضون بشكل خاص للإصابة بفيروس كورونا، بسبب ظروف المعيشة غير الصحية، واستحالة تطبيق عملية التباعد الجسدي، وعدم كفاية الرعاية الصحية.

وأوضحت المنظّمة أنّه في الفترة ما بين 14 و25 إبريل، أصدرت السلطات المصرية عفواً عما يزيد على 4000 سجين. لكن من الناحية العملية، فإنّ ذلك يستبعد عددًا كبيرًا من السجناء الذين سُجنوا بشكل غير قانوني، بمن في ذلك المدافعون عن حقوق الإنسان، والأشخاص الذين هم في الحبس الاحتياطي المطوّل.

وفي 22 مايو الجاري، أعلنت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات (منظمة مجتمع مدني مصرية)، قيام مصلحة السجون بحملة تفتيش مفاجئة لكلّ العنابر والزنازين بسجن تحقيق طرة، جنوبي القاهرة، بحثًا عن عبوات كحول سُمِح بدخولها.

وأفادت التنسيقية في بيانها، بأنّ إدارة السجن قامت بتجريد الزنازين من كميّات الكحول القليلة جداً التي سبق أن سمحت بإحضارها من البيوت لاستخدامها كمطهّر للأيدي والأسطح، تحسباً لانتشار وباء كورونا.

وذكرت التنسيقية أنّ مصلحة السجون لا توفّر أيّ مطهرات للمساجين، وتكتفي فقط برشّ أقفال أبواب الزنازين بماء مخلوط بالكلور، وأنّ فريق المصلحة الذي قام بمداهمة الزنازين بشكل مفاجئ، يزيد عدد أفراده عن 50 فردًا من خارج السجن، لم يكونوا ملتزمين بارتداء الكمّامات ولم تكن معهم أيّ وسائل لتعقيم الأبواب أو الزنازين.

وعلّقت التنسيقية: "يقومون بهذه الإجراءات رغم أنّ السجن يعاني من نقص شديد في الأدوية بشكل عام، وأدوية العلاج الدوري لأصحاب الأمراض المزمنة خاصة، حيث يُصرف للمريض  علاج 5 أيام، على أنه علاج شهر".

وذكرت مصادر خاصة للتنسيقية أنه خلال الأسبوع المنصرم، ظهرت أعراض حمى (ارتفاع درجة الحرارة)، وخدر فى الجسم كله، وهبوط عام لدى المساجين، وقد أصابت هذه العوارض أعداداً كبيرة من السجناء داخل الزنازين، ولم يتم التعامل معها بجدية، حيث إنها قد تكون أعراض كورونا، نتيجة اختلاط المساجين بأفراد الشرطة.

ويبلغ عدد السجون في مصر 68 سجنًا، أُنشِئ 26 منها بعد استيلاء عبد الفتاح السيسي على السلطة بانقلاب عسكري في العام 2013. وعلاوة على هذه السجون، هناك 382 مقر احتجاز داخل أقسام ومراكز الشرطة في مختلف المحافظات، إضافةً إلى السجون السرية في المعسكرات، وذلك وفقًا لتقرير صادر عن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان.

ويراوح عدد المساجين والمعتقلين في مصر ما بين 110 آلاف و140 ألف سجين ومعتقل، بينهم 26 ألف محبوس احتياطيًا، ولم تصدر بحقهم أحكام قضائية، طبقًا لتصريحات الإعلامي المصري الموالي للانقلاب محمد الباز، نقلًا عن مصادر بمصلحة سجون الانقلاب.

كما أنه تجدر الإشارة إلى أنّ نسبة التكدّس داخل السجون تراوح بين 160 في المائة في السجون، و300 في المائة في مقار احتجاز مراكز الشرطة، حسب تقرير رسمي صادر عام 2016 عن المجلس القومي لحقوق الإنسان، وهي مؤسسة حكومية مصرية.