توجد مئات الخرافات حول العلاقات، ولكن الخرافات التي سنعرض لها في هذا المقال تعد الأكثر انتشاراً بين الناس تروج لها الكثير الأفلام ووسائل الإعلام، فحين يظن البعض أن العلاقة يجب أن تسير على نهج معين، وإن لم تسر عليه يحبطون، ويظنون بفشل العلاقة، فننبه هؤلاء بأن الإحباط هو من أكثر الأمور التي تسهم في إنهاء أو تحطيم أية علاقة، لذا، سنعرض هنا لأبرز ثماني خرافات تتعلق بالعلاقات، وسنوضح صحيحها لإزالة اللبس وسوء الفهم بإذن الله:

1- الخرافة: العلاقة الجيدة معناها أنك لا تحتاج لبذل مجهود لإنجاحها:

أما الحقيقة فهي أن أفضل العلاقات تتطلب بذل الكثير من المجهود، وإعطاء طاقة كبيرة ، ويُشبِّه أحد مختصي العلاقات والصحة النفسية العلاقة الجيدة بأنها كالحديقة التي لا يتوقع الإنسان تفتح أزهارها فيها ولا إيناع ثمارها دون بذل مجهود، بيد أنه قد يتساءل البعض: "كيف أعرف أنني أهدر طاقتي في العلاقة وأنني أبذل مجهوداً أكثر من اللازم؟ أي كيف أعرف باختصار أن العلاقة غير ناجحة؟ والإجابة أنك إذا كنت غير سعيد معظم الوقت في العلاقة، وتقضي وقتاً أكبر في إصلاحها وإنجاحها أكثر من الاستمتاع بها، فهذا يعني أنك بحاجة للنظر في العلاقة بصورة جذرية ، وإلى أي مدى تود الاستمرار فيها على هذا النحو، كذلك، من علامات أنك تبذل مجهوداً أكثر من اللازم، يتبين حين تلاحظ أن معظم المحاولات هي من جهتك أنت فحسب، بينما لا يبذل الطرف الآخر أي مجهود، أما إذا كنتما تبذلان المجهود سوياً وتلحظان نتائج إيجابية مع الوقت، فهذا معناه أنك تسير على الطريق الصحيح.

2- الخرافة: إذا كان الشريكان يحبان بعضهما بحق، فهما يعرفان مشاعر واحتياجات بعضهما البعض بشكل تلقائي:

وهذا غير صحيح على الإطلاق، فذلك الاعتقاد معناه أنك تتوقع من الطرف الآخر أن يقرأ تفكيرك ويخترق قلبك، وهذا قطعاً أمر مستحيل، وقد ترسخ لدى الكثيرين هذا المفهوم، والحقيقة أن الحب لا علاقة له بالقدرة على قراءة العقول ومعرفة ما يدور في نفوس وقلوب الآخرين ، ويقول مختصو علم النفس إن الكثير من الناس تعلموا في صغرهم أهمية كبت المشاعر وعدم البوح بها وإظهار ضعفهم، ولكن علم النفس والعلاقات الإنسانية الحديثة أكدت على أهمية بوح الإنسان عن مشاعره وأفكاره للطرف الآخر، وألا يتوقع منه التوقع والتأويل أو يربطها بمشاعر الحب.

3- الخرافة: إذا كنت تحب الشخص حقاً، فمن المستحيل لذلك الشعور أن يزول!

فللأسف الإعلام والروايات والأفلام نشرت ذلك الاعتقاد الخاطئ، وهو أن الإنسان إذا أحب شخصاً بصدق، فمن المستحيل أن تزول تلك الأحاسيس من قلبه، وإن حدث وزالت فهذا معناه أنه اختار الشخص الخاطئ بادئ ذي بدء، أو أنه لم يحب بصدق، أو أن العلاقة الآن في خطر نتيجة لخبو تلك المشاعر، وهذا الاعتقاد غير صحيح، فالروتين اليومي يسهم بشكل كبير غير مقصود في جعل الوقت الذي يقضيه الشريكان مع بعضهما أقل فأقل، وهذا لا يعني أن مشاعر الحب انتهت أو خبَت، وإنما على الشريكين أن يحرصا على التجديد في علاقتها وتخصيص وقت أكبر ليقضياه مع بعضهم البعض.

4- الخرافة: وجود طفل سيوطد العلاقة ويُنجح الزواج:

أما بالنسبة للواقع فقد أكدت الأبحاث أن نسبة السعادة في العلاقات تقل مع إنجاب كل طفل، والنسب قطعاً تتباين من علاقة لأخرى، وهذا لا يعني بحال أن العلاقة ستضعف أو ستنتهي ولكن من المعروف أن كثرة التحديات تعقد العلاقات، والأطفال يعدون من أكثر الأسباب في إضافة التحديات للزواج، لذا، فمن المهم وجود توقعات واقعية من كلا الطرفين، والتحدث عن التغيرات والتحديات الناتجة عن وجود الأطفال بكل صراحة، واقتراح الحلول المناسبة لمواجهتها سوياً.

5- الخرافة: الغيرة دليل على الحب والاهتمام:

وهنا نتحدث عن الحد المرضي غير المقبول، والذي يدلل على ضعف الثقة بالنفس، والمشكلة أنه مهما حاول الطرف الآخر في تقليل أسباب الغيرة، فإنه إذا لم ينجح الشخص نفسه في مواجهة نفسه ومشاعره، ومعالجة الأمر، فإن مشاعر الغيرة المرضية ستستمر وستحمل الكثيرة من الأضرار السلبية، واعلم أن الغيرة المرضية لا تعبر عن الحب والاهتمام كما هو شائع وإنما تعبر عن عقد نفسية على الإنسان أن يواجهها ويعالجها.

6- الخرافة: الشجار يدمر العلاقات:

فما يدمر العلاقات حقيقة هو عدم حل أسباب الشجارات، وتركها معلقة، واستمرار الشجار على نفس الأمر مراراً وتكراراً  دون بذل أي مجهود لإيجاد حل وإصلاح الموقف وإنهاء سبب الشجار.

7- الخرافة: لتنجح العلاقة على أحد الطرفين أن يتغير:

فالكثيرون يركزون في العلاقات على تغيير وإصلاح الطرف الآخر عوضاً عن إصلاح أنفسهم وردود فعلهم تجاه تصرفات الطرف الآخر، ومحاولة تقبل تلك الطبائع والتصرفات والتعايش معها، فعدا المشاكل الخطيرة والمزمنة كالضرب أو الإدمان أو الخيانة... إلخ، والتي يكون المخطئ فيها أحد الطرفين، ويتوجب عليه وقتها هو التغيير، فإن الغالبية العظمى من العلاقات تستوجب أن يتغير الطرفان.

8- الخرافة: اللجوء للاستشارة الزوجية يعني أن العلاقة في خطر:

قد يغدو هذا الكلام صحيحاً بشكل عام، يلجأ معظم الأزواج للاستشارات الزوجية حين تستفحل الأمور بينهم، ولكن سيكون من الأفضل لو لجأ الأزواج لهذا الأمر حين تواجههم مشكلة أو اثنتان فحينها يسهل الإصلاح بإذن الله، ولا تكون العلاقة قد تدمرت بصورة يصعب إصلاحها وإن لم يستحل، فهناك قطعاً فرق بين أن يأتي زوجان للاستشارة بخصوص مشكلة أو اثنتين واجهتاهما خلال بضعة أشهر، أو آخران يوجهان العشرات من المشاكل على مدار عدة سنوات!

وفي الختام، فإنني أنصح الجميع بالقراءة والتعلم فيما يتعلق بأمور العلاقات والزواج، وألا يعتمدوا على الأفكار المتداولة في الإعلام وبين الناس، فخطؤها أكثر من صوابها، ومن المهم أن يبني الإنسان علاقاته على الأسس والمعلومات الصحيحة لتصير مثمرة وناجحة وطويلة الأمد.

-----------------------------------------------------------
* كاتبة ومترجمة  مهتمة بقضايا التعليم والأسرة والتطوير الذاتي