نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تقريرا تحدثت فيه عن اختفاء مدوني فيديو أبلغا عن انتشار فيروس كورونا الجديد، ونقلا حالة الخوف والحزن التي يعاني منها الشعب الصيني.
 
وقالت الصحيفة في تقريرها، إن بائع ملابس محلي، يدعى فانع بن، نشر فيديو مدته 40 دقيقة على مواقع التواصل الاجتماعي عرض فيه جثث القتلى جراء الإصابة بعدوى فيروس كورونا، الذي دمر الصين، اختفى بعد أقل من أسبوعين من نشر تلك المقاطع.

وقبل أيام، اختفى مدون فيديو بارز آخر في ووهان، يُعرف باسم تشن تشيوشي. ويزعم أصدقاء تشن وعائلته أنه تمّ فرض الحجر الصحي عليه.

من قلب الصين
 
وذكر الموقع أن قبل اختفائهما، سجل كلا من بن وتشيوشي عشرات مقاطع الفيديو من ووهان، ونشرا صور أليمة من قلب الحدث تعرض طوابير الناس الذين يقفون خارج المستشفيات والمرضى وأقاربهم الذين يشعرون بالقلق حيال حالتهم الصحية.

وتجدر الإشارة إلى أنه هذه الحقائق التي نشرها كلا المدوّنين تأتي من قلب الصين، التي تعاقب سلطاتها حتى على توجيه انتقادات معتدلة لسياسات الحكومة.

وأشارت الصحيفة إلى أن نسب المشاهدة التي لاقتها مقاطع الفيديو التي نشرها المدونان توضح مدى افتقار الصين لمصادر الأخبار المستقلة، حيث لطالما تخضع الصحف الاحترافية لسيطرة ورقابة السلطات.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، نشرت إدارة الحملات الدعائية الخاصة بالحكومة الصينية المئات من الصحفيين الميدانيين بهدف إعادة تشكيل الروايات المتعلقة بطرق انتشار هذا الفيروس.
 
وأفادت الصحيفة بأن مقاطع الفيديو عكست الدعوة المتزايدة لحرية التعبير في الصين في الأسابيع الأخيرة، حيث أثارت أزمة فيروس كورونا انتقادات من جهات غير متوقعة في جميع أنحاء البلاد. كما أصدرت العديد من المنظمات الإخبارية المهنية تقارير شافية حول اندلاع المرض.

رقابة حكومية

وعموما، اندلعت ثورة ضد الرقابة الحكومية على مواقع التواصل الاجتماعي الصينية خلال الأسبوع الماضي بعد وفاة لي وين ليانغ، طبيب ووهان الذي حاول التحذير من الفيروس قبل أن يقر المسؤولون الصينيون بتفشي الفيروس.
 
ونقلت الصحيفة ما جاء على لسان سارة كوك، التي تجري دراسات حول أجهزة الإعلام في الصين في فريدوم هاوس، وهي مجموعة أبحاث تدعم الديمقراطية، تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، التي أوضحت أنه "عندما تحدث فجأة أزمة، يريد المواطنون الوصول إلى مجموعة أكبر من المحتوى والتقارير". وفي الواقع، يؤكد اختفاء المدونان أن الحزب الشيوعي الحاكم ليست لديه أية نية لتخفيف قبضته على حرية التعبير.
 
وفي السياق ذاته، صرح الرئيس الصيني شي جين بينغ، خلال الشهر الماضي، أنه ينبغي للمسؤولين "تعزيز توجيهاتهم للرأي العام".

وعلى الرغم من أن مواقع التواصل الاجتماعي في الصين غصت بالمنشورات التي تبث الخوف والحزن في قلوب الصينيين، إلا أن منافذ الدعاية الحكومية التي يحكم شي جين بينغ قبضته عليها، تصور المعركة ضد فيروس كورونا كشكل من أشكال الوطنية من خلال نشر مقاطع الفيديو التي يظهر فيها بعض الإطارات الطبية، وهم يرقصون.
 
وبحسب إحدى الجماعات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان في الصين، تمت معاقبة أكثر من 350 شخصًا في جميع أنحاء الصين بسبب "نشر شائعات" حول اندلاع المرض. فضلا عن ذلك، استدعت سلطات بكين المحامي تشن إلى بر الصين الرئيس وحذفت جميع حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي.
 
ونوهت الصحيفة إلى أنه عندما دفع فيروس كورونا المسؤولين إلى إغلاق مدينة ووهان خلال الشهر الماضي، سارع تشن إلى المدينة التي يبلغ عدد سكانها 11 مليونا، ليؤدي واجبه كصحفي ومواطن صيني.

وفي مقاطع الفيديو التي نشرها، واستقطبت الملايين من المشاهدات على موقع "يوتيوب"، أجرى السيد تشن مقابلات مع السكان المحليين الذين فقدوا أحباءهم، وصور امرأة وهي تنهار في انتظار تلقي الرعاية، فضلا عن أنه أدى زيارة إلى أحد المعارض الذي تم تحويله إلى مركز للحجر الصحي.
 
علاوة على ذلك، قامت السلطات الصينية بحظره من تطبيق "وي تشات" بسبب نشره للشائعات، لكنه كان مصرا على أن يشارك ما رآه أو سمعه.

ومع مرور الوقت، بدأ الضغط الذي تسلطه السلطات على تشن بالظهور، حيث صرح في أحد مقاطع الفيديو أن فيروس كورونا أمامه والسلطات القانونية والإدارية في الصين وراءه. وفي السادس من شهر شباط/ فبراير، لم يكن أصدقاء تشن قادرين على الاتصال به.

على إثر ذلك، نشر أحد أصدقائه، الذي يدعى شو شياو دونغ، شريط فيديو في اليوم الموالي صرح فيه أنه وقع إعلام والدي تشن بوضعه في الحجر الصحي، على الرغم من أنه لم تظهر عليه أعراض العدوى.
 
وفي الختام، أكدت الصحيفة أنه على عكس تشن، كان السيد فانغ، بائع الملابس، مجهولا إلى حين ما قبل ظهور فيروس كورونا، لكنه أضحى يتمتع بشعبية لاسيما بعد أن انتشر الفيروس، من خلال نشر مقاطع الفيديو لشوارع ووهان الفارغة والمستشفيات المزدحمة.

تبعا لذلك، صادر المسؤولون جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به واستجوبوه بسبب نشره لصور له مع أكياس الجثث.