أثار تغيبب وعدم مشاركة مصر في "قمة كوالالمبور" الإسلامية في ماليزيا والتي تضم دولا إسلامية ذات ثقل سياسي واقتصادي وإقليمي كبير، تساؤلات حول تغيبها أو تغييبها.

ويشارك في أعمال القمة، التي تنطلق تحت عنوان "دور التنمية في تحقيق السيادة الوطنية"، زعماء كل من ماليزيا وتركيا وإندونيسيا وباكستان وقطر، بالإضافة إلى وفود من دول أخرى من بينها إيران، خلال الفترة بين 18 إلى 21  ديسمبر الجاري.

وتهدف القمة، التي تتكون من تكتل دول إسلامية محورية، إلى تأسيس قنوات اتصال فعالة في مجالات الصناعة والتكنولوجيا والابتكار، وتأسيس شراكة في المجال الإعلامي، من أجل مكافحة الإسلاموفوبيا في العالم.

مهاجمة القمة

وفي الوقت الذي لم تعلق فيه حتى اللحظة حكومات مصر والسعودية والإمارات رسميا على انعقاد القمة، هاجم مقربون منها القمة عبر كتاب ونشطاء ومواقع إعلامية محسوبة عليها، حيث توقع الكاتب السعودي سلمان الدوسري، المقرب من السلطات أن تفشل القمة "لأنها ستعقد بدون السعودية"، مشيرا إلى أن "أي قمة إسلامية بدون المملكة مصيرها الفشل".

بدوره، قال الكاتب السعودي، عبدالله العولقي، في مقال صحفي له على موقع الرؤية الإلكتروني بدبي، "بينما الكل يدرك حقيقتها ومغزاها (قمة كوالالمبور) وأنها تتخفّى وراء أجندات ميكيافيلية ووصولية، وراءها ينمو ويتمترس الفكر الإخواني".

بينما وصفت صحيفة الدستور المصرية، الموالية للانقلاب، القمة بأنها "قمة إرهابية مصغرة"، مشيرة إلى أن الهدف منها هو "البحث عن مأوى للإرهابيين هو قطعا، أبرز الهواجس والمشاكل المشتركة بين الدول الخمس".


وكانت السعودية قادت حصارا ومقاطعة لقطر، في يونيو 2017 شاركت فيها الإمارات والبحرين ومصر، واتهمتها بـ"دعم الإرهاب"، والتقرب من إيران، التي تناصبها الرياض عداء تاريخيا وترى فيها الخصم الوحيد في المنطقة لها.


في المقابل، نفى ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في مقال له، أن تكون القمة بديلا لمنظمة المؤتمر الإسلامي، قائلا: "قمة كوالالمبور ليست لديها نية أن تطرح نفسها بديلا".


مضيفا: "لا يمكننا أن نقول إن السعودية والإمارات ومصر وغيرها من الدول القوية، تبدو فاعلة وصاحبة دور في إيجاد حل يصب بصالح المسلمين في ميانمار، وكشمير وفلسطين وتركستان وسوريا".

من الاستقلال إلى التبعية

وعن غياب حضور مصر في هذا المحفل الإسلامي تحديدا، قال عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري السابق، محمد عماد صابر، إن "الباحث عن دور لمصر في التكتل الإسلامي الجديد لابد أن يرجع إلى كامب ديفيد منذ عام 1978 حيث تقزم دور مصر في المنطقة، وأصبحت تابعة للمنظومة وللمعونة الأمريكية التي أدت إلى تصغير النظام المصري سياسيا واقتصاديا وثقافيا".


وانتقد في حديثه رهن القرار المصري بالقرار السعودي الإماراتي، الذي يرفض مثل هذه التكتلات التي لا تتفق مع سياستهما في العداء لشعوبها وشعوب المنطقة، قائلا: "كانت فرصة مصر كبيرة بعد ثورة 25يناير لتعظيم دورها وتحقيق استقلالية القرار، ولكن سرعان ما ارتمى العسكر في الحضن الإماراتي السعودي".


ورأى أن السعودية والإمارات تتحكمان في إدارة وتوجيه دفتها الخارجية بما يتناسب مع مصالحهما أولا، قائلا: "بسبب التبعية تقزمت مصر أكثر مما مضى، ولم يعد ينظر إليها كدولة مستقلة فاعلة، بل تابع في الحلف السعودي-الإماراتي".


وأضاف صابر: "بالنظر إلى أهداف هذه القمة المصغرة، وتوقيت انعقادها، في تقديري، أنها تأتي في سياق الحرب "الاقتصادية والثقافية" على تركيا واللذان يمثلان أقوى سلاحين بيد من يخشى عودة تركيا لذاتها أولا، ولطموحها ثانيا، ولدورها في تاريخ الأمة ثالثا".

حلف السيسي الجديد

بدوره اتهم عضو لجنة الأمن القومي بالبرلمان المصري السابق، محمد جابر، النظام العسكري الحاكم بتقزيم الدور المصري التاريخي، قائلا: "عبر تاريخها كانت  مصر تمثل أكبر وأهم دولة في العالم الإسلامي، وظلت كذلك حتى قزم العسكر دورها وقضوا على مكانتها وجعلوها على هامش تفكير الدول كلها، الإفريقي منها والعربي والإسلامي".

وأوضح "مصر أصبحت في عهد السيسي على قائمة اهتمام إسرائيل وحلفائها، وغائبة عن الأحداث الكبرى في المنطقة، سواء كانت على مستوى الدول العربية، أو دول الجوار أو الدول الإسلامية"، مشيرا إلى أن "هذه القضايا لم تعد من اهتمامات النظام الانقلابي في مصر، مما أدى لتراجع دورها الإقليمي والدولي".


ورأى أن مصر "تصدرت اهتماماتها قضايا أخرى مثل تنفيذ مهام عسكرية مأجورة لصالح الغير، وهذا كله يقضي على  مكانة مصر، لذلك كان من الطبيعي أن تغيب مصر عن هذه القمة في ظل عداوتها  لتركيا وغيرها وفي ظل تغيير اهتماماتها".


وانتقد عضو لجنة الأمن القومي السابق "اختيار مصر والسعودية الانضمام إلى الحلف الإماراتي الإسرائيلي، متخلين بذلك عن حاضنتهم العربية والإسلامية، في مقابل الاحتماء بإسرائيل على أمل أن تظل عروشهم تحت الحماية الدولية".