قررت محكمة مصرية إخلاء سبيل الصحفي في قناة الجزيرة القطرية، محمود حسين، المعتقل منذ عامين ونصف تقريبا، الذي أثار اعتقاله الغضب في أوساط الصحفيين؛ حيث أعلنت ابنته ومحاميه القرار.

وقررت محكمة جنايات القاهرة، الخميس، إخلاء سبيل محمود حسين، مراسل قناة الجزيرة، مع اتخاذ التدابير الاحترازية.

ويأتي القرار بعد سلسلة من قرارات الإفراج وإخلاء السبيل عن أسماء هامة من المعتقلين من التيار المدني، بينهم القيادي اليساري عبدالحليم قنديل، عبر إفراج صحي الأسبوع الماضي، ثم إخلاء سبيل السفير معصوم مرزوق، والأكاديمي يحيى القزاز، والاقتصادي رائد سلامة، والدكتور عبدالفتاح البنا، والناشطة نرمين حسين.

وتثير قرارات الإفراج تلك، رغم أنها ما زالت قيد التنفيذ من الأمن الوطني وتحت تدابير احترازية، التساؤل حول أهداف النظام العسكري الحاكم منها، وهل يمكن اعتبار توالي الإفراج عن النشطاء انفراجة حقيقية أم تهدئة متعمدة؟

وفي إجابته، قال الناشط اليساري حسن حسين إنه "لا يمكن تقييم قرارات النظام طبقا لتحليل منطقي ما، فهو في الوقت ذاته الذي يقوم فيه بالإفراج عن البعض، يرفض إخلاء سبيل البعض، بل ويلقي القبض على آخرين".

الصحفي المعارض أضاف لـ"عربي21" أنه "وفي كل الأحوال لا يمكن اعتبار أن تلك الإفراجات انفراجة ولا حتى تهدئة"، مشيرا إلى أن "مطالب الحركة الوطنية تتجاوز ذلك بمراحل"، مؤكدا أن "كل ما حدث لا يقترب من الحد الأدنى لهذه المطالب".

وفي رده، قال المتحدث السابق باسم الجمعية الوطنية للتغيير، سمير عليش، إنه "لا يمكن اعتبار قرارات الإفراج تلك انفراجة في الحريات أو تهدئة من النظام، وكان يمكن الإقرار بذلك لو ظهرت بالفعل رغبة حقيقية، وتحركا جادا من النظام بهذا الملف بصورة أوسع وطريقة أوضح".

السياسي المصري أشار بحديثه لـ"عربي21" إلى أن "العدد الذي تم إخلاء سبيله من النشطاء والمعارضين المعتقلين لا يقارن بأي شكل مع الشخصيات الوطنية والقامات المعتقلة، ولا الأعداد المسجونة من الشباب، ولا من هم قيد الحبس الاحتياطي وبمراكز الاحتجاز والسجون"، مضيفا أن "من خرجوا هذا حقهم القانوني، وأيضا حق كل من في السجون".

وقال عليش: "إذا أرادوها تهدئة أو صدروها على أنها انفراجة، فعليهم فعل 3 أشياء حتى نتأكد من صدقهم"، مؤكدا أن عليهم أن "يعتذروا، وعليهم تعويض من ظلموا، وعليهم أن يعلنوا أن هذه القرارات بداية لفتح صفحة جديدة، لو حقا يقصدون ذلك".

وأضاف أن النقاط الثلاث "لم يتحقق منها شيء، والأمور كالعادة غير واضحة، ولو أن هناك أي تقدم في ملف الحريات كان ليظهر بداية بملف الصحافة والإعلام".

وقال السياسي المصري إن "المسألة لها أبعاد أكبر، فهم يسعون لأن نقول عنهم إنهم بصدد مراجعة السياسات الخاطئة، ويريدون لنا أن نتكلم عن أن النظام يخطو خطوة جديدة".

وتابع: "ولكن هذا الكلام ليس له معنى إلا إذا أفرجوا عن أعداد كبيرة من الشباب الذين تغص بهم السجون، وشخصيات مقدرة مثال المستشار محمود الخضيري، والدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، وغيرهما".

وانتقد عليش من يربط بين قرارات الإفراج تلك على قلتها، وبين "صفقة القرن"، وادعاء أن النظام يجمل صورته بالخارج، معتبرا أن هذا "كلام مضحك"، مضيفا أن "رغم أننا سعداء بهذا الإفراج، ونتمنى تكراره، ولكن كل ذلك ليس له معنى دون فتح صفحة جديدة مع سجناء الرأي وإطلاق سراح من قضى نصف المدة وكبار السن والقامات المصرية".

وعبر صفحته بـ"فيسبوك"، قال مساعد وزير الخارجية السبق السفير عبدالله الأشعل: "نرجو أن يكون الإفراج عن السفير معصوم ورفاقه نتيجة الرغبة في الإفراج عن كل المعتقلين بسبب آرائهم الهادفة لخدمة الوطن ضمن برنامج إعادة اللحمة المصرية، والعمل معا بشفافية من أجل مصر وكل المصريين".

وفي هذا السياق، كتبت الصحفية مي عزام، تحت عنوان "الدولة تلاعبنا"، وقالت عبر صفحتها بـ"فيسبوك": "فيما يبدو أن الدولة قررت أن تفتح ثقبا للمعارضة، وتسمح لهم يبصوا من الشباك على الشارع"، مشيرة إلى أن "عددا من كتاب النظام بدأوا التبشير بثورة تصحيح عبر الإفراج عن المزيد من معتقلي الرأي، وضرورة ترك مساحة لمعارضة الداخل".

عزام تمنت أن يكون موضوع الباب الموارب هو "مراجعة لسياسات النظام وإدراك الأخطاء، وليس نتيجة إملاءات خارجية، أو مصيبة مستخبية"، مطالبة بمحاولات جادة للإفراج عن حرية الرأي، ورأب الصدع في المجتمع، وتخفيف حدة الاستقطاب، وفتح المواقع المحجوبة.

وتحدثت تعليقات المتابعين عن الإفراج المتتالي عن نشطاء وسياسيين عن أنها ليست تراجعا من النظام عن سياساته بملف الحريات، ورأوا أنها رتوش لتجميل الصورة، حسب قول الناشط مكرم خليفة.

أما الأكاديمي جمال صيام، فيرى أنه "لا يمكن توقع حرية الرأي في مناخ المعسكر، مشيرا إلى اعتقال طلاب وطالبات الصف الأول الثانوي؛ لاحتجاجهم على منظومة الامتحانات، ثم إطلاق سراحهن".

فيما ربط بعض النشطاء بين هذه القرارات وقرب الإعلان عن صفقة القرن، وفسر آخرون الأمر بأن أي انفراجة في الشأن العام، سواء الإفراج عن سجناء الرأي أو حرية الصحافة، غالبا سببها ضغوط خارجية.