قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" و"اللجنة الدولية للحقوقيين" إن على حكومة الانقلاب سحب التعديلات الدستورية المقترحة، والتي تعزز الحكم السلطوي، مؤكدة أن تلك التعديلات ستتسبب "في تقويض استقلالية القضاء المصري المتآكلة، وتوسيع قدرة الجيش على التدخل في الحياة السياسية والمدنية".

وأشاروا، في بيان مشترك لهما، السبت، إلى أن التصويت في الاستفتاء على التعديلات الدستورية يجرى "في ظل استمرار الاعتقالات الجماعية وحملة قمعية ضد الحريات الأساسية، شملت استهداف الداعين إلى مقاطعة التعديلات أو رفضها، وتقلص المعارضة السياسية في مصر بشكل جعلها صورية، وبالتالي فإن تنظيم تصويت حر وعادل سيكون مستحيلا".

وبحسب محامين حقوقيين تحدثوا إلى هيومن رايتس ووتش، اعتقلت السلطات أو أحالت للنيابة في فبراير، ومارس فقط أكثر من 160 معارضا أو شخصا تنظر إليهم كمعارضين.

وأوضح البيان أن التعديلات تبدو "مُصممة لتمكين الجيش من التدخل في الحكم المدني، والمجالات العامة والسياسية التي تقع على عاتق أجهزة إنفاذ القانون"، منوها إلى أنها ستجعل هناك ارتفاعا غير مسبوق في محاكمات المدنيين أمام محاكم عسكرية.

وتابع:" في سياق الانقلاب العسكري لعام 2013، الذي اعتبره الاتحاد الأفريقي غير دستوري وعلق مؤقتا أنشطة مصر داخل الاتحاد الأفريقي، تبدو التعديلات أيضا مُصممة لتبرير أي إزاحة مستقبلية للرئيس من قبل الجيش، وإلغاء نتائج الانتخابات الحرة، وعرقلة المسار الديمقراطي".

وأكد أن التعديلات يمكن أن "تحمي بشكل أكبر أعضاء الجيش من المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان وغيرها من الجرائم، بما في ذلك استخدام القوة المُفرطة، وتفريق الاحتجاجات السلمية، وغيرها من الانتهاكات التي تُرتكب باسم الحفاظ على الدستور والديمقراطية".

وأردف:" يمتلك الجيش المصري فعلا سلطات واسعة لتحديد السياسات والتدخل في الشؤون المدنية دون إشراف مدني. لا ينص الدستور على الرقابة المدنية على الجيش، وفقا لذلك، ستمنح التعديلات للجيش، في مجالات لديه فيها فعلا سلطة كبيرة على حرية العمل دون قيود، وعلى الأرجح دون مُحاسبة".

وبموجب الفقرة 1 من المادة 200 المُعدلة، ستوكل إلى الجيش مهام "صون الدستور والديمقراطية، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد"، إضافة إلى مهمتها في "حماية البلاد، والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها".

وقال نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، مايكل بيج: "تهدف هذه التعديلات إلى خنق آمال المصريين في العيش بكرامة وفي ظل سيادة القانون"، مطالبا سلطات الانقلاب بالوقف الفوري لتمرير التعديلات عن طريق تهديد المنتقدين والمعارضين السلميين، وإخفائهم، واضطهادهم.

ونوه بيج إلى أن "النظام المستبد في مصر يتطور إلى إعادة إنتاج نموذج الرئيس مدى الحياة، الذي يعشقه الحكام الدكتاتوريون في المنطقة ويكرهه مواطنوهم. لكن التجارب الحديثة لمصر والدول المجاورة أثبتت أن هذا النموذج لم تُكتَب له الحياة".

وأضاف مدير قسم الشرق الأوسط في اللجنة الدولية للحقوقيين، سعيد بن عربية: "هذه التعديلات اعتداء صارخ على سيادة القانون واستقلالية القضاء في مصر. إن تم اعتمادها، فستضع الجيش فوق القانون والدستور، وستعزز تبعية السلطة القضائية والنيابة العامة للسلطة التنفيذية".

ستوسع المواد 200 و204 و234 المُعدلة من الدستور بشكل كبير سلطة الجيش، في انتهاك لمبادئ سيادة القانون والحق في المحاكمة العادلة من قبل محكمة مختصة ومستقلة ومُحايدة، بحسب نص البيان.