نشرت مجلة بيكيا بادريس الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن ظاهرة الأطفال الذين يرفضون سماع أوامر آبائهم أو الانصياع إليهم، وحذرت من خطورة الصراخ في وجه الطفل، لما يسببه ذلك من أذى نفسي، ونصحت ببناء الثقة المتبادلة بين الوالدين والطفل.

وقالت المجلة، في تقريرها، إن كثيرين من الآباء والأمهات يلاحظون بعد فترة أن أطفالهم توقفوا عن الاستماع إليهم أو تطبيق أوامرهم، وهو أمر قد يكون سببا للإحراج والإحباط لدى الوالدين.

وأوضحت الصحيفة أن هذا السلوك ربما يكون المتسبب الحقيقي فيه هو الأب والأم، لأنهما يكونان قد عودا أبناءهما على التعامل معهما بتجاهل وبرود.

وحذرت المجلة من أن تكرار التعليمات أو التحذيرات ليس فكرة جيدة، وحتى لو كان الأبناء في مرحلة من حياتهم يريدون فيها اكتساب شخصية مستقلة والتعبير عن أنفسهم، فإنهم يجب أن يتعلموا اتباع التعليمات والالتزام بقواعد السلوك داخل المنزل، دون أن يضطر الوالدان لتذكيرهم بذلك في كل مرة.

وحذرت المجلة الآباء والأمهات من تبعات إصدار التحذيرات بشكل متكرر دون تطبيقها، حيث إنه عندما يقال للطفل: سوف أعد لرقم ثلاثة وهذا آخر تحذير، ثم لا يتم تطبيق أي عقوبات، فإن هذا الأسلوب يفقد فاعليته، وسيتعلم الطفل أن أبويه يطلقان تهديدات فارغة، وبالتالي فإنه لن يأخذ الأمر على محمل الجد.

وأضافت المجلة أنه في حال تكرار الأوامر أو التحذيرات لمرات عديدة، فإن الأطفال سوف يتوقفون عن الاستماع أو الانتباه لها، ويتعلمون تجاهل كلام الوالدين، لذلك يجب إعطاؤهم التعليمات مرة واحدة، ثم في المرة الثانية توجيه تحذير جدي لهم، وفي المرة الثالثة يجب المرور مباشرة إلى الأفعال لكي يتحملوا مسؤولية سلوكهم.

وأشارت المجلة إلى أن إصدار الأولياء للتحذيرات اليائسة يكون غالبا نتيجة لشعورهم بالإحباط بسبب سلوك الأطفال، وأبناؤهم يعرفون جيدا هذا الأمر، ويحاولون استغلاله. وعلى سبيل المثال إذا توعد الأب أبناءه بأنهم إذا لم يقوموا بترتيب الغرفة وتجميع ألعابهم، فسيقوم بجمعها ورميها في سلة المهملات، فإن الطفل رغم صغر سنه سوف يفهم أن هذا مجرد تهديد غير منطقي، ومبالغ فيه، ولذلك يجب على الكبار تجنب إطلاق تهديدات لا يستطيعون تنفيذها.

وقالت المجلة إن صراعات السيطرة والنفوذ في المنزل بين الكبار والصغار هي أمر منتشر في عديد العائلات، ومن السهل على الأولياء أن يقعوا في هذا الفخ ويدخلوا في مواجهة مباشرة وعقيمة مع أبنائهم، يكون فيها كل طرف مصرا على فرض رأيه واتباع غروره، ولكن كلما طالت هذه الحالة، ساءت الأوضاع في المنزل. والأبناء في الواقع يحتاجون إلى من يرشدهم ويؤطرهم، وليس من يدخل معهم في خصومات بدافع الغرور.

وأضافت الصحيفة أن الأولياء عندما يخبرون أبناءهم بأنه ستكون هنالك عقوبات تنجر عن سلوكهم، ثم لا يطبقون هذه التحذيرات، فإن هذا يمثل درسا سلبيا ومضرا جدا بهؤلاء الأطفال في المستقبل، ولن يتعلموا كيفية تحمل المسؤولية والانتباه للعواقب. ولذلك يجب على الأب والأم أن يحرصا عندما يكون الطفل عنيدا، على أن يتلقى العقوبة اللازمة. وفي المقابل أيضا عندما يكون سلوكه إيجابيا، يجب أن يحظى بالتقدير والمكافأة لتعزيز هذا السلوك.

ونبهت المجلة إلى خطورة معاقبة الطفل من خلال تجريده من بعض الامتيازات أو الألعاب، ثم إعادتها له بسرعة ما إن يطلبها. يجب قبل ذلك أن يفهم الطفل الخطأ الذي ارتكبه، ويستوعب بأنه مطالب بالامتثال للنصائح والأوامر، ويعلم بانتظارات والديه منه.

في سياق متصل، حذرت المجلة من خطورة الصراخ في وجه الأطفال، فإذا كان الأب أو الأم من النوع الذي يرفع صوته دائما عندما يكون غاضبا من أبنائه، فيجب عليه أن يعلم أن هذا السلوك العدائي يخلق حالة من الانسداد العاطفي، وهو ما سيجعل الطفل يرفض الاستماع إلى كلام والديه.

ولذلك فإن الصراخ لا يمكن أبدا أن يأتي بنتيجة إيجابية، بل سيجعل الطفل يتعلم شيئين خطيرين: الأول هو عدم الاكتراث بتاتا لما يقول الوالدان أثناء حالة الغضب، والثاني هو شعوره بأن الصراخ وقت الغضب هو أمر طبيعي ومقبول.

كما ذكرت المجلة أن رفع الصوت في وجه الطفل يعد نوعا من الإساءة النفسية، وإذا كان الوالدان يرغبان في بناء علاقة إيجابية مع أطفالهما، فيجب أن تكون أساليب الاتصال أكثر ليونة.

إذ إن الأطفال يجب أن يروا في والديهم نموذجا للثقة والتفاهم، ويجب أن يشعروا بأنه بإمكانهم الوثوق بهم ومصارحتهم باحتياجاتهم ورغباتهم في أي لحظة، دون الخوف من التعرض للنقد أو الفهم الخاطئ من والديهم.