طريقة تعبيرك عن حبك لطفلك لا تبني فقط شخصيته ولكنها تؤثر على سلوكياته وطباعه وتصرفاته لاحقًا، فبعض الأمهات بدافع الحب الشديد والخوف على أطفالهن يعبرن بطرق خاطئة جدًّا عن ذلك الحب تنعكس على تكوين شخصية الطفل وتغيره للأسوأ، فتعود لتتساءل ماذا فعلت ليكتسب طفلي هذه الطباع السيئة؟

وبالطبع لا نخبرك بألا تحبي طفلك وألا تعبري عن هذا الحب دائمًا ويوميًّا، فنحن نؤكد دائمًا أن التعبير عن الحب للأطفال وشعورهم بالأمان والسكينة في المنزل يجعلهم أشخاص أسوياء نفسيًّا واجتماعيًّا. ولكن عليكِ اختيار الطريقة الصحيحة لذلك، حتى تستفيدي أنتِ وطفلك من إيجابياتها وتتجنبي السلبيات.

5 طرق خاطئة تعبر بها الأم عن حبها لطفلها وعلاجها:
1. الطريقة الأولى: تفضيل طفلك على نفسك
رغم ما تحمله العبارة من إيثار ومحبة خاصة ومشاعر أمومة رائعة، إلا أنها للأسف إحدى طرق التعبير عن الحب الشائعة في مجتمعاتنا العربية تحديدًا، إذ تؤثر الأم طفلها على نفسها في كل شيء، بدءًا من الوقت للطعام للملابس للرفاهيات للراحة وما إلى ذلك. وبالطبع إذا تم ذلك في حدود وبطرق سليمة لن يضر طفلك، ولكن ما يحدث أنه يتم بلا قواعد فيكبر الطفل، وهو لا يعلم حقوق والديه ولا يقدر تضحياتهم تلك لأنه يُعدها حقًّا مكتسبًا وطبيعيًّا له، فتبدأ الأم بالشعور بالإحباط والاكتئاب، وفي الأساس هو خطئها هي وليس الطفل.

التصرف الصحيح:
هو أن تلبي لطفلك احتياجاته وتقومين برعايته على أكمل وجه، توفرين له ما تستطعين توفيره من وقت وجهد ومال وعناية وتربية صحيحة. وتعلميه أن لكِ أيضًا حقوق في الوقت والجهد والراحة وتناول طعام ساخن ومُعد جيدًا. عرفي طفلك احتياجاتك وأن حقوقك لا تتلاشى في حقوقه أبدًا، ولا تأكلي بواقي طعام طفلك ولا تجعليه هو فقط محور عالمك، لأنه سرعان ما سيكبر ويوصبح له عالمه أيضًا.

2. الطريقة الثانية: كل الطلبات مجابة
من أسوأ أساليب التعبير عن الحب أن كل ما يطلبه طفلك يُلبى له في الحال، لا يعلم ذلك طفلك الأنانية والتدليل المفرط وحسب، بل يجعله شخصية غير مسؤولة لاحقًا. فلا يعطي اهتمامًا للظروف أو احتياجات الغير ويرغب دائمًا في تلبية احتياجاته أولًا، مهما كنتِ مشغولة أو مريضة أو لديكِ التزامات أخرى.

أعلم جيدًا شعور كل أب وأم بألا يحتاج أطفالهما شيئًا أو يرغبون في الحصول على شيء ولا يستطيعون توفيره، وكم يصبح الأمر مؤلمًا. ولكنها الحياة، عندما يكبر طفلك لن تُلبى جميع احتياجاته فور رغبته به، وعليكِ تعويده على ذلك تدريجيًّا منذ الصغر، كي يصبح شخصًا متزنًا ومسؤولًا ويتعلم الصبر والتقدير.

التصرف الصحيح:
هو عكس ما سبق ببساطة، لا تلبي لطفلك كل ما يطلب مهما كنتِ تمتلكين المال والجهد، علميه تدريجيًّا أن بعض الأشياء لا تحدث هكذا ولا نحصل عليها في الحال، فمثلًا إذا رغب في لعبة معينة، عليه الانتظار حتى موعد عيد ميلاده، أو إذا رغب في الذهاب لمكان ما عليه الانتظار لتوفر وقت مناسب للأسرة. بالطبع لا ينطبق ذلك على كل طلباته، ولكن يجب تقويم السلوك الأناني للطفل وتعليمه هذا المبدأ من فترة لأخرى.

3. الطريقة الثالثة: المبالغة في المدح
نؤكد دائمًا ضرورة سماع طفلك لعبارات إيجابية عن نفسه وسلوكياته، ولكن الإفراط في ذلك طوال الوقت يجعل طفلك شخصية مغرورة ومتنمرة أحيانًا. لا تخبريه بأنه أجمل أو أفضل طفل في العالم، بل أكدي على طباعه الجيدة تحديدًا وأخبريه أن جميع الأطفال جيدون ولديهم مهارات رائعة، لا تنمي لديه "الأنا" والشعور بالذات حد الغرور والتكبر، حتى لو كنتِ تفعلين ذلك لتشجيعه، ولكنك دون قصد وبدافع الحب تضرينه تمامًا.

التصرف الصحيح:
كما ذكرنا سابقًا هو التشجيع بحكمة والحديث عن الصفات الإيجابية، ولفت نظر الطفل للتصرفات السلبية وكيفية تصحيحها، والحديث له عن الفروقات الفردية وكيف أن جميع الأطفال رائعون بدرجات متفاوتة.

4. الطريقة الرابعة: ابني لا يخطئ
بعض الأمهات لا يرغبن في الاعتراف بأن أطفالهن يخطئن أحيانًا، حتى لا تتأثر صورة طفلها أو تخيلها عن طريقة التربية التي تنتهجها، مما ينتج عنه طفل لا يتأسف ولا يعتذر عن الخطأ لأنه لا يرى أن هناك ما يستحق ذلك. تفعل الأمهات هذا بدافع الحب للطفل ولعدم تعريضه لموقف محرج، ولكن في المقابل سيظل طفلك هكذا حتى يصير شابًّا، لا يتعلم من أخطائه ولا يعتذر عما سببه معتقدًا أنه على صواب دائمًا.

التصرف الصحيح:
تعليم طفلك الصواب من الخطأ، وفضيلة الاعتذار وأنها قوة وليست ضعفًا.

5. الطريقة الخامسة: الخوف المفرط
بدافع الحب تخاف بعض الأمهات على أطفالها خوفًا مرضيًّا، فتمنعهم عن الكثير من الأنشطة الاجتماعية أو التصرفات الطبيعية التي يمر بها معظم الأطفال، فتكون النتيجة سلوكًا انطوائيًّا للطفل ومشكلات اجتماعية كثيرة لا يعرف كيف يتواصل، يتلعثم في الحديث ويعتمد على أمه تمامًا في كل شيء، ولا يعرف كيف يواجه مشكلاته ويحلها أو يكوِّن صداقات مختلفة.

التصرف الصحيح:
اتركي طفلك يجرب ويخطئ ويتعلم دون خوف، كوني خلفه ومعه ولكن لا تقومي بدوره ولا تتصرفي نيابة عنه، طالما لا توجد مشكلة كبيرة أو تصرف يفوق عمر وقدرات الطفل لا تتدخلي واتركيه يبني شخصيته بنفسه دون خوف مفرط يؤثر عليه لاحقًا.

وأخيرً، اعلمي أنه مهما كان حبك لطفلك كبيرًا، فالأهم هو طريقتك في توصيله لينعكس عليه بطريقة صحيحة تجعله شابًّا أو فتاة تفخري بهما مستقبلًا.