يجمع حلول عيد الأضحي المبارك مع قرب دخول المدارس والجامعات في مصر همين كبيرين على الأسر المصرية، خاصة مع ارتفاع أسعار جميع السلع والمنتجات في ظل غياب الجمعيات الأهلية والإسلامية التي كانت توفر تلك المتطلبات بلا ثمن أو بمبلغ رمزي.
 
وبينما يسعى المصريون لتوفير متطلبات العيد الذي يحل الثلاثاء، من ملابس ولحوم و"عيدية"، بدأ موسم الدروس الخصوصية مع أغسطس، وما يكلفه ذلك من مبالغ ترهق ميزانية المصريين شهريا، فيما ينطلق الفصل الدراسي الأول الشهر المقبل، وما يتطلبه الأمر من مصروفات مدرسية وكتب دراسية وملخصات الخارجية وشنط وأدوات كتابية وزي مدرسي ومواصلات للانتقال ووجبة الإفطار.
 
الرواتب لا تكفي
 
وحول متطلبات عيد الأضحى المبارك، تقول فوزية أم عاصم، (40 عاما) من مدينة بدر بالقاهرة، "لدي 4 أبناء كل منهم يحتاج ملابس العيد إلى جانب ما لا يقل عن 100 جنيه عيدية لكل منهم، ونحو 500 جنيه لحوم، وكل عام أذهب إلى العتبة والموسكي كي أفاجأ بأن ما اشتريته العام الماضي كان (ببلاش)"، مؤكدة، أنها هذا العام ذهبت بمبلغ 3000 جنيه هم نصف راتب زوجها مضافا إلى راتبها كمديرة حضانة تابعة للشؤون الاجتماعية ولم تعد إلا بنقود المواصلات ولم تشتر لنفسها ولا زوجها (قصقوصة)"، حسب قولها.
 
وترى عايدة أم محمد، بائعة جبن (50 عاما) شبرا القاهرة، أن حلول العيد مع دخول المدارس والدروس الخصوصية يرهقون أية أسرة مهما كان دخلها، مبينة، أنها تقوم بعمل جمعية كل عام بـ5000 جنيه كي تشتري لأبناءها الصغار وأحفادها متطلبات المدارس، موضحة أن هذا العام والعام الماضي اجتمع العيد مع المدارس ولم يكن أمامها إلا أن تقترض من أحد أقاربها كي تحل الأزمة، مؤكدة أنها هذا العام لا تجد حلا.
 
وقالت: "ما كنت أشتريه من ملابس بمائة جنيه أصبح بخمسمائة، وما كنت أشترية كأضحية للعيد من خروف بــ500 و600 جنيه، لم أعد أقدر على ثمنه الآن بـ2500 جنيه"، موضحة أنها مع زيادة سعر اللحوم تتجه لشراء 5 كيلو بنحو 750 جنيها ونعوض الباقي بشراء الفشة والكرشة والطحال والأرجل.
 
وفي نفس السياق أكد نائب شعبة القصابين بالغرف التجارية هيثم عبدالباسط، للصحف الجمعة، تراجع مبيعات اللحوم بنحو 60 بالمئة مقارنة بالعام الماضي، بسبب حالة التضخم بجميع السلع، وحلول عيد الأضحى مع الاستعداد للعام الدراسي، موضحا أن الأسعار من 140 لـ150 جنيها.

الدروس والعيد

وحول تأثير الدروس الخصوصية المتزامن بداياتها مع عيد الأضحى، تقول (أم عاصم): "أنا مديرة حضانة ومن العجيب أن الأطفال من سن 5 سنوات يجمعون بين الدرس في الحضانة والدروس الخصوصية التي تصل لأسعار خيالية من خمسين إلى 100 جنيه بالشهر"، مشيرة إلى أن ذلك "خلق بيزنس جديد؛ وهو شراء بعض ربات البيوت باصا صغيرا لتوصيل التلاميذ للحضانات والمدارس والدروس الخصوصية"، مبينة أن "توصيل الأولاد للدروس الخصوصية يعد ميزانية أخرى تخصم من مصروف البيت وتقلل فرحة العيد".

المدرس جمال حسن، (55 عاما)، أكد أن "الدروس الخصوصية لا يمكن لأي طالب الآن أن يجتاز أية مرحلة تعليمية بدونها"، مؤكدا أنه يعطي دروسا للتلاميذ من الحضانة وحتى الصف السادس الابتدائي، مبينا، أن "أجر الدرس من 75 إلى 150 جنيها، وهذا الرقم قليل بالنسبة للدروس بالقاهرة حيث أن الحصة الواحدة تصل لهذا الرقم"، موضحا: "أعاني كرب أسرة مما يعاني منه الناس مع قدوم العيد والمدارس".

وفي يونيو، أكد وزير تعليم السيسي طارق شوقي، أن أموال الدروس الخصوصية تبلغ نحو 30 مليار جنيه، وهو ما يعد نصف ميزانية الوزارة.

وعن أسعار الأدوات الكتابية، أكد صاحب إحدى مكتبات الجملة بشارع القيسارية بمدينة منيا القمح، أنه يشتري الأدوات الكتابية بسعر المصنع والمورد من الخارج الذي يرفع سعره سنويا من 25 إلى 30 بالمئة، كي يبيعها بمكسب جنيهات بكل ربطة كراريس وكشاكيل وأقلام، مبينا أنها "لا تكفي لدفع الإيجار والكهرباء والضرائب والتأمينات"، موضحا، أن "الحكومة والمصانع يتركوننا للمستهلك الذي يظن أن كل المكسب يعود علينا بينما لم نعد نبيع بالقدر الكافي".

وتوقع بركات صفا، نائب رئيس شعبة الأدوات المكتبية بالغرفة التجارية بالقاهرة في تصريحات صحفية ارتفاع أسعار الأدوات المكتبية 15 بالمئة مع موسم المدارس بسبب رفع أسعار الوقود في يونيو.

غياب الجمعيات

وحول دور الجمعيات الخيرية بمواجهة أزمات المصريين بالأعياد والمدارس، أكد (محمد. ع) مدرس 47 عاما، أن الجمعيات الخيرية مازالت موجودة، ولكنها للأسف تابعة لوزارة التضامن الاجتماعي ويديرها أشخاص يعملون مع الأمن ومعظمهم متقاعدون من القوات المسلحة، مضيفا: "وهناك حديث دائر بأن ما يقدم من مساعدات عبر هذه الجمعيات لا يتخطى أقاربهم".

المدرس الذي كان يشارك بإدارة إحدى الجمعيات بإحدى قرى محافظة الشرقية، أكد، أنهم "قبل سجن معظم أعضاء الجمعية ونقل نشاطها لأعضاء جدد كانوا يقيمون مع بداية كل عام دراسي معرضا للأدوات الكتابية والملابس المدرسية بنصف أسعارها بالسوق، ومع كل عيد كنا نشتري الجمال الحية بأسعار مخفضة من السودان، ويتولى بيعها أطباء ومهندسون ومعلمون بأقل من سعر السوق بعشرة جنيهات".

وفي تعليقه على قيام الجيش بتوزيع وجبات بمناطق متفرقة بالبلاد بمناسبة عيد الأضحى، قال: "من الأفضل ترك الجمعيات تعمل لأنها الأقرب إلى الناس والأقدر على معرفة احتياجاتها"، مضيفا: "ووجبة طعام كم تفيد بلدا ثلث سكانه تحت خط الفقر".

وأغلق نظام الانقلاب العسكري مئات الجمعيات الأهلية المتخصصة بالخدمات التعليمية والصحية والتموينية التابع بعضها لجماعة الإخوان المسلمين منذ منتصف 2013؛ فيما أقر البرلمان قانونا ينظم عمل الجمعيات الأهلية، بعقوبات تصل للحبس 5 سنوات وغرامات مليون جنيه مصري لمخالفيه.