كشفت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا عن معلومات حصلت عليها حول ترحيل معارض مصري من مدريد إلى القاهرة بطريقة وصفها مراقبون بـ "الهوليدية".

وقالت المنظمة البريطانية، إن السلطات الإسبانية تتحمل المسؤولية الكاملة عن سلامة وحرية المواطن المصري علاء محمد سعيد والذي تعرض للاختفاء القسري والتعذيب في مصر بعد قيام السلطات الإسبانية بتسليمه إلى مصر في الثالث من يونيو/ حزيران الماضي.

وأعلنت المنظمة الحقوقية، في بيان لها اليوم، حصلت "عربي21" على نسخة منه أنها "تمكنت من الحصول على معلومات من مصادر متطابقة في سجن مدريد ومطاري مدريد والقاهرة أكدت تورط السلطات الإسبانية في عملية تسليم علاء سعيد (مواليد 6 يناير/كانون الثاني 1973)".

وأضافت: "مارست الداخلية الإسبانية والمحامية التي عينتها الحكومة للدفاع عن علاء الخداع وضللوا المحكمة الأوروبية وتواطأوا مع الأجهزة الأمنية المصرية لتتم عملية التسليم بنجاح".

وكانت السلطات الإسبانية قامت بتسليم علاء سعيد إلى مصر مساء الأحد 3 يونيو/حزيران 2018 بعد احتجازه لمدة شهر ونصف داخل سجن الترحيلات الخاص بالمهاجرين غير الشرعيين في العاصمة مدريد إثر صدور قرار بترحيله إلى بلده في 7 مارس/آذار 2018 بعد اتهامه بالانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين والفكر والوهابي.

وقامت السلطات الإسبانية باستدعائه في 20 ديسمبر 2017 للتحقيق وتوجيه عدد من الاتهامات له تتعلق بفكره، بعد فتح تحقيقات معه حول نشاطه كإمام وواعظ ديني، ثم بدأت في إجراءات ترحيله إلى مصر في 26 ديسمبر/كانون الأول 2017، وقامت بمخاطبة السفارة المصرية في إسبانيا وإطلاعهم على القضية وهو ما زاد من الخطورة على حياته.

وبحسب المعلومات التي تمكنت المنظمة البريطانية من الحصول عليها حول عملية التسليم، فإن مدير مركز الاحتجاز الذي كان به علاء قام باستدعائه السبت 02 يونيو 2018 وأخبره أن السلطات الإسبانية وافقت على سفره خارج إسبانيا لأي دولة أخرى حسب رغبته، نافياً ترحيله إلى مصر رغم قرار المحكمة الأوروبية بإمكانية ذلك، وأنه سيتم ترحيله إلى مقر احتجاز آخر.

قامت الممرضة بحقنه بإبرتين مخدرتين لمنع مقاومته

وفي اليوم التالي تم اصطحاب علاء في سيارة مع ثلاثة من أفراد الأمن باتجاه المطار وتم احتجازه بإحدى صالات المطار، وفي العاشرة من صباح ذلك اليوم أتى طبيب وممرضة إليه دون الإفصاح عن سبب تواجدهم، وفي الرابعة عصراً تم اصطحاب علاء رغماً عنه في سيارة باتجاه الطائرة مع أفراد الأمن والطبيب والممرضة، وتم تقييده ووضع عصابة على عينيه، وصعدوا به إلى الطائرة والتي كانت فارغة من الركاب وقتها، ثم أتى قائد الطائرة وأخبره أنه مطلوب تسليمه إلى مصر، وبعد دقائق تم تقييده من الخلف ووضع رأسه إلى أسفل، وامتطى أحد أفراد الأمن ظهره، وقام آخر بالإمساك بقدمه بقوة، ثم قامت الممرضة بحقنه بإبرتين مخدرتين لمنع مقاومته لم يفق منهما إلا قبل الوصول إلى مصر بقليل، وفقا لبيان المنظمة.

وقالت المنظمة: "عند الوصول إلى مطار القاهرة قام مجموعة من أفراد الأمن المصري باعتقاله من داخل الطائرة بعد تسلم جواز سفره وأوراقه وأمتعته من أفراد الأمن الإسباني الذين كانوا بصحبة علاء في الرحلة، وتم التحقيق معه في المطار عن عمله في إسبانيا، مع التأكيد على أن الملف الخاص به الصادر عن جهات التحقيق الإسبانية به اتهامات قد تصل به في مصر إلى عقوبة السجن مدى الحياة أو الإعدام كما يحدث مع آلاف المعارضين في مصر."

وأوضحت: "اشتمل الملف الذي تم تسليمه إلى مصر من قبل السلطات الإسبانية على تحريات مفبركة من الشرطة الإسبانية حيث ذكرت أنه زار مصر فترة حكم  الرئيس محمد مرسي وهو غير حقيقي وقد تعمدت السلطات الإسبانية تزوير هذه المعلومة حيث أنه كان يمكنها التأكد منها بكل بساطة في سجلاتها الرسمية".

وأضافت: "بعد التحقيق مع علاء في المطار تم اقتياده إلى مكان مجهول بعد تعصيب عينه، وفي اليوم التالي تم عرضه على نيابة أمن الدولة العليا بتهمة الانتماء إلى جماعة محظورة وظل علاء قيد الاختفاء القسري مدة 23 يوما مقيدا ومعصوب العينين طوال تلك الفترة حتى تم عرضه على النيابة مرة أخرى في 25 يونيو 2018 والتي جددت حبسه 15 يوما على ذمة التحقيق في القضية رقم 640 لعام 2018 أمن دولة، قبل أن يتم ترحيله إلى سجن تحقيق طرة".

مارست السلطات الإسبانية ضغوطاً على زوجة علاء وبناته بوسائل غير مباشرة لإجبارهن على مغادرة إسبانيا

وأردفت: "أثناء التحقيق معه قام جهاز الأمن الوطني بمصر بالضغط على علاء لكي يطلب من زوجته وبناته القدوم إلى مصر وأخبروه أن ذلك بناء على طلب السلطات الإسبانية، على جانب آخر مارست السلطات الإسبانية ضغوطاً على زوجة علاء وبناته بوسائل غير مباشرة لإجبارهن على مغادرة إسبانيا".

وأكدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أن "السلطات الإسبانية مارست انتهاكات جسيمة بحق المواطن علاء سعيد، بدءا من التلاعب بأوراق قضيته بالاشتراك مع محاميته التي يبدو تواطؤها واضحا من القراءة الأولية لملف قضيته، ومرورا بتعريضه للتعذيب والتسليم الإجباري إلى مصر ورفض طلبه بالسفر إلى دولة أخرى، بالإضافة إلى ما فعلته السلطات الإسبانية من تحريض واضح ضده بإبلاغ السلطات المصرية بانتمائه إلى التيار الأكثر حظا بالتنكيل داخل مصر، وانتهاء بتسليمه إلى مصر ليلاقي مصير عشرات الآلف من المعتقلين المعارضين للنظام".

وأشارت إلى أن "الاتهامات التي يواجهها علاء في مصر لا يقبل أي قانون أو منطق أن تشكل جريمة من الأساس، حيث لم يقم علاء بأي فعل مادي إيجابي يخضع للتجريم، وكل الذي واجهته به السلطات الإسبانية كان مجرد اتهام بحمل أفكار، وهو اتهام لو صح فلا يمكن أن يشكل جريمة فالقوانين الدولية والمحلية والأوربية جزء منها تحترم حرية الفكر والاعتقاد".


وحملت المنظمة البريطانية "السلطات الإسبانية المسؤولية القانونية والأدبية كاملة عما تعرض ويتعرض له علاء من انتهاكات جسيمة"، موضحة أن "السلطات الإسبانية تعلم يقينا بحالة الانهيار الذي يعاني منه القضاء المصري وكيف يُعامل المتهمون بحمل فكر معارض، وقد نما إلى علم تلك السلطات بالتأكيد مقتل مئات من المعارضين بأحكام إعدام جائرة والتعذيب في مقار الاحتجاز أو بالتصفية الجسدية من قبل رجال الأمن".

وطالبت المنظمة السلطات الإسبانية بالتوقف عن محاولتها الرامية لإجبار زوجة علاء وبناته على مغادرة إسبانيا.