أظهرت دراسة أجراها مركز أبحاث السرطان في المملكة المتحدة، أن كثرة مشاهدة الأطفال لإعلانات الطعام تساهم بزيادة استهلاكهم لسعرات حرارية إضافية، وتصل هذه الزيادة لـ 18000 سعرة حرارية سنويا.

وبحسب الدراسة التي نشرتها صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية يصل حجم هذا الاستهلاك الإضافي بما يعادل ما يقارب 70 لوح من شوكولاتة مارس، و60 شطيرة برغر بالجبن - ويمكن أن يصل إلى زيادة الوزن بمقدار 5 رطل سنويًا.

وقد شملت هذه الدراسة -وهي الأكبر من نوعها- أكثر من 3300 طفل ومراهق، تتراوح أعمارهم بين 11 و19 عاما، سئلوا عن إعلانات منتج يحتوي على نسبة عالية من الملح والسكر والدهون.

وتبين أن الشباب شاهدوا 21 ساعة من التلفزيون أسبوعياً مع الإعلانات، بما في ذلك حوالي ستة إعلانات لبيع الوجبات السريعة أسبوعياً، وتناول حوالي 30 وجبة خفيفة بشكل غير صحي أسبوعياً. وظهور إعلانًا واحدًا إضافيًا كل أسبوع كان مرتبطًا باستهلاك 60 وجبة خفيفة إضافية في السنة - أو 18000 سعر حراري سنويًا.

وقالت الدكتورة جيوتسو فوهرا، رئيسة مركز أبحاث سياسات السرطان في مركز أبحاث السرطان بالمملكة المتحدة: "إن الدراسة التي أجريت بناء على الملاحظة تشير إلى وجود روابط واضحة بين السمنة والإعلانات".

وقالت: "يرتبط تسويق الأكل الجاهز بالبدانة لدى الشباب من جميع الأعمار، ونحن نعلم أن السمنة مرتبطة بما لا يقل عن 13 نوعًا من السرطان".

وتابعت: "لن تصرف شركات صناعة الأغذية مئات الملايين في الإعلان عن منتجاتها بعمل إعلانات جذابة إذا لم تكن تجعل الناس يأكلون أكثر".

ووجدت الدراسة أنه في المتوسط، يستهلك الشباب حوالي 30 وجبة خفيفة غير صحية أسبوعياً - حيث يتناولون حوالي نصف السعرات الحرارية الموصى بها من السعرات الحرارية- وفقط 16 حصة من الفاكهة والخضروات.

وأشار تقرير الصحيفة إلى أنه كلما زاد عدد إعلانات الطعام الجاهز التي يشاهدها الشباب، زاد عدد الوجبات السريعة التي يتناولونها، حيث تمكن جميع المشاركين من تذكر إعلان مفضل، بالأخص تلك التي تكون جذّابة ومضحكة.

وتقول " فوهرا": "في الوقت الذي يقضي فيه المراهقون، اليوم وقتًا أطول أمام الشاشات أكثر من أي نشاط آخر بخلاف النوم، فإن الحد من عرض إعلانات الطعام الجاهز على منصات البث التلفزيوني بالإضافة إلى التلفزيون سيكون أمرًا أساسيًا لمساعدة المراهقين على اتخاذ خيارات نظام غذائي صحي وتخفيض معدلات البدانة".

سر الانجذاب
وينجذب الأطفال بكل سهولة لهذه الإعلانات. وعن سر وسبب هذا الانجذاب يقول أخصائي الطب النفسي وليد سرحان: "ينجذب الطفل للصورة والنغمة والمشهد الذي يتم اختياره بعناية لهذا الهدف".

وعن كيفية منع تأثير هذه الإعلانات على الأطفال أوضح سرحان، أنه "لا يمكن وقف التأثير الهائل للدعاية والإعلان، ولكن يمكن التخفيف منها بتنبيه الأطفال للأكل الصحي والغير صحي".

وأشار إلى أنه "ليس من المفروض أن يتم تلبية طلب الأطفال لنوع من المأكولات كلما طلبه، وإنما فقط منحه إياه بعض الأحيان، وعدم الرضوخ للأكل غير المناسب".

بدوره، قال أخصائي الطب النفسي زهير الدباغ: "يُعرف الإعلان من الناحية النفسية بأنه نوع من الإيحاء المحبب والجميل، والذي كلما كان لمدة أطول، كلما أصبح أكثر حضوراً بالوعي، وبالتالي أكثر تكراراً بالسلوك".

وتابع في حديث: "حتى نمنع تأثير هذه الإعلانات على الأطفال يجب بداية شرح الأهل المسألة لهم، حتى يكون لديهم فهم لماذا لا نعطيهم هذا الشيء الجميل. وبالتالي تحديد أو منع الانصياع لمثل هذه الإعلانات".

ولفت إلى أنه من الضروري أن يكون ذلك المنع بالتفهم والشرح وليس بالزجر، وإلا سيزداد الإيحاء شدة، أي تزداد رغبة الطفل بهذه المنتجات ويزيد أيضا التأثير النفسي لهذه الإعلانات على الطفل.

وأوضح بأن الحل الأنسب هو شرح خطر مضمون هذه الإعلانات، وليس الابتعاد عنها فهي موجودة بكل مكان.

مخاطر سمنة الأطفال
من جهتها، قالت أخصائية التغذية دانة بردقجي: "بداية، اعتاد الكثيرون منا على إبداء الإعجاب بالطفل الذي تظهر عليه علامات السمنة الزائدة، وإطلاق ألقاب محببة عليه كنوع من المداعبة، مثل "كلبوز"، وهذا التصرف خاطئ لأنه يوحي للطفل بأن السمنة شيء جيد".

وتابعت في حديث لـ "عربي21": "وللسمنة آثار سيئة على الأطفال ابتداء من الشكل وانتهاء باحتمالية إصابته بالسكري وأمراض مزمنة أخرى".

ونصحت بحساب كميات السعرات الحرارية التي تُعطى للطفل، والمحافظة على وزنه خوفا من حدوث مضاعفات صحية لديهم أو صعوبة في الحركة.

يُذكر أن كثير من شركات الإعلانات تستخدم ممثلين صغار مشهورين، للترويج لمنتجات غذائية، وذلك لقناعتهم بأنهم سيكون لهم تأثير على من هم في سنهم.