هل قارب طفلك على إتمام عامه الثاني؟ مرحبًا بكِ إذًا في مرحلة جديدة ممتعة من تطور شخصية طفلك وطباعه وتصرفاته، عادة يستطيع الأطفال في هذه السن التحدث ما لا يقل عن 50 كلمة ويفهمون نحو 200 كلمة أيضًا، بالإضافة للمشاعر المختلفة التي تظهر على ملامح وجهك ونبرة صوتك، فطفلك يستطيع الآن التعبير عن نفسه قليلًا بالإشارات مع بعض الكلمات التي اكتسبها، وتصدر عنه كذلك تصرفات قد تدهشك تجاه المواقف والأشخاص، ومع ذلك ورغم كل ما سبق، لا يزال هناك صعوبة تعاني منها معظم الأمهات في فهم أطفالهن الصغار في هذا العمر والتصرفات التي يفعلونها.

لا بأس ربما لا يمكنكِ الآن فهم كلمات طفلك الغير واضحة أو حتى إشاراته، وفي أفضل الأوقات تترجمين هذه الإشارات بشكل خاطئ أو بمعنى أدق تترجمينها بعقل أم كبيرة وليس كما يعنيها ويقصدها عقل طفلك الصغير ذي العامين. والحقيقة أن طفلك عندما يفعل تصرفًا ما فهو يعني أمر ما واضح ومباشر ولكن بتفكيره هو، لذلك عليكِ أولًا قبل قراءة السطور القادمة وضع نفسك مكان طفلك لتفهميه وتفهمي طباعه أكثر.

نصائح وتفسيرات تُمكنكِ من فهم تصرفات طفلك ذي العامين بسهولة:
مشاعر طفلك: الشعور بالأمان والخوف والقلق
هل يقف طفلك عاقدًا يديه باتجاه صدره أمام إحضار لعبة أو ملابس جديدة أو تقديم طعام جديد؟ أنتِ كأم تفهمين هذه الإشارة أن طفلك لا يحب هذا الشيء الجديد ويبدي اعتراضه عليه، أليس كذلك؟ لكن طفلك ببساطة يعني بهذا التصرف أنه "قلق" ومترقب".

قد يصعب عليكِ تقبل هذا التفكير ولكنها الحقيقة، يعتقد الصغار أنهم يمكنهم حماية أنفسهم بإبعاد أجسادهم عن الشيء الذي يشعرون بالقلق والتوتر تجاهه، مثل لعبة جديدة شكلها غير مألوف لهم أو طعام جديد لا يُثير شهيتهم أو ملابس جديدة غير محببة لهم، فيبدأ في عقد يديه والابتعاد تعبيرًا عن عدم الارتياح والشعور بالخوف، وليس الرفض! ودورك هنا عزيزتي هو محاولة تهدئة طفلك برفق وليس بمبالغة أو إفراط، فلا ترغميه على تجربة الشيء الجديد أيًّا كان، أريه كيفية استخدامه والتعامل معه برفق، وإذا ظل رافضًا مبتعدًا، انسي الأمر الآن وكرري المحاولة في وقت أخر أكثر هدوءًا حتى لا ينقلب الأمر لخوف وذعر ورعب.

الأمر نفسه مع كل شيء يتعلق بمشاعر طفلك، أول يوم في الحضانة مثلًا، أو التدريب على استخدام الحمام، أو استقبال مولود جديد في المنزل أو الانتقال لمنزل جديد، كل هذه التغيرات المفاجئة تربك طفلك، فتعاملي معها بهدوء وليس بإجبار وإحباط.

تصرفاته تجاه الأشخاص: الرفض والقبول
هل يرفض طفلك مصافحة خالته أو عمته أو إحدى صديقاتك المقربات لكِ؟ حتى وإن لم يكن يراهن للمرة الأولى؟ قد تترجمين هذا التصرف برفض طفلك وكرهه للشخص أو أنه يتعمد إحراجك مثلًا، ولكن ببساطة يمكنكِ النظر حينها لوجه طفلك، هل يضحك؟ فيعني ذلك أنه يلعب مع الزائر أو لديه بعض الخجل الذي سرعان ما سيزول، أم أن وجهه غير سعيد تمامًا مما يعني أنه يشعر بموجة من القلق والتوتر تجاه هذا الغريب لأي سبب ما، أيًّا كان لا تتجاهلي مشاعره ولا ترغميه على أمر لا يريده.

الأطفال الصغار يتعاملون مع الكثير من المشاعر الجديدة يوميًّا، ولا يعرفون دائمًا كيفية التعبير عنها. فقط يحتاجون إلى بعض الوقت للتأقلم وفهم ما يشعرون به،  فبدلًا من وصم طفلك بأنه خجول أو انطوائي أو لا يحب الغرباء وقول ذلك أمامه، مما ينطبع في ذهنه تجاه نفسه، قولي إن طفلك يحتاج بعض الوقت للتكيف مع هذا الشخص واتركيه على راحته تمامًا، فإذا شعر بالألفة ستجدينه يتصرف بحميمية لاحقًا تجاه الزائر دون إحراج.

طفلك يكبر: الرغبة في الاعتماد على النفس
هل يرفض طفلك أن تساعديه في تناول الطعام؟ هل بدأ بدفع يديكِ في أثناء إلباسه بعض ملابسه ومحاولة فعل ذلك بنفسه؟ هل يرغب في صعود السلم بمفرده وحمل كوب الماء بيديه هو؟ كأم يمكنكِ فهم هذا التصرف بأن طفلك عنيد وصار لا يحبك ولا يتعلق بكِ كما كان في الماضي القريب.

ولكن ببساطة طفلك الآن يكبر ويكتشف مهاراته وقدراته وشخصيته ويرغب في الاعتماد على نفسه وتجربة كل هذه الأشياء بمفرده، فهو فقط يطلب منكِ بطريقة غير مباشرة إعطاءه بعض الثقة في النفس والتشجيع والتواجد القريب في حال احتاج لمساعدة ضرورية.

عدم النظر إليكِ: إذًا فهو يتجاهلكِ ويفعل شيئًا خاطئًا
لا يسير الأمر على هذا النحو دائمًا، طفلك ليس شخصًا كبيرًا يعرف بدقة ماذا يفعل وكيف يعبر عنه، ولا يخفي جريمة ما في غرفته، وعادة يكون تجاهله النظر في عينيكِ عند دخولك غرفته بسبب شعوره بالقلق أو الندم لشيء ما فعله، مثل نثر بعض قطع الطعام على الأرض أو كسر لعبة ما أو فتح أحد الأدراج. طفلك لا يقصد مضايقتك، هو فقط لا يعرف كيف يواجهك بمشاعره ولا كيف يعبر عن شعوره بالأسف والندم، فيتجنب النظر لكِ قلقًا وعدم معرفة، وليس تجاهلًا أو تحديًا.

انظري في عينيه وأخبريه برفق مع حضن عميق أنكِ تحبينه، وعليه إخبارك بما فعل لمساعدته دون أي توتر.

في كل الأحوال، لا تأخذي أبدًا تصرفات طفلك بشكل شخصي، ولا تتصرفي تجاه الأمر بتوتر ومبالغة في ردود الأفعال.كل شيء يمكن فهمه والتصرف معه بإيجابية، ومتى شعر طفلك بالأمان ستتضح ردود فعله أكثر وسيتقرب لكِ أكثر وأكثر.