الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فضيلة الشيخ / خالد مصطفى
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال:
(إن المفلس فينا من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة, ويأتي وقد شتم هذا, وقذف هذا, وأكل مال هذا, وسفك دم هذا, وضرب هذا, فيُعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته, فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضَى ما عليه أخذ من خطاياهم, فطرحت عليه, ثم طرح في النار) (مسلم).
فحش القول يثير الفاحشة في المجتمع:
قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (النور: 19) إن الكلمة الخبيثة, توقع الفرقة و تثير الفتنة بين أبناء الوطن الواحد: والله تعالى يقول: (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) (البقرة: 217) ولذلك أمرنا الله تعالى بالكلمة الطيبة الحسنة مع المسلمين وغير المسلمين:
(وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ) (البقرة: 83)، (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا ) (الإسراء: 53) قال تعالى (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ) (الحج: 24)، قال تعالى (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ) (العنكبوت: 46)، وتأملوا في وصية الله تعالى – لنبيه موسى وأخيه هارون عليهما السلام عندما أمرهما بالذهاب إلى فرعون لدعوته إلى الله: (اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ) (طه: 44)
إن من صفات المؤمنين الصادقين الإعراض عن اللغو وأهله: قال تعالى (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) (المؤمنون: 3)، وقال تعالى (وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا) (الفرقان: 63)، ولا يليق أبدًا بالموحدين لله رب العالمين, أصحاب الكلمة الطيبة, أن يجري على ألسنتهم ما يدور على ألسنة غيرهم من الكلام الخبيث, أو فحش القول.
إن من يحلل الدوافع التي تدفع الإنسان إلى فحش القول يجد أنها تعود إلى:
• ضعف الإيمان بالله واليوم الآخر.
• وأمراض النفوس كالعجب والغرور والكبر والحسد.
• والأنانية وتقديم المصالح الشخصية على المصلحة العامة.
• ومخالطة أهل الفسق والفجور, ومحاكاتهم وتقليدهم.
أيها المسلمون: كيف تَعَامَلَ صاحبُ الخلق العظيم صلى الله عليه وسلم مع السفهاء من الناس: لقد كان سلوكه صلى الله عليه وسلم ينطلق من قوله تعالى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت: 34) عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أتى النبيٍَ صلى الله عليه وسلم أناسٌ من اليهود, فقالوا: السَّامُ عليك يا أبا القاسم0 قال: (وعليكم) قالت عائشة: قلتُ: بل عليكم السَّامُ والذَّام0 فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا عائشة لا تكوني فاحشة) فقالت: ما سمعتَ ما قالوا؟ فقال: (أو ليس قد رددتُ عليهم الذي قالوا؟ قلتُ: وعليكم) (البخاري ومسلم) السَّام: الموت, والذَّام: الذَّمُ
• وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال: كانت امرأة ترافث الرجال (أي تكلمهم كلامًا بذيئًا) وكانت بذيئة فمرت بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يأكل ثريدًا على طربال فقالت. انظروا إليه يجلس كما يجلس العبد ويأكل كما يأكل العبد. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وأي عبد أعبد مني؟ قالت: ويأكل ولا يطعمني. قال: كلي. قالت. ناولني بيدك, فناولها، فقالت: أطعمني مما في فيك, فأعطاها فأكلت فغلبها الحياء فلم ترافث أحدًا حتى ماتت).
واسمع إلى الإمام الشافعي رحمه الله وهو يصف لنا كيف تعامل مع السفيه:
يخاطبني السفيه بكل قبح * فأكره ُ أن أكونَ له مجيبَا

يَزيدُ سفاهةً فأزيدُ حِلما * كعود زاده الإحراقُ طيبًا
وقال عمرو بن علي:
إذا نطق السفيه فلا تجبه * فخيرٌ من إجابته السكوتُ

سكتُّ عن السفيه فظن أني * عَيِيتُ عن الجواب وما عَيِيتُ

تحلل من المظالم قبل أن يأتيك الموت بغتة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم, قبل أن لا يكون دينارٌ ولا درهمٌ, إن كان له عملٌ صالحٌ أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحُمل عليه) (رواه البخاري).
هل تريد أن تضمن الجنة وأنت في دنياك؟ عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة) (البخاري)
من أدعية النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم إني أعوذ بك من يوم السُّوء, ومن ليلة السوء, ومن ساعة السوء, ومن صاحب السوء, ومن جار السوء في دار المقامة) صحيح الجامع للألباني
(اللهم اهدنا لأحسن الأعمال وأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت0 وقني سيىء الأعمال وسيىء الأخلاق لا يقي سيئها إلا أنت) (النسائي والدراقطني)