نشرت صحيفة "الكونفدنسيال" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن الوضع في ميانمار، والاضطهاد الممارس ضد الأقليات المسلمة فيها. وقدمت ملخصا في الغرض يحتوي على جملة من المعطيات التي تفسر حقيقة التطهير العرقي الذي تشهده هذه الأقلية خلال القرن الحادي والعشرين.

وقالت الصحيفة، إن معاناة الروهينغا تعود إلى عدة سنوات خلت، وتكررت أكثر من مرة. ففي سنة 2009، حاول عدد من الأقليات المسلمة الهروب نحو تايلاند، إلا أن هذه الدولة استقبلتهم بعمليات عنف أبشع من التي واجهوها على أراضي ولاية راخين.

وبينت الصحيفة أن ما حدث في ذلك الوقت بالتحديد يتمثل في أن "السلطات التايلاندية عندما لمحت قوارب الروهينغا تقترب من شواطئها، قامت بتعطيل محركاتها، وعرقلتها عن الوصول؛ من خلال ملء متن القوارب بالمياه"، وهو ما أدى إلى تبديد أحلام الأقلية المضطهدة. في الواقع، خرجت هذه القصة إلى النور على إثر إنقاذ البحرية الهندية لركاب أحد القوارب. أما باقي المهاجرين، فلم يسمع أحد عنهم أي أخبار منذ ذلك الحين.

وأضافت الصحيفة أن المتحدثة باسم الأمم المتحدة عرفت هذه الأقلية على أنها "المجموعة التي تملك أقل عدد من الأصدقاء في العالم". ومنذ شهر آب/ أغسطس الماضي، ساهم اندلاع موجة عنف جديدة ضد الروهينغا في تسليط الضوء مرة أخرى على هذا الصراع، حيث لا تحظى هذه المجموعة الإثنية بالاهتمام الدولي الكافي، على الرغم من عددها الضخم، وفظاعة الجرائم المرتكبة في حقها.

وقدمت الصحيفة، أولا، المعطيات المتعلقة بالتطهير العرقي الأبشع من نوعه في القرن الحادي والعشرين. فقد تسببت أعمال العنف ضد هذه الأقلية المسلمة في نزوح عدد هائل منهم إلى بنغلاديش وبلدان أخرى، مع العلم أن عدد الروهينغا يبلغ حوالي 1.1 مليون شخص، ويعيشون في ظل الاضطهاد في ولاية راخين، غرب ميانمار. وحدثت عمليات العنف بشكل دوري في سنة 1977 و1988، وسنة 1991 و1992، وسنة 2012.

وبينت الصحيفة أن أسباب هذا الاضطهاد عرقية ودينية بالأساس، خاصة أن الروهينغا مسلمون في بلد ذي أغلبية بوذية. في المقابل، عندما ظفرت البلاد باستقلالها، كان الروهينغا يتمتعون بحقوقهم الكاملة كمواطنين في ميانمار، بيد أنهم أصبحوا عرضة للظلم والاستبداد من قبل الدكتاتورية العسكرية التي حكمت البلاد. وتدريجيا، تم حرمانهم من حقوقهم، وجردوا من صفتهم كأقلية إثنية في سنة 1982. وبمرور الوقت، أصبح الروهينغا "عديمي الجنسية"، ما زاد من حدة معاناتهم.

وتحدثت الصحيفة، ثانيا، عن كيفية اندلاع هذا الصراع، الذي احتدت وتيرته في سنة 2012. فخلال تلك السنة، شهدت راخين أكبر موجة عنف طائفي، الذي حركه بشكل رئيسي الكهنة البوذيون المدافعون عن الإيديولوجية القومية. ومنذ هذا التاريخ، ازدادت المعاملات سوءا ضد الروهينغا، فضلا عن التجاوزات المرتكبة في حقهم.

وأوردت الصحيفة أن جماعة منتمية إلى الروهينغا فقدت صبرها، وشكلت جماعة مسلحة، تحت اسم حركة اليقين، للرد على هذه الهجمات. وأمام الاستجابة الوحشية لجيش ميانمار، وتعدد المواجهات مع الروهينغا، كانت ردود السلطات في ميانمار أكثر عنفا، فلجأت هذه المرة إلى سياسة الأرض المحروقة ضد قرى الروهينغا، التي شملت القتل والاغتصاب والتدمير على نطاق واسع. ونتج عن ذلك نزوح حوالي 400 ألف شخص آخرين إلى بنغلاديش.

ونقلت الصحيفة، ثالثا، مختلف الآراء المتعلقة بما يحدث في ميانمار، من بينها ما تقدم به المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، زيد رعد الحسين، الذي وصف ما يحدث للروهينغا "بالتطهير العرقي" بأتم معنى الكلمة. فضلا عن ذلك، أكد شهود عيان وتوفر العديد من الأدلة أن ما يحدث في ميانمار يصنف ضمن الانتهاكات الجسيمة ضد حقوق الإنسان. وشملت هذه الانتهاكات تدمير القرى، والإعدام خارج نطاق القضاء، وارتكاب قوات تاتماداو والجيش البورمي وقوات الأمن في راخين لأبشع الجرائم.

وبينت الصحيفة أن منظمة العفو الدولية أكدت أنه توجد أدلة على وجود "نمط واضح وممنهج" للاعتداءات المسلطة ضد الروهينغا. من جهتها، أكدت تيرانا حسن، مديرة الاستجابة للأزمات في منظمة العفو الدولية، أن ما يحدث ضد الروهينغا "جرائم ضد الإنسانية، بما أنها شملت هجمات منهجية وطردا قسريا للمدنيين".

وأشارت الصحيفة، رابعا، إلى أن ردود الفعل الدولية كانت ضئيلة، واقتصرت في غالبية الأحيان على التنديد. وفي هذا السياق، وصف كل من وزير خارجية جمهورية بنغلاديش والرئيس التركي ما يحدث ضد الأقلية المسلمة في ميانمار بالإبادة الجماعية. كما فتحت بنغلاديش حدودها أمام الأقلية المضطهدة، أما بقية البلدان المجاورة فلا تهتم كثيرا لمأساة الروهينغا.

وبينت الصحيفة، خامسا، أن السلطات في ميانمار ادعت أن حركة اليقين تنظيم متطرف، كوّنه عناصر من الروهينغا متشبعون بالفكر المتطرف النابع من المملكة العربية السعودية. في المقابل، لا توجد أدلة صارخة تؤكد مزاعم السلطات في ميانمار. كما تعامل مختلف المراقبين بحذر تجاه هذه الاتهامات التي تخدم السلطات البورمية، وشككوا فيها.

وفي الختام، قالت الصحيفة، سادسا، إن الحائزة على جائزة نوبل للسلام، أونغ سان سو تشي، تعرضت لانتقادات لاذعة؛ بسبب عدم تحركها لمجابهة هذه الانتهاكات والتنديد بها، وهو ما دعم حجة الأصوات المطالبة بنزع لقب نوبل للسلام منها. ومع ذلك، ازداد الأمر سوءا عندما خرجت هذه الزعيمة عن صمتها، حيث بررت انتهاكات الجيش ولم تعترف ببشاعتها.