عزت النمر:

 



لا أدري هل ثمة حديث جاد مازال يمكن أن يُطرح في ما يسمى بالثورة المصرية ؟!..

حالة من الركود الثوري الآسن البئيس أوصلتنا إليها نخبتنا المسماه بالثورية ..

هل ترك لنا فرقاء الثورة ونخبتها باباً للتفاؤل مفتوحاً أو موارباً ؟!..

لست أميل بطبيعة الحال إلى التشاؤم واليأس .. إطلاقاً

ولكن ببساطة أتناول بعض إنتاج نخبة ثورتنا!!.

ربما نفتقد حيناً الفعل المتعدي والمبادرة الجادة والأداء المؤثر، لكن لا أقل من أن نتداول حوار النخبة الصاخب وجدلياتها المثيرة!!.

إنها الشرعية ..

هي مادة الحوار الثوري الدَسِمة ، وجدليته الرئيسة !!.

ما هي الشرعية إذن ؟!.

في كل بلاد العالم ؛ الشرعية تُكتَسب من الصندوق الانتخابي أو القاعدة الشعبية أو انتصار نوعي أو مشروع قومي أو انجاز تاريخي ..

إلا أم الدنيا ..

لا يعترف فرقاؤها بالشرعية ولا يقدروا صورتها الوحيدة في مصر ألا وهي الصندوق الانتخابي والقاعدة الشعبية..

من المؤسف أن نتحدث حديثاً كهذا يلمز فرقاء الثورة، وليس يقصد زبانية الانقلاب وسدنة الاستبداد ، رغم فروق مازالت بادية بين الفريقين.

بعد 4 سنوات؛ يبدو أن علينا أن نتساءل ونسائل قومنا : ما هي الشرعية ؟!..

ما هي حقيقة شرعية الثورة التي كنا نتغنى بها جميعاً ؟!.

هل هناك شرعية مبدئية فعلاً ؟!، أم توهمات ضبابية لم تكفِ السنوات الأربع لتحددها وتحسمها ؟!.

فيم قامت إذاً ثورة يناير التي سنستقبل عما قريب ذكراها السابعة ؟!.

ألم نكن نتنادي  بالمطالبة بحق الشعب المصري في تقرير مصيره ؟ أم أن الثورة قامت لتتولى نخبة ما حق تقرير مصير المصريين على اعتبار أنهم لم يصلوا بعد حد البلوغ والرشد ؟!.

حقيق علينا أن نتساءل ونسائل فرقاءنا : هل يمكن لفريق منهم أن يحسب شرعية من أي نوع لما حدث في 30 يونيو أو 3 يوليو؟!.

هل يمكن لأحد من نخبتنا التي تهتف بالثورة ورفض الانقلاب منذ سنوات أن تقرر علينا شرعية جديدة اسمها شرعية الدبابة ؟!. ولو اتخذوا لها اسماً لطيفاً أسموها شرعية الأمر الواقع ؟!.

لماذا إذاً لا يتحلى هؤلاء بالصراحة  ويعلنوا شرعية جديدة تخص الواقع المصري فقط اسمها شرعية الانقلاب ؟!.

لماذا إذاً كانت الثورة على نظام مبارك ؟ وقد كان يملك الأمر الواقع حينها !!. ، وكان الواقع إذّاك أخف مأساوية وكارثية مما نعانيه الآن ؟!.

لِمَ لا يطالب هؤلاء الأشاوس بسيرة حبيب العادلي باعتباره نسمة، مقارنة بمجدي عبد الغفار وأقل منه دموية وأخف قهراً؟!.

لِمَ لا يطالب هؤلاء إذن بعودة "الوطني" جمال مبارك الذي لم يفرط في تيران ولا صنافير ، كما أنه وأباه لم يفرطا سوى في كرامة الوطن وسيادته، وأهدرا معه كذلك حق الشعب في تقرير مصيره ؟!.

أيا فرقاء الثورة الكرام : دعونا نفهمكم وتفهمونا قبل أن نطالبكم أو تطالبونا بشئ..

دعونا نتصارح فلربما قَصَّرنا على أنفسنا المسافات وأرحنا أنفسنا من عناء وأحلام ما نحن ولا أنتم ببالغيها ولو بشق الأنفس ؟!.

أي شرعية تريدون أيها الثوار ؟!.

وهل تمثل إرادة المصريين شرعية مقبولة لديكم ؟!.

وهل تشترطون على الشعب وصوته وإرادته أن يأتوا بزيد أو عمرو حتى تقبلوا اختياره وترحموه من وصايتكم ؟!.

وعموماً .. هل يُشترط في شرعية الانتخاب الحر أن يأتي بالأفضل أصلاً ؟!.

وهل هناك الأفضل مطلقاً حتى يتوافق عليه الجميع وتجتمع عنده كل الأقلام ؟!. أم أن قضية التفاضل تظل نسبية تحكمها معايير متنوعة لذا لا تلتقي عندها الأمزجة والأهواء.

وهل مُحَدِد العملية الديمقراطية أصلاً هو اختيارات النخبة أم إرادة الشعوب ؟!.

وهل اجتمعت نخبة المحروسة على قرار؛ لعلنا نتبع النخبة إن كانوا صادقين، جادين، متفقين!!.

وعلى الجانب الآخر ..

لا تظن جماعة الإخوان المسلمين أن مسألة الشرعية أمر يخصها فتملك الحق في التنازل عنها أو التفاوض بشأنها!!.

ليست الشرعية - خاصةً في ظرفنا الحالي - ملكية خاصة لأحد حتى يشتري بها رضا خصومه أو يكسب بها ود غرمائه الألداء أو يعتبرها - تحت أي مبرر - ورقة تستخدم لحلحلة الوضع أو لتقريب المسافة بين الفرقاء.

فك الله بالعز أسر الرئيس محمد مرسي الذي يعتبر الشرعية أمانة وتكليفا يتحمل العنت والمشقة للوفاء بها, في الوقت الذي يعتبرها البعض سبوبة رزق وينتظرها كثير من العجزة الذين يعيشون مستغرقين في جلباب الأنانية والشهوة حالمين بمنصب فَارِه وكرسي وثير!.

 

 

 

المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي نافذة مصر