يعيش الآلاف من المدنيين الهاربين من جحيم الموت والقصف اليومي، جحيماً آخر في مخيمات النزوح التي وصلوا إليها بريف محافظة الرقة، والتي باتت سجناً كبيراً لهم، تفتقر لأدنى مقومات الحياة وأبسطها، بعد أن وقعوا ضحية حرب مستعرة بين قوات قسد وتنظيم الدولة في أرض بات ترابها وحجرها وزرعها إرهابياً.

عذابات مستمرة لآلاف العائلات الهاربة من الاشتباكات المستمرة بين قوات قسد وعناصر تنظيم الدولة بريف محافظة الرقة، واجهت الموت مرات ومرات حتى استقر بها المطاف في مخيمات عين عيسى والمخيمات القريبة منها، وسط عزف أي من الجهات المسيطرة على مناطق نزوحها على تقديم أي دعم أو مساعدة لهذه العائلات المشردة اليوم في البوادي والصحاري.

وتداول ناشطون من الرقة صوراً مأساوية لحال المشردين المعذبين في مخيمات عين عيسى بريف الرقة، وصل الحال لعجز العديد من العائلات عن إيجاد خيمة تستر حالها، وتتخذها منزلاً لها، فجعلت من الفيافي تحت ظل العربات التي اصطحبتها معها كمنزل لها، لا تجد سبيلاً غير ذلك.

وعن الوضع الصحي والغذائي فالحال أسوأ بكثير مما يمكن أن يتخيله إنسان، فلا منظمات تساعد ولا دول تقدم دعماً لهؤلاء المهجرين، فهم في أرض متهمة بالإرهاب، تعزف جميع المنظمات الدولية عن تقديم أي خدمات لهذه العائلات أو لأي جهة موجودة على أرضها، في الوقت الذي تواصل طائرات التحالف وقوات قسد والتنظيم انتهاك حقوق الإنسان الأولى في الحياة، فتقتل وتشرد وتدمر دون أن تراعي أية اعتبار لهؤلاء المعذبين، مع انتشار الأمراض وعدم وجود أي مستوصفات أو مراكز صحية أو حتى أطباء لعلاج الحالات المرضية والمزمنة، ما تجعل هذه الحالات عرضة للموت ببطئ.

ورغم كل النداءات التي وجهتها المنظمات الحقوقية والإنسانية التي ترأف بحال هؤلاء المدنيين المعذبين، إلا أن العالم صم آذانه وأغمض عينهم عن سماع ومشاهدة هذه العذبات، فباتت واقعاً لا مفر منه، لا بد من التعايش معه بشتى الوسائل، وسط ترقب بعين الأمل لذلك اليوم الذي يعود فيه المشردين لديارهم التي هجروا منها.