د. عز الدين الكومي :

 

الهجوم الذي وقع على كمين دير سانت كاترين، يوم الثلاثاء أظهر حالة التخبط والارتباك، والعشوائية وعدم التنسيق بين الأجهزة الأمنية لنظام الانقلاب، فقد أذاعت شبكة سكاي نيوز خبر مقتل شرطي وإصابة أربعة في هجوم مسلح على حاجز أمني مكلف بحماية دير سانت كاترين في سيناء، في ظل غياب تام للإعلام الانقلابي، المشغول بالحديث عن تزوير الاستفتاء في تركيا، ونشر سفاهات مرتضى منصور في معاركه مع اتحاد "أبو ريدة " !!

وقد تباينت روايات داخلية الانقلاب حول الهجوم الذي وقع على كمين تأمين دير سانت كاترين، فقد أعلن مدير أمن جنوب سيناء: أن الحادث ليس إرهابيا، وأن إطلاق النار كان عن طريق الخطأ من أحد أفراد الشرطة - نيران صديقة - وأن الحادث نتج عنه إصابة أربعة أفراد شرطة، تم نقلهم إلى مستشفى شرم الشيخ الدولي للعلاج، وبعد وقت وجيز قامت داخلية الانقلاب، بتكذيب تصريحات مدير أمن جنوب سيناء بشأن الحادث، وأكدت في بيان لها أن مسلحين أطلقوا الرصاص صوب قوة تأمين حاجز أمني، وبادلتهم القوات إطلاق النار، ما أسفر عن مقتل أمين شرطة وإصابة ثلاثة آخرين، وأصيب عدد من المسلحين ولاذ أخرون بالفرار، وقد ترك أحدهم سلاحه، والعديد من الطلقات ليتمكن من الهروب، لكن في اليوم التالي للهجوم أعلن مصدر أمني بمديرية أمن جنوب سيناء، أن قوات الأمن قامت بتصفية منفذ هجوم سانت كاترين !!

كما أعلن اللواء أحمد طايل مدير أمن جنوب سيناء ـ وهو صاحب رواية النيران الصديقة ـ في تصريح خاص أن أجهزة الأمن قامت بتصفية المتهم في الهجوم المسلح علي الكمين الأمني الموجود بالقرب من دير سانت كاترين، وقد حاولت القوات القبض عليه حيّا، إلا أنه فاجأ القوات بأن لديه حزام "ناشف" وقنبلة، وعلى الفور تم التعامل معه، بإطلاق النار عليه فسقط قتيلا، وجاري التعرف علي هوية الارهابي خلال ساعات!!

وأنا لا أستبعد أن يخرج علينا أحد مخبري أمن الدولة من الأذرع الإعلامية ليقنعنا أن ما وقع هو حادث سير بالقرب من دير سانت كاترين !!

هذا التخبط دفع البعض ـ وعلى سبيل التندر ـ إلى القول بضرورة التنسيق بين المركز الإعلامي لداخلية الانقلاب، ووكالة أعماق التابعة لتنظيم داعش، لأن صورة مصر اهتزت في الخارج، و فقدت مصداقيتها بشكل كبير !!

و بعيدا عن تخبط أجهزة أمن الانقلاب الذى اعتدنا عليه في مثل هذه الحوادث، حتى يتم فبركة فيلم هابط، يوضح أن أجهزة الأمن تمكنت من القبض على منفذ الهجوم، بعد تصفيته، وما قصة الشاب الإيطالي منا ببعيد !! فإن عملية استهداف كمين سانت كاترين أرسلت رسالة واضحة عن عجز السلطات الانقلابية في سيناء، وأن سيناء خارج السيطرة، على الرغم من تصريحات قائد الانقلاب عقب حادثتي تفجير كنيستين في طنطا والإسكندرية قبل أسبوع، والتي قال فيها: نجحنا في سينا، فتحركوا في حتة تانية، هننجح في الحتة التانية، هيتحركوا في حتة تالتة، هي المواجهة كدا، وبالتأكيد أن الإرهابيين لم ينجحوا في سيناء، فتحركوا صوب طنطا والإسكندرية، لكن لماذا عادوا إلى سيناء مرة أخرى ؟؟ ربما لأن الحفاظ على النجاح أصعب بكثير من النجاح نفسه، كما أن نجاح الانقلاب في طنطا والإسكندرية، جعل الإرهابيين يعودون لسيناء التي فشلوا فيها !!

والعجيب أن الهجوم على كمين سانت كاترين يأتي بعد عشرة أيام من تفجيري كنيستي طنطا والإسكندرية، والذي أعلنت "داعش" مسؤوليتها عنه، كما أنه يأتي قبل عشرة أيام من زيارة بابا الفاتيكان، زد على ذلك أن حادثة دير سانت كاترين وقعت بعد أيام قليلة من قرار إعلان حالة الطوارئ، ما يؤكد بأن الطوارئ لا تمنع إرهابا ولا كبابا، وأن المعالجات الأمنية القمعية هي السبب الرئيس في نشأة الإرهاب، وبعد ذلك يتحدث المغفلون وإعلام عباس ترامادول عن تنشيط السياحة وازدهار الصناعة وعن التصدير، ولا يمكن أن يتم ذلك في ظل نظام فاشل، وفي ظل فرض حالة الطوارئ!!

وكان الراهب غريغوريوس الذى لم يعلم بالحادث مِثْلُه مِثْل الأمن والإعلام الانقلابي قال: أنه ظن أن صدى الرصاص المنبعث في فضاء سانت كاترين دوي رعد، حين وجه مسلحون أسلحتهم باتجاه أفراد كمين الشرطة المكلف، ولم يكن رئيس الدير على علم بالحادث، لولا اتصال هاتفي من جهة أمنية طالبته باتخاذ تدابير احتياطية تحسبًا لتصاعد الهجوم !!

ليس مشكلة إذا كان مدير الأمن الانقلابي لم يعلم بالحادث!!

وكالعادة طالب بعض الموالين للنظام الانقلابي بإقالة مدير أمن جنوب سيناء لأنه لم يسمع عن تحذير الصهاينة، قبل أسبوع عن حدوث عمليات إرهابية في جنوب سيناء خلال أيام، كما أن بيانه عقب الحادث من أن مجنداً أطلق رصاصة خطأ، قتلت واحداً وأصابت أربعة آخرين !!

والقصد من ذلك هو الابتعاد عن اتهام النظام وأجهزته الأمنية الفاشلة، للبحث عن كبش فداء يشيل الليلة، لكن للأسف، هؤلاء معهم حصانة انقلابية تعفيهم من المسؤلية!!

 

المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي نافذة مصر