تماما كالسنديانة، بشموخها وصمودها وعطائها، رحل وهو متشبث بتراب الوطن، لتلتقي روحه بأرواح "شهداء العودة" الذين سبقوه بأيام، ففي فلسطين كل يقاوم على طريقته.

لفد أغاظ صمود الأسير الفلسطيني عزيز عويسات (53 عاما) سلطات الاحتلال فأهملوه صحيا، وهو صاحب الجسد المتعب الذي أنهكته الأمراض، لكنه بقي يقاوم حتى آخر نفس، حتى اغتالوه ضربا ليرتقي شهيدا. 

المقدسي المحكوم بالسجن 30 عاما، إذ تتهمه سلطات الاحتلال، بالتخطيط لتفجير خط الغاز الخاص بمستوطنة "أرمون هنتسيف"،  يعرف معنى أن يكون له وطن يحبه ويموت لأجله ويفتديه بكل ما يملك، فلقد قدم "العزيز" أعز ما لديه، حتى تبقى جذوة الثورة مشتعلة عصية على الانخماد.

ففي مساء أمس الأحد، استشهد الأسير "عويسات" من مدينة القدس، بعد أيام من تدهور وضعه الصحي نتيجة تعرضه للضرب في سجن "إسرائيلي"، حسب مصادر فلسطينية.

وقال نادي الأسير الفلسطيني مساء الأحد، إن الأسير عويسات أُصيب بجلطة في معتقل "عيادة الرملة" في 9 مايو الجاري، نقل على إثرها إلى مستشفى "أساف هروفيه الإسرائيلي"، حيث استشهد مساء أمس.

وحمل نادي الأسير والحركة الأسيرة سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" المسؤولية الكاملة عن استشهاد الأسير عويسات، حيث أبقت سلطات الاحتلال على اعتقاله رغم تيقنها من أنه وصل إلى مرحلة خطيرة.

من جهته قال رئيس لجنة أهالي الأسرى والمعتقلين المقدسيين أمجد أبو عصب، إن الشهيد عويسات تعرض للضرب والتنكيل على يد مجموعة من السجانين في سجن إيشل بعد أن ادعت إدارة السجن قيام "عزيز" بسكب الماء الساخن على أحد السجانين وذلك في السابع من الشهر الجاري.

وأوضح أبو عصب في صفحته على فيسبوك أن الشهيد روى لأحد الأسرى أثناء نقله من سجن إيشل إلى سجن الرملة تفاصيل الاعتداء عليه من السجانين.

وكان محامي نادي الأسير خالد محاجنة، أفاد أمس الأحد، أن الشهيد عويسات كان يعانى من فشل غالبية أعضاء جسده، وكان موصولا بأجهزة التنفس الاصطناعي، وحاول الأطباء منذ أول أمس فصل أجهزة التنفس عنه للسّماح له بالتنفس بشكل طبيعي، إلا أن تلك المحاولات فشلت.

وأفادت مصادر فلسطينية بأن حالة من الاستنفار والغضب تعم سجن النقب الصحراوي، وسجن عوفر غرب رام الله عقب إعلان استشهاد الأسير المقدسي.

وأضافت المصادر أن الأسرى الفلسطينيين في سجن النقب قاموا بالاحتجاج والتظاهر بالطرق على الأبواب والتكبير وبترديد الهتافات المنددة بالاحتلال وسياساته.

ووفق نادي الأسير فإن عدد الأسرى الذين ارتقوا نتيجة للإهمال الطبي في معتقلات الاحتلال خلال السنوات الخمس الأخيرة وصل إلى سبعة أسرى، يضاف إليهم الشهيد عويسات الذي ارتقى أمس، والمعتقل منذ 2014 والمحكوم بالسجن الفعلي 30 عاما.

وأوضح نادي الأسير أن عدد شهداء الحركة الأسيرة ارتفع إلى 216 شهيدا منذ عام 1967، منهم 75 أسيرا استشهدوا بعد قرار بتصفيتهم وإعدامهم بعد الاعتقال، و72 استشهدوا نتيجة للتعذيب، و62 استشهدوا نتيجة للإهمال الطبي، وسبعة أسرى استشهدوا نتيجة لإطلاق النار المباشر عليهم من جنود وحراس داخل المعتقلات.