نشر موقع "ميدل ايست آي" تقريرا لمراسله في تركيا راغب سويلو، يقول فيه إن محمد مصطفى، وهو اسم مستعار، وصل الى القاهرة في سبتمبر الماضي، وكان يتطلع بشغف إلى الإجازة التي سيستمتع بها.

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه بدلا من ذلك، فإن السائح الشاب وجد نفسه سجينا وعرضة للتعذيب والحرمان من الطعام والماء، وكان ضحية حملة اعتقالات واسعة للمتظاهرين ضد الحكومة، و"ببساطة لأنه تركي".

ويلفت سويلو إلى أن مظاهرات نادرة اندلعت في الفترة ما بين 20 – 27 سبتمبر ضد العسكري المنقلب في أنحاء مصر، أثارتها اتهامات الفساد التي وجهها مقاول وممثل مصري مقيم في إسبانيا.

ويفيد الموقع بأن الحملة التي تلت ذلك شهدت اعتقال 4 آلاف شخص، بحسب المنظمات الحقوقية وليس المصريون فقط، وكان بينهم سودانيون وأردنيون، ولكون تركيا تعد منافسا إقليميا لمصر فإن ثلاثة مواطنين أتراك وجدوا أنفسهم عالقين في تلك الأحداث.

وينوه التقرير إلى أنه تم اعتقال مصطفى في ميدان التحرير وسط القاهرة، حيث يوجد المتحف القومي المصري، مشيرا إلى أن الميدان مشهور بالمظاهرات الحاشدة التي خرجت خلال ثورة عام 2011، التي أطاحت بالديكتاتور حسني مبارك.

وأكد مسؤولون أتراك لـ"ميدل إيست آي" أن مصطفى كان من بين المعتقلين الأتراك، وبأنه كان معتقلا لفترة من جهاز المخابرات سيئ السمعة، وقام ضابط شرطة باعتقاله وأخذه إلى مركز شرطة، ولدى وصوله تم تقييد يديه، وأُكرِه على أن يجلس على أرض إسمنتية ليومين.

وينقل الكاتب عن مصطفى، قوله: "لم يسجلوا اسمي، وكانوا ينادونني باسم الرئيس التركي أردوغان، أو ببساطة التركي"، وأضاف: "ضربوني بعصا، وصفعوا وجهي ولكموه لمدة يومين على فترات متقطعة، وكنت الوحيد في الغرفة المقيد اليدين، وحرمت من الطعام والماء، حتى أنهم عاملوا بقساوة عامل تنظيف أراد أن يعطيني ماء".

ويذكر الموقع أن مصطفى، الذي لا يتدخل في السياسة، كان مصدوما، ليس فقط لعدم وجود أي ميول سياسية علنية أو مشاعر تجاه العسكر المصري لديه، بل لكون الشاب التركي لم يكن له أي علاقة من قريب أو بعيد بجماعة الإخوان المسلمين، التي كان ينتمي لها الرئيس الشهيد محمد مرسي الذي انقلب عليه العسكري الدموي.

ويكشف التقرير عن أن مصطفى نقل من معتقله إلى مجمع من طابقين على بعد 30 دقيقة بالسيارة من مركز القاهرة، وأرغم خلال الرحلة على أن يلف قميصه على وجهه كعصبة لعينيه، مشيرا إلى أن اسمه لم يسجل رسميا هناك أيضا، وتم ضرب الشاب لمدة ثلاثة أيام على الأقل بالعصي على فترات متقطعة.

ويورد سويلو نقلا عن مصطفى، قوله: "كانوا يضربون الجميع، ويعاقبونهم بـ (الفلكة)، ويمكنك أن تسمع الصراخ قادما من أنحاء البناية كلها، وفي بعض الحالات سمعت أصواتا تشير إلى أنهم كانوا يستخدمون الصعق بالكهرباء وسيلة للتعذيب"، وأضاف: "سمح لي في اليوم الثاني بأن استخدم المرحاض هناك، وأعطيت بعض الطعام البسيط مثل الجبنة والخبز، لكني كنت أعاني من جراح بليغة في ظهري وقدمي ووجهي".

ويشير الموقع إلى أنه في الوقت الذي كان فيه مصطفى يقبع في السجن، كانت السلطات التركية تحاول الاتصال بقيادات العسكر بمصر، في محاولة لتأمين إطلاق سراحه وشخصين تركيين معتقلين في مصر، لكن ذلك كان صعبا، خاصة بسبب الوضع السيئ للعلاقات بين البلدين.

وينقل التقرير عن المسؤول التركي، قوله: "منذ الانقلاب على الرئيس الشرعي محمد مرسي لم تكن لدينا علاقة جيدة مع القاهرة".

ويذكر الكاتب أنه لم يسمع أي شيء من الأتراك المعتقلين حتى 24 سبتمبر، عندما قام (التلفزيون الرسمي المصري المهيمن عليه من قبل العسكر) بعرض تسجيل فيديو لشخصين منهم، اتهما بأنهما جاسوسان.

ويورد الموقع نقلا عن مصطفى، قوله إن وضعه تحسن بعد أن تحدث إلى مسؤول أمني كبير يتحدث اللغة الإنجليزية، وأضاف: "توقفوا عن التعذيب، وبعدها قام ضابط آخر بالتحقيق معي، وسألوني عن ميولي السياسية، وإن كنت أحب أردوغان وإن كنت قد صوتت لحزب العدالة والتنمية الذي يرأسه".

ويلفت التقرير إلى أنه في مقابلة منفصلة، اعتذر ضابط أمن كبير لمصطفى على التعذيب وسوء المعاملة التي تلقاها، وقال مصطفى: "كان لطيفا، وقال لي إنه يعتذر لي نيابة عن قوات الأمن كلها لما حصل معي، وقال إن ذلك كله حصل بسبب أردوغان وتركيا".

ويفيد سويلو بأنه بعد أن أخذ مصطفى إلى مبنى الأمن الوطني، حيث قيدت يداه خلفه، وربط إلى الأرض لمدة أربعة أيام، كانت الظروف لا تزال قاسية، فنام على الأرض دون غسيل وعلى بطانية قذرة.

ويورد الموقع نقلا عن مصطفى، قوله: "أخيرا نقلوني إلى بناية أخرى، التي علمت بعد إطلاق سراحي أنها مركز ترحيل، وأعطوني ملابس نظيفة، ووضعوني في غرفة فيها سرير ومرحاض".

وينوه التقرير إلى أن المسؤولين الأتراك كانوا يحققون تقدما في الوقت ذاته، وأخبروا مرتين بأنه سيتم إطلاق سراح المواطنين الأتراك، إلا أن حكومة العسكر أجلت تسليمهم لأيام دون تحديد سبب لذلك.

ويقول الكاتب إن من التفسيرات لذلك هي علامات التعذيب، مشيرا إلى أن قيادات العسكر كانوا يأخذون صورا لجسد مصطفى كل يوم، ويعتقد أبوه أنهم كانوا ينتظرون التئام جروحه.

وبحسب الموقع، فإن مصطفى بقي في الاعتقال في مصر 23 يوما، حتى تم ترحيله، ولم يعد إليه لا جواز سفره ولا جهاز هاتفه، مشيرا إلى أن رواية مصطفى تتطابق مع تقارير منظمات حقوق الإنسان بالنسبة لظروف السجون في مصر.

وينقل التقرير عن "هيومان رايتس ووتش"، قولها الشهر الماضي بأن مصر مستمرة في التعذيب الممنهج على نطاق واسع، وقال تقريرها: "قامت شرطة الداخلية وقوات الأمن الوطني بإخفاء مئات الناس على مدى السنوات الأخيرة، وأخضعت العديد للتعذيب الشديد، بما في ذلك الصعق بالكهرباء والاغتصاب والتهديد بالاغتصاب".

ويورد سويلو نقلا عن انغيس كالامارد، وهي المقرر الخاص للأمم المتحدة بخصوص القتل خارج القانون، ومعها فريق عمل الأمم المتحدة للاعتقال التعسفي، قولها الشهر الماضي بأن الظروف القاسية في السجون المصرية تسببت بوفاة الرئيس الشهيد محمد مرسي في السجن العام الماضي.

ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى أنه قام بالاتصال بالسفارة المصرية في أنقرة للحصول على تعليق إلا أنه لم يحصل على رد.