أثارت تصريحات محافظ جنوب سيناء اللواء خالد فودة عن وضع ضوابط صارمة لدخول المصريين للمحافظة، الكثير من علامات الاستفهام حول الأسباب التي دعت إلى ذلك.

وكان فودة نفى في تصريحات صحفية صدور قرارات رسمية بمنع دخول المصريين من غير أبناء المحافظة، ولكنه اعترف بأنه وضع قواعد لذلك، منها تخصيص طريق واحد لدخول المصريين للمحافظة، بالإضافة لضوابط خاصة بالوافدين من المحافظات الأخرى، سواء للعمل أو السياحة، مبررا ذلك بأنها إجراءات للحماية الأمنية.

وتشمل الضوابط التي أعلنها فودة، تخصيص الطريق الدولي كمنفذ وحيد لدخول المصريين المقيمين والوافدين، وأن يكون لدى المواطن المقيم بطاقة رقم قومي صادرة من جنوب سيناء، أو بطاقة من جهة العمل إذا كان موظفًا في جهة حكومية أو غيرها بالمحافظة.

وفي ما يتعلق بأبناء المحافظات الأخرى الوافدين للمحافظة بهدف السياحة، اشترط المحافظ أن يحملوا بطاقات الرقم القومي، وعقد ملكية لأصحاب الشاليهات والشقق المملوكة لهم داخل المحافظة، أو يكون لدى المواطن حجز مسبق بأحد الفنادق، أو معه عقد إيجار شقة أو شاليه، إذا لم يكن مالكا، وفي حالة عدم وجود هذه الاشتراطات، فإنه لن يتم السماح للمصريين بدخول المحافظة تحت أي مبرر.

ونفى فودة أن تكون هذه الاشتراطات خاصة بأبناء محافظة شمال سيناء، أو غيرها من المدن المصرية، مؤكدا أنها ضوابط يتم تطبيقها على المواطنين المصريين القادمين للمحافظة من باقي المحافظات حفاظا على أمن المحافظة والسياح.

ووفقا لمصريين حاولوا السفر لشرم الشيخ فإن القوات المسلحة أنشأت بوابة دخول عملاقة قبل مدينة عيون موسى التي تبعد حوالي 60 كم عن نفق الشهيد أحمد حمدي الذي يعتبر الطريق الرئيسي لدخول جنوب سيناء، وهي البوابة التي تقع عند مدخل الطريق الدولي الموصل لباقي مدن المحافظة السياحية.

وأنشأت القوات المسلحة بوابة أخرى عملاقة قبل مدخل مدينة شرم الشيخ، يتم التحكم فيها آليا، ومزودة بحاسبات آلية مرتبطة بمكاتب الأمن الوطني المركزية بالمحافظات ومكاتب المخابرات الحربية بسيناء والسويس والإسماعيلية، للكشف عن السجل السياسي والجنائي للمصريين قبل دخولهم لمدن شرم الشيخ وطابا ودهب ونويبع.

"عنصرية العسكر"

من جانبه لم يبد عضو مجلس الشورى المصري السابق طارق مرسي استغرابه لهذه الاشتراطات، مشيرا إلى أن "نظام الانقلاب العسكري برئاسة عبد الفتاح السيسي، أعلن صراحة أن أمن المواطن الإسرائيلي مسؤوليته، ولذلك فهو يطبقها الآن بشكل واضح، ليس لحماية السياح الإسرائيلين فقط، وإنما لعزل شبه جزيرة سيناء بشمالها وجنوبها عن باقي محافظات مصر".

ويربط مرسي بين الإجراءات التي اتخذتها السلطات المصرية والتحذيرات التي أطلقتها الحكومة الإسرائيلية لمواطنيها قبل أسابيع من توخي الحذر في ذهابهم لجنوب سيناء، "وهو التحذير الذي تعاملت معه الحكومة المصرية بجدية أكبر من السياح الإسرائيليين أنفسهم، ووضعت هذه الإجراءات التي تمثل انتهاكا واضحا للدستور والقانون الذين يمنح حرية التنقل والسفر للمصريين داخل وطنهم".

ويؤكد البرلماني السابق أنه استمع لشكاوى عديدة لمواطنين مصريين من مدينة كرداسة بمحافظة الجيزة ومدن شمال سيناء، عن "منعهم من دخول جنوب سيناء سواء للسياحة أو العمل، لا لشيء إلا لأنهم من كرداسة أو العريش، وكأن مواطني هذه المدن تحولوا لمواطنين من الدرجة الثالثة في وطنهم لصالح الإسرائيليين".

ويدعو مرسي المواطنين الذين يتم منعهم من دخول جنوب سيناء إلى "فضح الممارسات العنصرية لدى النظام العسكري وقيامه بالتفرقة بين المصريين، ومخالفة الدستور الذي وضعه الانقلابيون أنفسهم، في ما يتعلق بحرية التنقل والسفر داخل الحدود المصرية".

"ثلاثة أسباب"


ويؤكد الخبير بالشأن السيناوي أبو الفاتح الأخرسي أن هذه الاشتراطات "تعد أكبر دليل على فشل الجيش المصري في إنهاء التمرد المسلح بشمال سيناء رغم مرور أكثر من 7 سنوات على العمليات العسكرية والحرب المفتوحة بسيناء، ورغم سبع عمليات شنها الجيش ضد المسلحين اسما والأهالي واقعا".

ويضيف الأخرسي: "يوجد في شمال سيناء 41  كتيبة عسكرية، وأكثر من 25 ألف ضابط وصف ضابط، ورغم ذلك عجز النظام المصري عن مواجهة بضع مئات من المسلحين، وقيامه بمنع المصريين سواء من شمال سيناء أو باقي المحافظات من الوصول لجنوب سيناء، دليل على فقدان السيطرة وكذب الادعاءات التي يروجها بالسيطرة على الأوضاع بسيناء".

ووفق الخبير السيناوي فإن هناك ثلاثة أسباب هي التي دفعت السلطات المصرية لاتخاذ هذا القرار، منها أن "جنوب سيناء ربما تكون هي المكان المفضل للسيسي، كما كان مفضلا لمبارك، ولذلك فهو لا يريد وجودا للمصريين في المكان الذي يتواجد فيه".

ويرى الأخرسي أن السبب الثاني متعلق "بحماية السياح الإسرائيليين الذين يفضلون المناطق السياحية بجنوب سيناء، ويدخلونها بدون تصاريح وتأشيرات، ويأتي السبب الثالث متعلقا بتوفير الحماية للسياح الروس، وفقا للاشتراطات الأمنية التي وضعها الجانب الروسي من أجل عودة السياح مرة أخرى بعد تفجير الطائرة الروسية عام 2015" .