أطلق برلمانيون وحقوقيون مصريون تحذيرا من خطورة ارتفاع درجات الحرارة على حياة المعتقلين السياسيين في السجون المصرية، نتيجة الظروف الصحية والمعيشية السيئة التي يعيشون فيها، وخاصة في الزنازين التي تزيد الكثافة فيها ثلاثة أو أربعة أضعاف عن سعتها الطبيعية.

ووفق المختصين، فإن سلطات الانقلاب لا تقدم الرعاية الطبية المطلوبة لتقليل أضرار ارتفاع درجات الحرارة، كما أنها تتعنت في توفير بعض الاحتياجات الضرورية للمعتقلين مثل الملابس القطنية ووسائل التهوية المطلوبة، والسوائل، وتقليل الكثافة بالزنازين.

وكانت هيئة الأرصاد المصرية حذرت، في بيان لها، من موجة حارة لم تشهدها مصر منذ 21 عاما، وهي الموجة التي تصل ذروتها أيام الأربعاء والخميس والجمعة 17 و18 و20 من يوليو الجاري، معلنة أن درجات الحرارة في الظل تصل إلى 48 درجة مئوية ببعض المناطق.

"شهادات حية"


عضو لجنة الصحة بالبرلمان المصري سابقا، أمير بسام، ينقل عن معتقلين خرجوا حديثا من السجون المصرية تأكيدهم أن موجة الحر المشابهة، التي ضربت مصر في شهر يوليو 2015، تسببت في وفاة اثنين من المعتقلين البارزين، وهما الشيخ مرجان سالم القيادي بتنظيم القاعدة، والمهندس عصام دربالة رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية.

ويضيف بسام: "الظروف المعيشية السيئة داخل السجون، وزيادة الأعداد داخل كل زنزانة عن معدلها الطبيعي، بمعنى أن الزنزانة التي يجب أن تتسع لعشرة معتقلين يتم حشرها بثلاثة أضعاف هذا الرقم، بالإضافة لبناء السجون بالحوائط الخرسانية التي تمتص درجات الحرارة طوال فترات النهار، كلها أمور كفيلة لزيادة درجات الحرارة داخل الزنازين عن معدلاتها المرتفعة في الأساس".

وحسب بسام، الذي سبق اعتقاله أكثر من مرة، فإن السجون تختلف من سجن لآخر، فالسجون المشددة مثل شديد الحراسة 1 (العقرب)، وشديد الحراسة 2، وملحق الزراعة، وبعض عنابر برج العرب، وبعض عنابر وادي النطرون، وسجن الاستئناف بالقاهرة، بالإضافة للسجون الموجودة في الصحراء، مثل المنيا الجديد، والوادي الجديد، كلها سجون تمثل معاناة إضافية للمعتقلين في فصل الصيف.

ويوضح بسام أن شهادات المعتقلين الذين خرجوا مؤخرا من السجون، أو الذين كتبوا استغاثات لأهاليهم لإنقاذ حياتهم، أجمعت على أن الإجراءات الصحية في منتهي السوء، وأنها إحدى وسائل نظام الانقلاب لتنفيذ سياسة الموت البطيء ضد المعتقلين، خاصة كبار السن والمصابين بأمراض القلب والسكر والضغط.

ويشير بسام إلى أن ما يزيد من المشكلة "أن الزنازين لا يوجد بها فتحات تهوية جيدة، بالإضافة لقلة ساعات التريض خارج الزنازين، ومنعها عن عدد من المعتقلين، وغياب الأكل الصحي، وانتشار الأمراض الجلدية وأمراض التنفس، نتيجة زيادة الأعداد، وغياب أدوات النظافة الشخصية، وكلها أمور تزيد من خطورة ارتفاع درجات الحرارة على حياة المعتقلين".

"تعمد الإيذاء"

ويلفت وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى السابق عز الكومي، كارثة أخرى يواجهها المعتقلون في فصل الصيف، وهي كارثة سيارات الترحيلات، أثناء الذهاب والعودة للجلسات؛ موضحا أن "هذه السيارات مغلقة النوافذ، ويتعمد الضباط والجنود المسؤولون عن الترحيلات ترك السيارات تحت أشعة الشمس المحرقة لعدة ساعات، ما يجعلها تتحول إلى أفران تشوي المعتقلين جراء الاختناق وانعدام التهوية".

ويستدل الكومي بكارثة سيارة ترحيلات أبو زعبل التي راح ضحيتها 37 معتقلا بعد فض اعتصام رابعة في 14 أغسطس 2013، بيومين فقط، حيث ماتوا نتيجة الاختناق داخل سيارة الترحيلات، لوقوفها في الحر لأكثر من 5 ساعات متصلة مع غلق نوافذ السيارة على المعتقلين.

وحسب الكومي، فإن ما يحدث ضد المعتقلين بمصر يخالف كل ما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمبادئ الأساسية لمعاملة السجناء، وغيرها من عهود ومواثيق الأمم المتحدة التي وقعت عليها مصر.

ويضيف البرلماني والحقوقي المصري قائلا: "تصنف السجون والمعتقلات المصرية بأنها الأسوأ بين سجون العالم؛ بسبب تردي أوضاع الاحتجاز اللا إنسانية والمُعاملة غير الآدمية من قبل مسؤولي السجون الذين يحرصون على امتهان كرامة المعتقلين وإذلالهم وإذلال ذويهم، وكذلك انعدام الرقابة الإدارية والقانونية على هذه المنظومة الإدارية الفاسدة، ما يجعلها في مأمن من العقاب، وهو ما يغرى كثيرا من العاملين بهذه الإدارة الفاسدة، بالانتقام من المعتقلين وذويهم".