استنفرت أجهزة أمن الانقلاب إمكاناتها من أجل وقف الانتشار السريع لحملة "باطل" الرافضة للتعديلات الدستورية والتي نجحت في استقطاب عشرات آلاف المصريين الرافضين للتعديلات التي ستؤدي إلى تمكين زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي من البقاء في الحكم حتى العام 2034.

وحجبت الرقابة في مصر موقع الاستفتاء (www.voiceonline.net) صباح الثلاثاء بعد يوم واحد على إطلاقه، وبعد أن تمكن خلال ساعات قليلة من استقطاب أكثر من 60 ألفاً من المصريين الذين أدلوا بأصواتهم في الحملة وأعلنوا رفضهم للتعديلات الدستورية التي بات إقرارها وشيكاً في مصر.

وأطلقت مجموعة من الشخصيات المستقلة المصرية والمعارضة للتعديلات الدستورية حملة (باطل) عبر وسائل التواصل الاجتماعي لرفض تعديلات السيسي على الدستور، وذلك اعتباراً من يوم الاثنين وبالتزامن مع بدء السيسي زيارة إلى واشنطن من أجل عقد لقاء مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وأعربت الشخصيات التي أطلقت الحملة عن قلقها من أن الاستفتاء على التعديلات واعتقادها بأنه سيتم تزويره لصالح السيسي، فيما تأتي حملة "باطل" بعد فترة وجيزة من حملة أخرى أطلقها الإعلامي المعروف معتز مطر الشهر الماضي باسم "إنت مش لوحدك" والتي أتاحت للمصريين التعبير عن سخطهم من نظام السيسي عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

ويقول القائمون على حملة "باطل" إن من بين التعديلات الدستورية المقترحة مادة تسمح للسيسي عملياً بالبقاء في السلطة حتى عام 2034 عندما يكون قد بلغ الثمانين من عمره، كما أن من شأن التعديلات أيضاً أن تزيد من إحكام قبضة العسكر على مقاليد الأمور لأنهم سيمنحون بموجبها سلطات تخولهم الرقابة على المجال السياسي في مصر، كما تمنح التعديلات السيسي صلاحية التحكم بتعيين القضاة والنائب العام.
 
وقال وزير الاستثمار السابق يحيى حامد الذي يشارك في الحملة: "نقوم بذلك اليوم لأن من واجبنا وقف تمرير هذه التعديلات المريعة في مصر. من حق أبناء الشعب المصري علينا أن يعبروا بحرية ونزاهة عن آرائهم، وما من شك في أن استفتاء ينظمه الدكتاتور السيسي هو أبعد ما يكون عن الحرية والنزاهة. ولأسباب ما لا نفهما يستمر السيسي في التمتع بدعم القوى الخارجية، ولذلك نأمل بأننا سنتمكن أيضاً من أن نري العالم بأسره كيف أن المصريين داخل مصر وحول العالم ليسوا سعداء بذلك الدعم الذي يحظى به السيسي، ولعل هذه القوى الداعمة له ترى الآن السيسي على حقيقته، ذلك الجنرال العسكري الذي انقلب على الزعيم المنتخب ديمقراطياً".

أما زعيم حزب غد الثورة الليبرالي أيمن نور فيقول: "يقلقنا أن هذه التعديلات الدستورية سوف تشكل الخطوة الأخيرة نحو تحويل مصر إلى دولة حكم الفرد المطلق تماماً، والتي سوف تستمر فيها انتهاكات حقوق الإنسان البشعة والإخفاقات في كل مناحي الحياة لسنين عديدة قادمة. سوف تنهي التعديلات كل أمل في تحول مصر بشكل سلمي نحو الديمقراطية، وسوف تدخل مصر في عقود من الفشل وانعدام الاستقرار. إننا نأمل أن المصريين سوف يشعرون من خلال حملة "باطل" بأنهم مُكنوا من أن يقولوا للسيسي ما يعتقدونه فعلاً بشأن تعديلاته وبشأن حكومته بشكل عام".
 
وتقول دينا درويش، وهي طبيبة مصرية أمريكية وناشطة سياسية: "أن يصوت المصريون بحرية بات أمراً يهمهم الآن أكثر من أي وقت مضى. لقد عانى المصريون من شظف العيش ما يكفي. وفي ظل حكم السيسي تدهورت بشكل خاص أجهزتنا التعليمية وخدماتنا الطبية، وإذا ما سمح له بأن يستمر حتى العام 2034، فلا يمكنني تصور الحالة التي ستؤول إليها البلاد حتى ذلك الوقت. نعلم يقيناً أن الغالبية العظمى من المصريين لا يؤيدون هذه التعديلات، ولكن الاقتراع الحر والنزيه بات من سابع المستحيلات.

وبات كثير من المصريين يخشون ما الذي سيحدث إذا لم يؤيدوا السيسي. وأي تصويت يقوم على الخوف فهو ليس تصويتاً ديمقراطياً على الإطلاق".
 
أما مقدم البرامج التلفزيونية أسامة جاويش فيقول: "نعتقد أن حملة "باطل" هي أبسط الطرق لكل نقول للسيسي كفى، ولنعلن له أن تعديلاته الدستورية باطلة. لا لمزيد من الطغيان، لا لمزيد من القمع، ولا لمزيد من الأنظمة السلطوية. ليس مقبولاً تنظيم استفتاء حول التعديلات الدستورية بينما تنتشر انتهاكات حقوق الإنسان والقمع وتصادر حرية التعبير في مصر. ولذلك فإننا نناشد الشعب المصري، الذي يعاني من سطوة هذا النظام، التوقيع على العريضة، وأن يقول كلمته بحرية، وأن يبعث برسالة إلى السيسي مفادها أن استفتاءه باطل".