أثار قرار حكومة الانقلاب بتخصيص بعض شواطئ مدينة الإسكندرية للسياح الأجانب والعرب فقط وحظر دخول المصريين لها، بحجة تنشيط السياحة، غضبا بين كثير من المواطنين.

وأعلن مسئولون بالقطاع السياحي الأسبوع الماضي بدء تنفيذ خطة لتحويل عددا من شواطئ المدينة المطلة على البحر المتوسط إلى أماكن مخصصة للسياح الأجانب فقط بهدف حمايتهم من التحرش والمضايقات التي يتعرضون لها من المصريين.

وتشتهر مدينة الإسكندرية منذ عقود طويلة بأنها أهم مصيف يقضي فيها ملايين المصريين عطلتهم الصيفية كل عام، لكن زوار وأهالي ثاني أكبر مدن البلاد يشتكون منذ سنوات عديدة من الإهمال الشديد بها، ما جعل الأثرياء يتوجهون إلى مناطق ساحلية أخرى مثل الساحل الشمالي والبحر الأحمر، وأصبحت الإسكندرية مقصدا للمصطافين من الطبقة المتوسطة فقط.

"مضطرون"

وقال رئيس غرفة شركات السياحة بالإسكندرية علي المانسترلي إن مجموعة من الشواطئ سيتم تجهيزها لتناسب احتياجات السياح الأجانب والعرب، موضحا أن هذه الشواطئ ستتمتع بالاستقلالية والخصوصية وستكون برسوم مرتفعة.

وأضاف المانسترلي، في تصريحات صحفية، أن غرفة شركات السياحة بالإسكندرية وقعت اتفاقيات مع اليونان وقبرص وإيطاليا للترويج للإسكندرية كوجهة سياحية سعيا لزيادة تدفق السائحين إليها، موضحا أن الدولة تسعى من هذه الخطوة إلى رفع معدلات الإشغال في فنادق المدينة.

ودافع رئيس غرفة شركات السياحة عن قرار تخصيص شواطئ للسائحين فقط، قائلا إن هذه الخطوة ستحول الإسكندرية إلى مدينة سياحية وستخلق فرص عمل لآلاف الشباب.

وأضاف أن الحكومة اضطرت إلى هذه الخطوة بسبب انتشار العشوائية بالإسكندرية حتى أن أهل المدينة أنفسهم يعزفون عن نزول شواطئها ويتوجهون إلى مناطق أخرى، ومن المستحيل أن يقبل الأجانب على شواطئ المدينة في هذه الحالة، على حد قوله.

"خطوة مهينة"

لكن هذه الخطوة أثارت غضب كثير من أهالي الإسكندرية وغيرهم من المصريين الذين يقضون عطلاتهم بالمدينة، حيث أعربوا عن رفضهم لهذه الخطة.

وقال أحمد عبد العزيز (أحد المصطافين) إن هذه الخطوة مهينة للمصريين جميعا وتحمل عنصرية واضحة ضد أهل البلاد حيث تجعل منهم مواطنين من الدرجة الثانية.

وأضاف عبد العزيز، أنه كان من الأولى بالحكومة أن تطور الشواطئ التي يقصدها ملايين المصريين بدلا من عزل الأجانب في شواطئ خاصة بهم، متسائلا: هل ستخصص الحكومة شوارع ومطارات وفنادق خاصة بهم أيضا لتحميهم من المصريين؟

أما منى محمود، فقالت إنها لم تشعر بالدهشة أو الاستغراب من هذا القرار، موضحة أنها اعتادت من الحكومة في السنوات الماضية اتخاذ الكثير من القرارات التي تشعر المصريين بأنهم ليسوا أصحاب البلد الحقيقيين، على حد قولها.

وحذرت محمود، أن تطبيق هذه الفكرة هو أمر في غاية الخطورة ومن المتوقع أن تأتي بنتيجة عكسية حيث ستثير المشاعر العدائية تجاه الأجانب بسبب إحساس أبناء البلد بالتمييز ضدهم، كما أنها قد تعطي مبررا للمتطرفين لمهاجمة السياحة باعتبارهم يتمتعون بخيرات البلاد التي يحرم منها أبناء البلد.

من جانبه، أكد الخبير السياحي رجب عبد المنعم أن هذه الفكرة تتعارض مع ثقافة السياح الأجانب الذين يحبون أن يحتكوا بأهل البلدان التي يزورونها ليتعرفوا على ثقافاتهم وعاداتهم عن قرب، ولا يفضلون الإقامة في أماكن معزولة.

وتابع عبد المنعم، أنه بدلا من التفكير في كيفية عزل السائحين عن المواطنين المصريين، كان من الأفضل نشر الوعي بين المصريين بأهمية السياحة وكيفية التعامل مع الزوار الأجانب ومواجهة العادات السلبية في هذا المجال.

"تشويه سمعة المصريين"

وتزامنا مع هذه الخطة قامت العديد من وسائل الإعلام الموالية للسيسي بتشويه زوار الإسكندرية من المصريين عبر التركيز على سلوكياتهم السلبية.

وفي هذا السياق قالت صحيفة "الوطن" إن الرحلات الشعبية التي يقوم بها المصريون من أبناء الطبقة الوسطى تشوه جمال الإسكندرية.

وسردت الصحيفة، في تقرير لها الأسبوع الماضي الفرق حال شواطئ الإسكندرية في الماضي عندما كانت مقصداً للأجانب من مختلف الجنسيات وحالها الآن بعدما باتت "مرتعاً للرحلات الشعبية وتشهد اعتداءات بشرية مستمرة"، حسب قول الصحيفة، وأكدت أن إنشاء شواطئ خاصة للأجانب أصبح ضروريا لإحياء السياحة بالإسكندرية من جديد.

"غير مبررة"

من جانبه، وصف رئيس جمعية مستثمري البحر الأحمر كامل أبوعلي الفكرة بأنها غير مبررة، وأنها قد تتسبب في كثير من المشكلات بسبب تفضيل الأجانب على المصريين، مشيرا، في تصريحات صحفية، إلى أن البديل الأفضل هو الارتقاء بالشواطئ الموجودة حاليا لتجذب السائحين، على أن تكون متاحة لكل من يحترم قواعد المكان.

بدوره، قال عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب عمرو صدقي، إن الفكرة يصعب تنفيذها على أرض الواقع لأن القانون ينص على أن الشواطئ هي متنزهات عامة ولا يجوز منع أحد من دخولها بسبب جنسيته، لافتا إلى أن المدن السياحية الناجحة مثل شرم الشيخ والغردقة متاحة للمصريين، ولم يطالب أحد بمنعهم من زيارتها.