نشرت صحيفة "فيلت" الألمانية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على القدرات الرائعة التي ما انفك النجم المصري محمد صلاح، يظهرها في في الملاعب الإنجليزية والأوروبية، ما جعله أهم لاعب في تشكيلة الألماني يورغن كلوب.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن محمد صلاح تمكن من إحراز 40 هدفا حتى الآن مع ليفربول، وهو معدل لم يسبقه إليه أحد في تاريخ النادي على مدار 125 سنة، سوى روجر هنت في الستينيات، وإيان راش في الثمانينيات.

وحتى الآن، سجل المصري 30 هدفا في مباريات الدوري الإنجليزي، ومن المتوقع أن يتجاوز الرقم الذي سجله كل من كريستيانو رونالدو ولويس سواريز، ألا وهو 31 هدفا. وخلال هذا الموسم، فاز صلاح بجائزة "أفضل لاعب في الشهر" ثلاث مرات وهو رقم لم يحققه أحد من قبل في موسم واحد.

وأفادت الصحيفة بأن جماهير ليفربول، التي كانت تبحث عن مهاجم فذ، أصبح لديها الآن نجم عالمي. ولم يعد محمد صلاح معشوق الجماهير الإنجليزية فحسب، بل معشوق الجماهير المصرية والعربية أيضا. ولكن السؤال المطروح، من أين أتى صلاح بكل هذا السحر الذي جعل الجميع يعشقونه وهو لم يتجاوز 25 سنة بعد؟

وذكرت الصحيفة أن محمد صلاح ولد في قرية نجريج في دلتا مصر، وبدأ ممارسة كرة القدم في سن مبكرة مع نادي "المقاولون العرب". وقال صلاح إنه كان يستيقظ في السابعة صباحا لينطلق بدراجته الهوائية من القرية إلى مركز بسيون ليستقل حافلة تنقله إلى القاهرة، حيث مكان التدريب. كما أكد صلاح أنه كان يغير وسيلة المواصلات ثلاث مرات على الأقل ليصل إلى مقر النادي، وكانت رحلته من البيت إلى النادي ذهابا فقط تستغرق أربع ساعات يوميا.

كان محمد صلاح نجما في منزله، خاصة أن كرة القدم في مصر تعني الشهرة والامتياز، والأموال. ورغم توقف الدوري المصري بسبب مقتل 74 شخصا من جماهير كرة القدم، إلا أن المدرب المصري ولاعب الدوري الألماني السابق، هاني رمزي، أصر على أن يخوض محمد صلاح اختبارات نادي بازل السويسري. وبعد انتقال صلاح إلى نادي بازل قادما من مصر، تمكن من لفت أنظار العديدين في أوروبا، ولم يتجاوز عمره حينها 19 سنة.

وأوردت الصحيفة أن محبي صلاح آنذاك لم يكونوا سوى مجموعة من المشجعين المصريين. وفي كانون الثاني/ يناير سنة 2014، انتقل صلاح إلى نادي تشيلسي بعد إحراز ثلاثة أهداف في شباك النادي الإنجليزي في منافسات أوروبية. وبعد ذلك، انتقل صلاح إلى نادي فيورنتينا على سبيل الإعارة، ومنه إلى روما الإيطالي، الذي كان بمثابة انطلاقته الحقيقية في سماء النجومية. وفي الصيف الماضي، قرر النادي الإنجليزي التمتع بخدمات اللاعب مقابل 42 مليون يورو.

في البداية، انتقد الكثيرون في إنجلترا هذه الصفقة، وكان كل ما يخشاه مدرب ليفربول أن لا يتأقلم صلاح مع كرة القدم الإنجليزية. لكن المدرب العبقري، الذي تمكن من صناعة نجوم كبار في الدوري الألماني، على غرار نيفين سوبوتيتش، وكيفن غروسكرويتس، وياكوب بواشتشيكوفسكي، فضلا عن النجم المصري السابق، محمد زيدان، لم يفشل في صناعة نجومية محمد صلاح.

وبينت الصحيفة أن صلاح نضج كرويا تحت قيادة كلوب في ليفربول. وقال عنه مدرب روما السابق، لوتشانو سباليتي، إنه "أفضل لاعب دربته على الإطلاق". وعلى غرار رونالدو وميسي، يستطيع محمد صلاح تطبيق التكتيكات بأفضلية كبيرة عن زملائه، وقد غير من مركزه في الملعب لتزداد غزارته التهديفية. ولكن من وجهة نظر كلوب، يؤدي صلاح دوره بشكل أفضل.

وفي الوقت الحالي، ينافس صلاح ميسي على جائزة الحذاء الذهبي لأفضل هداف في أوروبا. كما صرح صلاح، أن هدفه الأول هو تحقيق لقب دوري أبطال أوروبا.

وذكرت الصحيفة أن صلاح فاز بلقب أفضل لاعب في أفريقيا، بعد أن ساهم في صعود منتخب بلاده إلى كأس العالم القادم، الذي فشل في الصعود إليه منذ سنة 1990. وقد اجتمعت الجماهير المصرية في المقاهي من أجل مشاهدة خطاب صلاح أثناء استلامه للجائزة. وكان صلاح متحمسا جدا، لدرجة أنه تلعثم في الكلام، وبدأ خطابه من جديد. وأكد أنه يهدي الجائزة لكل الأطفال في مصر وأفريقيا، وطالبهم بأن لا يتوقفوا عن الإيمان بأحلامهم.

وأوردت الصحيفة أن خطاب صلاح لم يكن مجرد كلمات؛ فخلال الأسابيع الماضية، سلطت الصحافة الدولية الضوء على المساعدات التي يقدمها صلاح لبلاده منذ سنوات، وخاصة القرية التي ولد فيها. فقد تبرع صلاح لبناء مستشفى ومدرسة للفتيات في القرية. وبعد أن أهداه أحد رجال الأعمال فيلا فخمة، كمكافأة له على هدف الوصول لكأس العالم، تبرع بثمنها. كما قام بدفع غرامة أحد المسجونين من عائلته، ومنحه وظيفة ثابتة لمساعدته.

وأفادت الصحيفة بأن صلاح أصبح يمثل الأمل في بلاده، التي فقدت كل أمل في الحرية بعد الربيع العربي، ويرى المصريون أنه يستعيد أمجادهم المفقودة. كما حصل صلاح على مليون صوت في الانتخابات الرئاسية المصرية الأخيرة، بعد أن كتب العديد من الأشخاص اسمه على بطاقات الاقتراع.

وفي الختام، قالت الصحيفة إن صلاح سيواجه فريقه السابق. وحيال هذا الشأن، أكد يورغن كلوب أن هذه لحظة تاريخية بالنسبة لصلاح، فهو لن يوجه له الكثير من التعليمات قبل هذه المباراة المصيرية، إلا أن هناك كلمة واحدة لطالما دأب على قولها دائما، وهي "استمر".