فى خطوة جديدة اعتبرها البعض بداية طريق خصخصة السكة الحديد ورفع الأسعار، وافق مجلس نواب العسكر، الأحد، على إمكانية إشراك القطاع الخاص للعمل فى إدارة وتشغيل هيئة السكك الحديدية وتطوير الشبكات وتدعيمها، وتنفيذ المشروعات اللازمة لتحقيق أغراضها أو المرتبطة بهذه الأغراض، وتطوير خدماتها في جميع أنحاء الجمهورية.

وقال خبراء نقل واقتصاديون إن هذه الخطوة تعتبر بداية طريق خصخصة هذا المرفق الحيوي والهام بالنسبة لجميع المصريين، فيما رأى آخرون أن مشاركة القطاع الخاص فى تطوير السكة الحديد لن يرقى إلى مفهوم الخصخصة، لأن السكة الحديد مرفق حيوي لن يتم خصخصته تحت أى ظرف وإنما ستكون المشاركة فى بعض القطاعات المتعطلة وتحتاج إلى تمويل لإعادة تشغيلها.

وفى أول تعليق له على موافقة مجلس نواب العسكر المبدئية، قال الدكتور هشام عرفات، وزير النقل بحكومة الانقلاب العسكري، "الحمد لله كان حلمًا وتحقق".

وأضاف وزير نقل الانقلاب، فى تصريحات صحفية، أن وزراء النقل السابقين حاولوا تغيير هذين البندين على مدار 20 عامًا ولم يحالفهم التوفيق، متابعا "دا أهم إنجاز ليا من ساعة ما جيت الوزارة".

وأشار عرفات، إلى أن هناك فجوة كبيرة في إنفاق الدولة على مرفق السكك الحديدية، خصوصًا أن المرفق متدهور منذ 45 عامًا، ومن الصعب تطويره وإصلاحه بالإمكانيات الموجودة حاليًا، فكان لابد من مشاركة القطاع الخاص في هذا الأمر، وهو ما تمت الموافقة عليه اليوم من قبل مجلس النواب.

وأوضح وزير نقل الانقلاب، أن موافقة المجلس على إشراك القطاع الخاص للعمل في هيئة السكك الحديدية لا يعني خصخصة الهيئة على الإطلاق، فأصول السكك الحديدية ثابتة وهي مملوكة للدولة، والقطاع الخاص سيشارك في عمليات الصيانة وتشغيل خطوط نقل البضائع.

ويتبع هيئة السكك الحديدية 73 ألف موظف وتكاليف التشغيل فيها وصلت نحو 5 مليارات جنيه وإيراداتها أقل من 2 مليار جنيه، وفقا لبيانات الهيئة.

بداية خصخصة
من جانبه، قال الدكتور عبدالخالق فاروق، الخبير الاقتصادي، إن موافقة مجلس النواب على إشراك القطاع الخاص للعمل فى السكة الحديد، يعتبر بداية خصخصة هذا المرفق الحيوي.

وأضاف فاروق، فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن المسئولين الحاليين سواء وزراء أو نواب جاءوا لكى يكملوا مسلسل خصخصة القطاع العام الذى توقف منذ 2008، قائلا "كل المرافق اللى معرفتش حكومات مبارك تخصخصها.. اللى موجودين دلوقتى هيخصخصوها".

وأوضح الخبير الاقتصادي، أن أعضاء مجلس النواب الحاليين لا يملكون شيئا من أمرهم، فهم ينفذون أوامر الحكومة التى تملى عليهم فقط.

تطوير وليس خصخصة
النائب جمال آدم، عضو لجنة النقل بمجلس النواب، قال إن وزارة النقل لم تطلب خصخصة السكة الحديد وإنما طلبت تطوير المرفق بكافة جوانبه بمشاركة القطاع الخاص.

وأضاف آدم، فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن خصخصة السكة الحديد معناها تسريح نسبة كبيرة من العمال كما حدث من قبل مع مصانع الغزل والنسيج ورفع قيمة التذاكر وهذا لا يرضى البرلمان.

وأكد عضو لجنة النقل، أن تطوير السكة الحديد يتمثل فى ميكنة المزلقانات وإحلال وتجديد القضبان وتطوير الورش، مشيرا إلى أن قطاع الورش والصيانة ونقل البضائع هى ما كانت تقصده وزارة النقل بدخول القطاع الخاص فيها لأننا نمتلك فيها عمالة ماهرة ولكن تنقصهم الإمكانيات المادية والقطاع الخاص سيوفر ذلك.

وأوضح آدم أنه نتيجة لذلك تم تعديل قانون 152 لسنة 1980 الخاص بهيئة السكة الحديد حتى يتمكن القطاع الخاص من المشاركة فى تنمية وتطوير هذا المرفق لأنه يغل يد الوزارة فى اتخاذ القرارات حيث يعطى كل الصلاحيات للهيئة ويمنع دخول أى طرف آخر فى المنظومة.

مشاركة لن ترقى لخصخصة
الدكتور مصطفى صبري، أستاذ تصميم النقل وهندسة المرور بجامعة عين شمس، قال إن مشاركة القطاع الخاص لن ترقى إلى مستوى الخصخصة الذى اعتدنا عليه.

وأضاف صبري، فى تصريحات صحفية، أن السكة الحديد من الممكن أن تنقسم إلى هيئات وشركات تتخصص فى التشغيل وأخرى للصيانة وغيرها للإشارات والبنية التحتية، وتشارك فيها شركات القطاع الخاص برؤوس الأموال بهدف التطوير والتنمية.

وأوضح أستاذ تصميم النقل بجامعة عين شمس، أنه لن يتم خصخصة السكة الحديد فى مصر لأنه لا يمكن لأى مستثمر أن يأتى لهيئة يزيد عدد العاملين بها على 75 ألف كما أنه لن يأمن من المشاكل التى قد تحدث بسبب الخصخصة، فضلا عن الأزمات مع المواطنين الفقراء الذين يستخدمون القطارات كوسيلة نقل أساسية عندما ترتفع أسعار تذاكرها بعد الخصخصة.

وتابع: "كل المشاكل دى هتمنع أى مستثمر يدخل فى منظومة السكة الحديد وخصخصتها"، موضحا أن قطاع النقل فى معظم دول العالم يجب أن يشمل دعم الدولة لأنه خدمة أساسية للمواطنين، قائلا "الشركات جاية للتطوير وليس الخصخصة".

تسريح العمال ورفع التذاكر
فيما قال الدكتور حسن مهدي، أستاذ النقل والمرور بجامعة عين شمس، إن مشاركة القطاع الخاص فى منظومة السكة الحديد لا يجب أن يتم إلا بعد تغيير الفكر والمبدأ الذى تدار به هيئة السكة الحديد، وتفعيل دور التخطيط ووضع الجداول الزمنية وتدريب العمال والمهندسين.

وأضاف مهدى، فى تصريحات صحفية"، أن مشاركة القطاع الخاص في تطوير السكة الحديد ستؤدى إلى تسريح الآلاف من العاملين بالهيئة وزيادة أسعار تذاكر القطارات، لافتا إلى أن أفضل أنواع الشراكة هي الشراكة فى قطاع نقل البضائع لخفض الأحمال على الطرق السريعة.

وأشار أستاذ النقل والمرور بجامعة عين شمس، إلى أن التطوير يستلزم الاستعانة بالمجالس القومية المتخصصة للمشاركة في جميع الاقتراحات التي تقدم من قبل الوزارات والهيئات الحكومية ووضع السياسات لجميع المؤسسات لمناقشتها، فضلًا عن توفير سياسة مرسومة من قبل وزارة التخطيط والجهات المعنية للبعد عن عشوائية القرارات.