لعل مقتل رئيس دير أبو مقار، في الأسبوع الماضي، ومحاولة راهبين الانتحار، قد فتح بابا للنقاش والتساؤل حول الأديرة المصرية وما يجري فيها، والقرارات التي أصدرها البابا تواضروس البابا تواضروس والتي عنون لها الإعلام بأن البابا: أصدر 12 قرارًا حاسمًا لضبط الرهبنة، وأمر الرهبان بغلق صفحات التواصل الاجتماعى، ومنع الحديث للإعلام، ومع كل هذه التفاصيل التي نقرؤها عن الأديرة وما يجري فيها، وهو ما تفوح رائحته فقط، فضلا عما لا يخرج للناس ولا الإعلام، وهو أشبه ما يكون دولة داخل الدولة، وهي دولة الكنيسة، وشعبها.

وكذلك تعامل الإعلام المصري ونخبته مع الأمر، والقرارات الصادرة، ما يجعلنا نتوقف كثيرا معها، فلو أن الحادث – مثلا – حدث في مؤسسة دينية إسلامية، بأن قتل إمام مسجد، أو مدير منطقة أوقاف، في مكان يعيش فيه الأئمة فقط، لرأينا الإعلام وضيوفه يتكلمون عن الأزهر ومناهجه، وكيف أن هذا الإمام المقتول وقد قتله يقينا زميل له، لا شك أنه تأثر بالمناهج الأزهرية القديمة المتشددة.

ولرأينا إسلام البحيري خرج يتحدث عن هذا الفكر العفن، الذي جعل إماما يقتل زميله، وأنه لا شك مر على كتب ابن تيمية، وكتب المذاهب الأربعة، وأنها كما صنعت هذا القاتل، لا شك صنعت قتلة آخرين بين أفراد المجتمع، ولاتخذها فرصة وغيره للمز وغمز الأزهر والمؤسسة الدينية والمناهج، ولعزف على هذا المنوال من قناة لأخرى، وقام معه إبراهيم عيسى وغيره في نفس الوقت.

هل يجرؤ الإعلام المصري ونخبته على فتح ملف الأديرة والكنائس، وما يجري فيها؟ لقد تكلم الدكتور محمد سليم العوا سنة 2010 تقريبا عن وجود أسلحة داخل بعض الكنائس والأديرة، وقامت الدنيا وما قعدت، وهاج بعض المسيحيين، إذ كيف يتجرأ على هذا الاتهام الخطير، وأنه كلام كذب لا أساس له من الصحة.

إن العوا رجل عاقل جدا، ودقيق جدا في كلامه، ولا أظنه قال كلامه دون معلومة حقيقية، فيقينا معلوماته صحيحة، وهي مسربة له ولغيره من أشخاص يحرصون على الوطن، لكن وضعهم لا يسمح لهم بالخوض في الأمر، والدليل على صحتها: أن أحدا من الكنيسة ومسؤوليها وكبارها لم يجرؤ على رفع دعوى عليه، بل كان الرد مجرد كلام إعلامي فقط، ولو كان كلاما كاذبا لنكلوا به قانونا!

وهو ما يذكر الجميع بالدور المشبوه الذي قامت به الكنيسة في قضية مواطنة مسيحية أسلمت وكانت زوجة لكاهن، وهي السيدة وفاء قسطنطين، والتي استقوى البابا شنودة بنفوذه فطلب أن تسلم للكنيسة، لتوضع في أحد الأديرة، في سابقة لم تحدث من قبل، فالأصل أن يسلم الإنسان من المؤسسة الخاصة للدولة، أما العكس فهو الغريب.

فقد كان وقتها مبارك في زيارة للمغرب، وعندما ضغط شنودة لتسلم للكنيسة، ورفض مسؤول أمني وقتها تسليمها لهم، فأبلغوا مبارك برغبة شنودة في أن تسلم له، فأمرهم بتسليمها له منعا لأي ضغوط يقوم بها، فنزلت وفاء قسطنطين على الأرض تقبل قدم المسؤول الأمني ألا يسلمها لهم فهي مسلمة، وأنه بتسليمها لهم إما سيقتلونها أو سيمارسون عليها كل ألوان التعذيب النفسي لتعود مسيحية مرة أخرى، ولا يعرف أحد حتى الآن مصيرها.

وأيضا في هذا الملف صمت الإعلاميون ولم ينبسوا ببنت شفة، ولو أن الأزهر فعلها مع فتاة مسلمة تنصرت، فاستردها لرأيت المقالات والمانشيتات تملأ الصحف والفضائيات، عن عودة محاكم التفتيش، والاختفاء القسري، وقهر المواطن، ومنعه من ممارسة حريته الدينية.

لقد تدخل الإعلام في شؤون الأزهر، في كل صغيرة وكبيرة فيه، وصادر حكم العسكر في عهد عبد الناصر أوقافه، ولم يردها للمسلمين، بينما رد كل أوقاف المسيحيين، وترك إدارة الأديرة للكنيسة خالصة لا يتدخل فيها أحد، حتى أصبحت دولة مستقلة داخل الدولة، وكلما حدثت حادثة في دير من الأديرة كلما فتح أعين الناس على المسكوت عنه داخل هذه الأديرة. 

[email protected]