نبيه عبد المنعم:

 

مصر في عهد مرسي كانت عبارة عن أرض يقيم عليها خليط من الناس إسلاميين وعلمانيين وليبراليين وأقباط وأصحاب مصالح وجيش وشرطة ورجال نظام الحكم القديم وكثير من الناس لا ينتمون إلى هذا ولا ذاك وإنما يهمهم في المقام الأول الاستقرار والأمان ولقمة العيش لهم ولأولادهم .

لم يفهم كل هؤلاء أن مرسى رئيسهم جميعا .

وكل أراده رئيسا له ولتياره وإلا .

كان كل هؤلاء مجموعة من المزايدين والطماعين .

فالإسلاميون من غير الإخوان وخاصة التيار السلفي يزايدون على مرسى والإخوان صراحة أو ضمنا بالآتي:

يجب أن يستبعد فورا كل مظهر علماني . ويطبق فورا أحكام الشريعة ويغلق الشواطئ ويغطى التماثيل

ويسمح فورا للضباط والعساكر فى الجيش والشرطة بإطلاق اللحية وتقصير البنطلون ويفرض المظهر الإسلامي على النساء فرضا .ويغلق البنوك ومؤسسات المال الربوية . وعدم تهنئة الأقباط في أعيادهم وتجديد الحديث حول فرض الجزية عليهم . وسحل كل من يثبت أنه متشيع داخل مصر باعتبارهم ألعن من اليهود والنصارى .

كل ذلك فورا وإلا فلا سمع ولا طاعة .

وكان العلمانيون والليبراليون وستة أبريل وهم قطاع من المجتمع يزايدون على مرسى أيضا بأنه:

يستحسن التنازل عن كل صلاحياته لحمدين صباحى وخالد على والبرادعى وغيرهم .

وأن تتوقف كل المظاهر الإسلامية والحديث عن الدين ودخول الانتخابات بشعارات إسلامية وعدم ترك المجال للسلفيين للتوغل في المجتمع واستخدام المنابر .

وعدم زيادة أي شيء فى الدستور بخصوص الهوية الإسلامية . وترك الحرية كاملة لأهل الفن والثقافة للعمل كما شاءوا .

واستبعاد كل رجال النظام القديم من الترشح للانتخابات .

عدم استخدام الإخوان ولا السلفيين ولا من كان منضما لتيارات جهادية فى أي منصب سياسي أو خدمي .

استبعاد أكثر من 90% من ضباط وأمناء الشرطة فورا باعتبارهم بلطجية .

الحكم الفوري بأحكام قوية على كل رموز النظام القديم ومحاكمة الجيش والشرطة باعتبارهم متورطين في كل ما حدث خلال فترة الثورة من أحداث .

كل ذلك فورا وإلا فميدان التحرير موجود وذكريات محمد محمود وماسبيرو وستة أبريل وأحداث بورسعيد وكل الذكريات وذكريات الذكريات موجودة وسيتم إحياؤها أمام بيت الرئيس وقصر الاتحادية .

وكان الأقباط يزايدون أيضا يريدون تطمينات حول مكانهم فى النظام الجديد والحصول على حصة من الوزراء والمحافظين ومجلس الشعب والسماح ببناء الكنائس دون شروط واستبعاد أصحاب الخطاب السلفي المتشدد . وإلا فالاتهام بالتضييق عليهم والاستنجاد بأمريكا وأوروبا وأقباط المهجر موجودين .

وكان أعضاء النظام القديم ورجاله يزايدون . يريدون الاطمئنان لمستقبلهم وأنهم وأولادهم لن تصيبهم إجراءات استثنائية وسيكونون آمنين على حياتهم وحرياتهم .

وألا يتم سحب ما نهبوه من أموال وأراضى ومال عام منهم .

وألا يتم سحب ما حصلوا عليه من تراخيص أفران وغاز ومحطات بنزين ومصالح لا آخر لها وإلا سيتم تعطيل الأفران والبنزينات ومصالح الناس .

وكان الجيش والشرطة يزايدون بمصالحهم ومكتسباتهم لا يريدون المساس بها وإلا فهم في إجازة مفتوحة .

وكان حزب الكنبة وهم غالبية الشعب والذين لم يكن لهم أي صوت من قبل يزايدون ويطلبون فورا التثبيت في وظائف حكومية وزيادة الرواتب ورؤية ثمار الثورة تسقط فى حجورهم وكأنهم هم من قاموا بها وإلا قاموا بإضرابات ومظاهرات .

والعجيب أن كل هؤلاء الكارهين لبعضهم المتنافرين فى مطالبهم والذين كان الإخوان اقرب لكل منهم من التيارات الأخرى . كلهم وضعوا أيديهم فى أيدي بعضهم وفى أيدي العسكر للخلاص من الإخوان .

لم يستغرق الأمر طويلا . فعاد شرفاء السلفيين للسجون وعاد بعضهم لمقولة السياسة نجاسة وعاد حزب النور للنفاق والعمالة لأمن الدولة . وعاد شرفاء الليبراليين والعلمانيين للسجون وهم قلة وعادت كثرتهم للعب دور المحلل للنظام والمنافق بترخيص . وعاد الأقباط يتسلى بهم النظام ويقتلهم ليتهم الإسلاميين

وعاد الجهاديين السابقين إلى فلسفة المراجعات وعاد أمناء الشرطة وعساكرها خدما للضباط وعائلاتهم . وعاد الضباط يتسكعون فى الشوارع يفرضون الإتاوة وعاد الشعب للرشوة والبلطجة والسرقة من بعضه ليعيش .

كان الرجل يعمل بكل قوته ليرضيهم جميعا ويحقق لهم أمنياتهم ويقربهم من بعضهم لكنهم أبوا إلا أن يتقاربوا ويقتربوا خلف الشيطان الذي وعدهم الفقر .

درس مؤلم للجميع

فهل انتهى الدرس وتعلم الشعب أم لا زال هناك فقر وجوع ودم على الطريق .

 

 

المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي نافذة مصر