د. عزالدين الكومي:

 

الشهيد محمد مهدي عاكف، كما قال الشاعر:  خافوهُ حيّا فكان السجنُ منزلهُ وبالممات من الجثمانِ قد خافوا شخصٌ وحيدٌ بلا جيشٍ ولا عُدَدٍ وهم جيوشٌ تدكّ الأرضَ آلافُ.

تُوفِّي الشهيد محمد مهدي عاكف، المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين ، في سجون النظام الانقلابي ، جراء الإهمال الصحي، بعد إصابته بسرطان البنكرياس ، وقد تدهورت حالته الصحية بشكل كبير، ولكن النظام الانقلابي ، رفض نقله للعلاج في مستشفى خاص ليتلقى العلاج الطبي المناسب، بالرغم من تلقي المحكمة تقريراً طبيا بتاريخ الثالث عشر من سبتمبر، يفيد بأنه بعد توقيع الكشف الطبي على الأستاذ مهدي عاكف، تبيّن أنه يعاني من سرطان البنكرياس، وارتفاع نسبة الصفراء بالجسم، وورم القنوات المرارية، مما يتعذر نقله لحضور الجلسات، ولكن المحكمة لم تعبأ بهذا التقرير، وأصرت على بقائه في السجن، ولم تكتف سلطات الانقلاب بمنع جنازة الأستاذ محمد مهدي عاكف، شيخ المجاهدين، ومرشد جماعة الإخوان المسلمين السابق ، وتم تشييع جثمانه ، تحت إجراءات أمنية مشددة، وبحضور أربعة من أقربائه فقط، ورفضت داخلية الانقلاب السماح بالصلاة على جنازته في أيّ من مساجد مصر، بل قامت وزارة أوقاف الانقلاب بإصدار تحذيرٍ لكل المساجد في مصر، بمنع صلاة الغائب على روح الأستاذ عاكف. وحذر رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، من إقامة صلاة الغائب على أي أحد أو السماح بإقامتها، دون تصريح أو تعميم مسبق من رئيس القطاع الديني بديوان عام الوزارة، وأن من يخالف ذلك يعرض نفسه للمساءلة القانونية.

والطريف أنه في الوقت الذي تتعامل فيه السلطة الانقلابية ، بأريحية كبيرة، مع المخلوع مبارك ورموز نظامه البائد ورجال أعماله من لصوص المال العام ، ومصاصي دماء الشعب ، وتمنحهم عفوا ، من أمثال القاتل هشام طلعت مصطفى؛ تتعنت وتنكل بالشرفاء من أمثال الأستاذ مهدي عاكف الرجل التسعيني، ويحرم من الرعاية الصحية والعلاج وهي أبسط حقوقه القانونية والأخلاقية والإنسانية.

والسؤال: لماذا يخاف النظام الانقلابي المدعوم من كل قوى الشر العالمية والإقليمية، وتقف خلفه حكومات تزعم أنها ديمقراطية وتتستر على كل جرائمه وانتهاكاته، من جنازة رجل تسعيني، فالنظام الانقلابي مرعوب من الإخوان المسلمين، على الرغم من أنّ إعلامه يعلن فى كل مناسبة بأنه تم القضاء على جماعة الإخوان نهائياً، فلماذا تخشى جنازة؟؟!!

 وقد استنكر الجميع هذه الدناءة والخسة الانقلابية، حتى من معارضي الإخوان، وتعاطفوا مع الإخوان ، بسبب المواقف المخزية للنظام الانقلابي!!

وإذا كان النظام الانقلابي بقضه وقضيضه ، منع جنازة مهدي عاكف والصلاة عليها ، فقد دعت جماعة الإخوان المسلمون ، في بيان لها تلاميذ ومحبي "عاكف" ، وأبناء الحركة الإسلامية، وجميع الأحرار داخل مصر وخارجها حول العالم لإقامة صلاة الغائب على "عاكف"، ووجهت مكاتبها في الداخل والخارج إلى تنظيم صلاة الغائب على عاكف، بعد منع السلطات الانقلابية صلاة الجنازة عليه في مصر !! وكما قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله بيننا وبينهم الجنازات، ليرى النظام الانقلابي أنه ليس له قابلية إلا لدى البلطجية ومجموعات المرتزقة ، التي تنتفع من النظام الانقلابي!!  فشاءت إرادة الله أن يصليَ على الشهيد محمد مهدي عاكف، آلاف المصلين ، في شوارع ومساجد تركيا صلى عليه آلاف من المسلمين ونعته جميع الفصائل الاسلامية في العالم الإسلامي ، وفي فلسطين في معظم المساجد وفى مدينة أم الفحم بفلسطين المحتلة صلوا عليه عقب صلاة المغرب، كما أقيمت صلاة الغائب في عدة مساجد حول العالم، في مدينة كاليفورنيا الأمريكية، وفي دول إندونيسيا، وماليزيا، وبريطانيا، واليونان، رغم أنف النظام الانقلابي الذي منع الصلاة عليه فى بلده لرعبهم من عاكف حياً وميتاً.

ربح البيع يا عاكف ربح البيع يا عاكف ..

 وهكذا يرحل الأطهار من دنيا العفن يشكون لرب العالمين ظلم الظالمين.

تا لله ما الطغيان يهزم دعوةً يوماً وفي التاريخ برُّ يميني ضع في يدي ّ القيد ألهب أضلعي بالسوط ضع عنقي على السكّين لن تستطيع حصار فكري ساعةً أو نزع إيماني ونور يقيني فالنور في قلبي وقلبي في يديْ ربّي .. وربّي ناصري ومعيني سأعيش معتصماً بحبل عقيدتي وأموت مبتسماً ليحيا ديني.

الملك فاروق أمر بترك الأستاذ حسن البنا دون رعاية في المستشفى حتى مات، ثم أمر بدفنه ليلاً دون جنازة؛ فأماته الله فريداً وحيداً غريباً ثم جاء جثمانه إلى مصر ليُدفن ليلاً دون جنازة ! وهكذا فعل قائد الانقلاب مع الأستاذ مهدي عاكف، فانتظروا للظالم نهاية فاروق قريباً .

وإذا كان الطاغية منع جنازة الإمام البنا، والصلاة عليها، ولم تشيعها إلا النساء، والوطني مكرم عبيد باشا، فالطاغية عميل للصهاينة منع جنازة عاكف والصلاة عليها، ولكن اليوم لا يوجد بينا مكرم عبيد الوطني، فقط يوجد بيننا عملاء النظام الانقلابي وعبيد البيادة، وأحزاب كرتونية ومطبلين!!