بقلم: عبد العزيز حريتي - مفكر جزائري 

(الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل 173 فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم 174) (سورة آل عمران).

عن ابن عباس رضي الله عنه، عن النبي صلى عليه وسلم، أنه قال: ( أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل تكلم بكلمة حق عند سلطان جائر فقتله) .

يا أحرار مصر و يا شرفاء مصر، هذا هو الطريق، طريق من جهر بكلمة الحق من قبلكم، طريق من لم يصبروا على الذل ومن لم يرضوا بالهوان، طريق من لم يجاملوا الشر، طريق من لم ينزلوا على رأي الفسدة و الظلمة و الطغاة عبر الأزمنة و التاريخ.

يا أحرار مصر و يا شرفاء مصر، هذا هو طريق من لم يقولوا نحن قلة ضعيفة فما لنا وهذه الكثرة الباغية، طريق من لم يرضوا أن يقعدوا مع القاعدين و المتخلفين، طريق من أيقنوا : (إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡ )، وأدركوا أن أمر الله لا يتم إلا بتضحيات و جهاد عباده بالغالي والنفسي من أجل تنفيذ أمره، طريق الذين علموا أن السماء لا تمطر على الناس عزا ولا حرية ولا نصرا إنما هم يصلون قلوبهم بجبار السماء فتهون عليهم قوى الأرض مهما كانت قوتها وجبروتها، وتهون معها حياة الأرض، وعندئذ ينقلبون بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء.

فما كان للأحرار والشرفاء في هذا العالم إلا الانحناء أمام ما تقدمونه من تضحيات في سبيل حريتكم وعزكم وكرامتكم وإعادة شرعيتكم المغتصبة، و قبل هذا وذاك من أجل مرضاة ربكم وإعلاء شريعته وحكمه بين الناس جميعا، وهذا ما عهدتم عليه ربكم ورسولكم صلى الله عليه وسلم مند نشأتكم،وأنتم تدركون بأن هذا الدين واحد ولن يصلح آخره إلا بما صلح أوله، وأنتم الذين أعلنتموها صراحة مند انطلاق ثورتكم المباركة لإسقاط هذا النظام العسكري الاستبدادي الظالم، إما أن تحيوا حياة حرة كريمة عزيزة وإما شهادة ترضي ربكم وتلحقكم في أعلى عليين صحبة النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا،وهي الحياة الأبدية : ( وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتَۢاۚ بَلۡ أَحۡيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمۡ يُرۡزَقُونَ 169 فَرِحِينَ بِمَآ ءَاتَىهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَيَسۡتَبۡشِرُونَ بِٱلَّذِينَ لَمۡ يَلۡحَقُواْ بِهِم مِّنۡ خَلۡفِهِمۡ أَلَّا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ 170 يَسۡتَبۡشِرُونَ بِنِعۡمَة مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡل وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ 171 ) (آل عمران).

فندائي ليس موجه إليكم بل هو موجه إلى:
أولا: إلى دولتي الجزائر وكل مؤسساتها وهيئاتها ومنظماتها وأحزابها وشعبها رجالا ونساء، عار وخزي على جزائر الشهداء هذا الصمت وهذا السكوت الرهيب، على هذه الإعدامات في حق شرفاء مصر وأحرارها، الذين لا ذنب لهم إلا أنهم رفضوا الخنوع والاستكانة لسلطة الانقلاب التي اغتصبت شرعيتهم وصادرة حريتهم بغير وجه حق، فأعلنوها مدوية " سلميتنا أقوى من الرصاص" فزلزلة أركان الانقلابيين فما كان منهم إلا مواجهة هذه المقاومة السلمية بسلسلة من الأحكام الصورية الجائرة، فماذا أنتم فاعلون يا أبناء وطني، وأنتم تشاهدون كل يوم المئات من الشرفاء و الأحرار من إخوانكم في العقيدة والعروبة والجوار هل تستمرون في صمتكم وسكوتكم المخزي، فلنعلنها سلطة وشعبا " أن أوقفوا هذه الإعدامات في حق شرفاء وأحرار مصر"
ثانيا: إلى الأنظمة العربية والإسلامية وإلى مؤسساتها الإقليمية الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلام وفي مقدمتهم المملكة السعودية بقيادة الملك الجديد وفريقه، إذا كنتم سيدي الملك من خلال "عاصفة الحزم" تريدون تصحيح الأوضاع في اليمن السعيد، الذي تسبب فيها الملك الراحل وفريقه وإعادة الشرعية لها، فأولى لكم سيدي الملك أن تعودوا على ما فعل الملك الراحل وفريقه، بدعوة السلطة الانقلابية " أن أوقفوا هذه الإعدامات في حق شرفاء وأحرار مصر"، التي ما كان لهذه السلطة أن تقوم بهذه الإعدامات والجرائم لولا دعمكم السياسي و المالي لها.
ثالثا: إلى أمريكا قائدة العالم ومهد الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، التي أسقطت ثورات الربيع العربي زيف هذه الديمقراطية وهذه الحرية وهذا الدفاع عن حقوق الإنسان، والمعايير المزدوجة التي تتعامل بها أمريكا مع الديمقراطية التي لا تخدم مصالحها في المنطقة، بل هي من صممت وخططت ودعمت الانقلاب في مصر، والثورات المضادة في دول الربيع العربي لأنها تعتبر الحرية والديمقراطية في دولنا العربية والإسلامية خطرا على مصالحها و مصالح محميتها إسرائيل، فهلا عدتي إلى رشدك و طالبتي من مناوليك في السلطة الانقلابية بأن " أوقفوا هذه الإعدامات في حق شرفاء وأحرار مصر" وأعلمي أن التاريخ لا يرحم وأن الشعوب العربية والإسلامية لن تنسى لك وقفوك إلى جانب الأنظمة الاستبدادية الظالمة، و كما يقولون الأنظمة إلى زوال والبقاء للشعوب، فهلا أدركتي أن مصلحتك تصان بوقوفك إلى جانب الشعوب المستضعفة لا إلى جانب الأنظمة الظالمة المستبدة الفاسدة.
رابعا: إلى أحرار العالم ما لكم تقيمون الدنيا ولا تقعدونها إذا ما ماتت هرة أو مات كلب أو أصيب فيل أو أعتدي على دلفين، وتصمتون صمت القبور على ما تقوم به السلطة العسكرية الانقلابية من إعدامات في حق أحرار وشرفاء مصر، لماذا لا تتحركون في مسيرات و مظاهرات صاخبة كما تفعلونه عند الاعتداء على الحيوانات ونحن نحترم فيكم ذلك، من أجل مطالبة السلطة الانقلابية أن " أوقفوا هذه الإعدامات في حق شرفاء و أحرار مصر".
اللهم إننا ننكر ما تقوم به هذه السلطة الانقلابية في حق شرفاء وأحرار مصر بألسنتنا و قلمنا وقلوبنا ولو كانت لنا سلطة لسخرنها لوقف هذه الإعدامات الصورية في حق أحرار وشرفاء مصر، اللهم إنك تعلم أن هذا جهد المقل، اللهم فاشهد إني بلغت، اللهم فاشهد أني بلغت، اللهم فاشهد إني بلغت.