نافذة مصر
كتب المحلل السياسي وائل قنديل مقالا في جريدة الشروق كان عبارة عن رسالة لضياء رشوان نقيب الصحفيين , ينتقد فيها الانحلال الأخلاقي الذي وصل إليه الإعلام المصري , قال فيه نصا
"أضم صوتى إلى صوت نقيب الصحفيين ضياء رشوان (لو صح أنه طالب بذلك) فى مناشدة الصحف ووسائل الإعلام التوقف عن نهش سمعة ابنة شخصية سياسية مرموقة بنشر وقائع التحقيق معها، من منطلق كونها مواطنة مصرية محترمة لا يجوز أبدا إهانتها وإهدار كرامتها وحقوقها القانونية، وليس من منطلق أنها ابنة هذه الشخصية العامة ذات التاريخ النضالي أو تلك كما ذهب النقيب.
والمفترض قانونيا وأخلاقيا أن المتهم ــ أي متهم ــ برىء حتى تثبت إدانته، ومادام لم يصدر اتهام رسمى أو إدانة لأى شخص فإنه يبقى بريئا متمتعا بجميع حقوقه كإنسان، ويجب ألا يشهر به أحد.
وبما أن المواطنين أمام القانون سواء، وحيث إن حرية الفرد وحرمة حياته الخاصة مقدسة بحكم الدستور والقانون وقواعد الأخلاق العامة، فقد كنت أتمنى أن تتسع مناشدة نقيب الصحفيين لتشمل بعطفها ورعايتها وزير الثقافة الجديد الذى تقوم صحافة الغائط وإعلام هتك العرض بسحله على صفحاتها والتنكيل به وافتراس سمعته وحياته الخاصة على نحو متوحش، وتنشر ما زعمت أنه تفريغ لمحادثات ومكالمات خاصة بينه وبين سيدة.
وإذا كان الاعتداء على حقوق ابنة السياسى ذى التاريخ النضالى ــ بنشر تلال من الوقائع والأكاذيب بشأنها قبل أن تنتهى النيابة من التحقيقات معها ــ جريمة، فإن ترويج هذه السخائم عن الوزير الجديد جريمة أكبر، تستحق تدخلا من نقيب الصحفيين لإيقاف هذه المهزلة المهنية والأخلاقية أيضا.
ولا داعى للمقارنة هنا بين حالة الصمت أو بالأحرى الرضا عند افتراس الصحافة ووسائل الإعلام لأبناء رئيس الجمهورية، من خلال اتهامات مرسلة بتضخم ثروات أحدهم، وتعيين آخر فى قطاع الطيران براتب يتجاوز الأربعين ألف جنيه رغم حداثة تخرجه، وأيضا ما نشر عن تعيين ابن نائب الرئيس فى ذلك الوقت بمجلس الدولة، ناهيك عن كميات هائلة من أخبار فاحشة نشرت على أوسع نطاق بالصحف السيارة عن مسئولين وأبناء مسئولين لم يغضب من أجلها أحد، أو يستدعى مواثيق الشرف الإعلامية والضوابط المتعارف عليها لحماية حقوق الأفراد، متهمين وغير متهمين، بصرف النظر عن أوزانهم الاجتماعية، أو التاريخ السياسى والنضالى لذويهم.
وكم كنت أتمنى أن ينتهز نقيب الصحفيين الفرصة، وبدلا من المناشدة (القبلية أو العشائرية) يقوم بتفعيل ميثاق الشرف الصحفى ويطبقه على كل من يعتدى على حقوق المواطنين وينتهك سمعتهم ويشهر بهم ويصدر أحكاما ضدهم قبل أن ينظر القضاء فى أمرهم.
لقد انتقل الأداء الإعلامى المنفلت من مرحلة تغييب المهنية إلى إهدار المهنية والأخلاقية معا، حتى وصلنا إلى ما يمكن اعتباره «مهنية شريرة» تتخذ صناعة الكذب والتلفيق والتشهير منهجا، فى غياب كامل لأدوات المساءلة والردع القانونى، وتلك هى القضية الأهم التى يجدر بنقيب الصحفيين أن ينشغل بها طوال الوقت، وليس حينما تحدث إساءة لأبناء ذوى التاريخ النضالى فقط.