لم يكن يصح أن يمر الثالث من يوليو وهو الذكرى الأولى للانقلاب الدموي الغاشم؛ دون أن يؤكد الشعب المصري أنه مازال رافضا لما حدث بكافة الطرق، مهما اشتدت حدة القمع والقتل والتنكيل. والحقيقة أن حراك اليوم الأول من فعاليات ذكرى الانقلاب قد فاجأت الخصم نظرا لعدم تماثلها مع الفعاليات السابقة في الأيام الحاشدة؛ فقد اعتمد الثوار اليوم عددا من الخصائص التي تشي بتنوع وثراء، فضلا عن استمرار الفعاليات المعتادة وعدم توقفها.

فمن جهة امتد الحراك على صعيد الجمهورية كلها، وذلك بنفس الزخم والقوة، وفي هذا فقد تنوعت الفعاليات ولم تقتصر فقط على المسيرات والوقفات والسلاسل البشرية؛ فإلى جانب ذلك ظهرت أيضا بعض ملامح للسلمية المبدعة والتي لم تخرج عن كونها سلمية في حين أنها باتت تؤكد أن هناك تصعيدات ما قد ينتظرها الخصم بين الحين والآخر، وهي التصعيدات التي لم تخرج إلى حيز العنف، ولكنها أوضحت أن الثوار لهم كلمة قوية في الشارع خاصة بعد ظاهرة الاعتداء على الفتيات والتي كان لا بد لها من وقفة قوية. أيضا هو حراك أثبت أن الشارع في أكثره يقف خلف مؤيدي الشرعية ويدعمهم؛ ذلك لأن الحراك لم يكن يطالب فقط بإسقاط العسكر وإنما أعلنت فئات كثيرة فيه أن الانقلاب قد دمر مقدرات الشعب وزادت في عهده مشكلات الفقر والكهرباء والبنزين.

قطع الطرق
 بداية فقد تجلت بقوة فكرة قطع الطرق في العديد من الأماكن والمحافظات، وعلى سبيل المثال فقد قام عدد من الأهالى ومنذ صباح 3 يوليو بقطع الطرق الرئيسة بعدد من المحافظات وكذلك السكك الحديدية عن طريق إشعال إطارات السيارات، ما أدى إلى توقف حركة قطارات الصعيد ببني سويف، كما تم قطع شريط السكة الحديد عند مدينة بني مزار شمال المنيا وتوقف حركة القطارات تماما بين القاهرة ومدن الصعيد، أيضا قام أهالي الفيوم بقطع طريق الفيوم – إبشواي السياحي وإضرام النيران بإطارات السيارات وتصاعد أعمدة الدخان بكثافة ما أدى إلى تكدس حركة المرور، ومثلهم قام أهالي مدينة 6 أكتوبر بالجيزة بقطع الطريق وإشعال النيران في المدخل المؤدي إلى مدينة 6 أكتوبر مما تسبب في حالة من الإرباك المروري وتكدس السيارات، وفي الصعيد أيضا قام عدد من أهالي محافظة سوهاج، بإشعال إطارات السيارات على شريط السكة الحديد بناحية قرية الأبعادية ضمن فعاليات ما أسموه "سحائب الدخان" لزلزلة أركان الانقلاب، ووضع الأهالي إطارات السيارات المشتعلة على شريط السكة الحديد بدائرة المركز؛ الأمر الذي أدى لتأخر رحلة القطار رقم 87 القادم من أسوان في اتجاه القاهرة لمدة 20 دقيقة، كذلك فقد قام الأهالي في العريش بقطع طريق كوبري الضاحية، الرابط بين شرق المدينة وغربها، وأشعلوا النيران في اطارات السيارات وذلك احتجاجاً على جرائم الانقلاب أيضا قطع الأهالي طريق مصر السويس مما تسبب في شلل مروري تام، وقام آخرون بقطع طريق القاهرة أسوان الزراعي عند قرية التوفيقية بسمالوط بعد اعتقال أحد أهالي القرية، كما تم قطع الطريق الدولي بالإسكندرية، ومدخل ميدان وادي القمر، مما يؤدي إلى فصل غرب الإسكندرية عن باقي المحافظة.

وفي سياق متصل قال شهود عيان إن عددا من الأهالي قاموا بقطع تحويلات ترام الإسكندرية من منطقة المنشية وحتى غرب الإسكندرية مما تسبب في حالة من الارتباك والشلل المروري بغرب الإسكندرية، أيضا قطع أهالي منطقة المريوطية بمحافظة الجيزة الطريق الدائري، وكذلك قام مجهولون بقطع الطريق الدائري عند منطقة الطوابق احتجاجًا على جرائم الانقلاب وقتله اثنين من الشباب الثائر في تظاهرات ذكرى الانقلاب بمحافظة الجيزة المعروفة بانتفاضة 3 يوليو. وهو ما حدث أيضا في كل من مصر القديمة والسيدة زينب بشارع القصر العيني من أمام مدخل "فم الخليج"، وأيضا بطريق جسر السويس، وطريق كورنيش النيل أمام منطقة حدائق حلوان. وفي السياق نفسه فقد عمل مجهولون على تعطيل 11 محولا كهربائيا مركزيا بمحور التعمير بالإسكندرية ما أدى إلى انقطاع تام للكهرباء في المناطق المجاورة.

عقاب خاص بأقسام الشرطة المتورطة
ومن بين تطوير الأدوات أيضا استخدم الأهالي حالة أكثر خشونة اعتراضا على ما يحدث داخل الأقسام من انتهاكات وقتل وتعذيب، حيث أحرق أهالي حلوان نقطة شرطة بحلوان احتجاجًا على قمع الداخلية المتزايد بعد انقلاب 3 يوليو، كذلك استمر التصعيد بحق الأقسام التي تعمدت اختطاف الفتيات حيث بادر التحالف بالدعوة للحشد أمام كل من قسم أول مدينة نصر، كما أعلن فتح كافة الخيارات بعد اعتقال فتيات في المنصورة. 
وفي هذا الإطار يدخل ثوار مواقع التواصل الاجتماعي بحضور قوي، عن طريق نشرهم أسماء عدد من الضباط المتورطين في الاعتداء على الفتيات وانتهاك أعراضهن، كما تم نشر معلومات كاملة عن أماكن إقامة هؤلاء الضباط بالتفصيل.

تعدد نوعي
وفي هذا فلم تتوقف الفعاليات المعتادة من تنظيم السلاسل البشرية والوقفات والمسيرات الحاشدة، وكذلك استخدام "بالونات" الهليوم التي تحمل صورة الرئيس مرسي بحيث تسود المكان وتبهر من فيه، كذلك فقد استمر الحراك صباحا أثناء نهار رمضان، ومساء عقب صلاة التراويح، كما تقدم الصفوف في كثير من المناطق روابط الأولتراس ما أعاد للأجواء التهابها وقوتها. كذلك فقد تنوعت الهتافات واللافتات ما بين من يؤكد رفض الانقلاب والمطالبة بالقصاص للشهداء، وآخرون ركزوا على غلاء الأسعار وتفاقم المشكلات الحياتية اليومية مثل أزمات الكهرباء والبنزين، والتي لم يعمل الانقلاب إلا على زيادتها.
كذلك فقد أحيا البعض ذكرى اعتصامات مؤيدي الشرعية؛ فتحت عنوان "ليلة من رابعة" أقام أهالي قرية الميمون ببني سويف صلاة العشاء والتراويح في الخلاء على غرار مصلى اعتصام رابعة العدوية، وشهد المصلى فقرات متنوعة واختتمت بالدعاء على قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بالخسران والهلاك وسط حشد رجالي ونسائي كبير.

تواجد شبابي وطلابي
ومن ناحية أخرى فقد شمل التنوع في حراك 3 يوليو بدء انتفاضة خاصة أعلن عنها الطلاب، حيث أعلنوا عن بدء موجة ثورية جديدة تحت عنوان "التيرم الثالث" تأكيدا على أنه وإذا كان الطلاب في إجازتهم الصيفية فإن الحراك الثوري ليس في إجازة، وفي ذلك فقد حاصر العشرات من حركة "طلاب ضد الانقلاب" مبنى وزارة التعليم العالي بشارع القصر العيني، كما نجح الطلاب في إرباك قوات أمن الانقلاب حيث تعمدوا القيام بفعاليات مفاجئة بداية من قطع طريق الأتوستراد بمدينة نصر، ومرورا بدخول ميدان رابعة العدوية والتظاهر به، ثم محاصرة مبنى وزارة التعليم العالي.