أجرى الحوار : "آسيل صهيب" - أعده للنشر "فارس أحمد"
أجرت "نافذة مصر" مع الدكتور "ناجي شكرى الظاظا" حوار خاص تناولت فيه "حماس والمعارك السياسية" ، كما تناول الحوار "المقاومة" وهل هي في غزة فقط ، أم أنها في كل فلسطين .
من هو :
" ناجي الظاظا " هو لاجئ فلسطيني من قرية الكوفخة المحتلة (شمال شرق مدينة غزة) ، من مواليد مدينة غزة عام 1976م، متزوج وله من الأبناء خمسة .
حياته العلمية :
حصل على البكالوريوس في الرياضيات والحاسوب من الجامعة الإسلامية بغزة عام 2000، وعلى الماجستير في تكنولوجيا المعلومات من جامعة أوتارا بماليزيا عام 2007، ثم حصل على درجة الدكتوراة في تكنولوجيا المعلومات من جامعة أوتارا بماليزيا عام 2011.
له العديد من الأبحاث العلمية ، وشارك في العديد من المؤتمرات، وله عدة كتب في مجالات متعددة،و يكتب مقالات لصحف ومواقع إلكترونية حول قضايا مجتمعية وأخرى تقنية .
شغل منصب عميد كلية تكنولوجيا المعلومات، جامعة فلسطين: مدينة الزهراء، فلسطين (2013)، ومنصب عميد خدمة المجتمع والتعليم المستمر (2014)، ويعمل الأن أستاذاً مساعداً في تكنولوجيا الموبايل في كلية الهندسة التطبيقية والتخطيط العمراني في نفس الجامعة.
نص الحوار :
1- حركة حماس هى حركة مقاومة اسلامية ما هى الاسباب دخولها فى المعترك السياسى ؟
تحرير فلسطين هو هدف حركة حماس ومن ثم إقامة الدولة الفلسطينية، وبالتالي فإن مشاركة الحركة في العمل السياسي هو أحد أركان عملها ومن أهم وسائلها لتحقيق أهدافها المرحلية بالمحافظة على الثوابت الوطنية وإقامة دولة فلسطين على التراب الفلسطيني المحرر بالشراكة مع كافة الفصائل الفلسطينية والقوى الوطنية الفاعلة.
2-هل كانت تدرك حماس جيدا نتائج دخولها الانتخابات التشرعية رغم معرفتها بالواقع السياسى ؟
حركة حماس هي امتداد لجماعة الإخوان المسلمين العالمية، وبالتالي فهي تمتلك رصيد من المعرفة، لكنه يحتاج إلى الممارسة العملية، ولا شك أن مزاوجة الحركة للعمل السياسي مع العمل العسكري يعتبر حالة فريدة -حتى بالنسبة لجماعة الإخوان- إلا أن مشاركة الحركة في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006م كان استجابة طبيعية للالتفاف الجماهير حول خيار الحركة، وهي التي كانت واضحة في شعار حملتها الانتخابية "يد تبني ويد تقاوم”، وقد أعطاها الشعب الفلسطيني ثقته بأغلبية 61% (76 حماس + 4 مدعومين منها، من أصل 132 مقعداً) وبنسبة تصويت بلغت 78%، وهي الانتخابات التي شهد لها الجميع بالنزاهة والشفافية سواء محلياً أو إقليمياً أو دولياً.
3-هل دخول حماس المعارك السياسية يكون شبه مفاوضات مع الاخر بطريقه غير مباشرة ؟
هذا يعتمد على تعريف الآخر، ففي الإدارة الداخلية للوضع الفلسطيني يعتبر ذلك مشاركة سياسية حقيقية وفاعلة، باعتبار أن حركة حماس هي من يدير حياة الناس في قطاع غزة منذ عشرة سنوات، بعد أن انقلبت حركة فتح على نتائج انتخابات 25 يناير 2006، من خلال سحب كامل صلاحيات الحكومة التي شكلتها حركة حماس بحكم الأغلبية وبحسب النظام الأساسي (الدستور) الفلسطيني، وتحويل كل الملفات الكبيرة إلى مكتب الرئيس أبو مازن، وتمرد الأجهزة الأمنية -المشكلة بشكل شبه كامل من حركة فتح- على قرارات الحكومة ووزير داخليتها الحمساوي.
4-هل دخول حماس المجال السياسي أثر على المقاومة لديها ؟
خير ما فعلت حركة حماس هو أنها لم تدمج جهازها العسكري وبنيتها التنظيمية بالحكومة الفلسطينية، بل حافظت على فصل حملها الحركي التنظيمي وأدواته المقاومة عن شكل ونظم العمل الرسمي الحكومي، فقد لجأت الحركة إلى تعزير مؤسسات الحكم المدنية والأمنية بكوادر وطنية من خلال الفصائل الفلسطينية جميعاً، مع اعتبار أن الحركة هي الفصيل الأقوى والأغنى من حيث الكوادر المؤهلة، والتي ساهمت في إدارة مؤسسات وطنية عبر عشرات السنين في الداخل والخارج، وعملت على استقطاب كفاءات فلسطينية من الشتات. وعلى ذلك فقد استثمرت الحركة وجودها في الحكومة من أجل تعزيز بنية المقاومة واسناد العمل المقاوم معنوياً ومادياً، وهو ما شهدت به نتائج ثلاثة حروب (الفرقان 2008-2009، حجارة السجيل 2012، العصف المأكول 2014) كانت تهدف إلى إنهاء الحكم وإبادة الحركة، لكن النتيجة هي أنها خرجت في كل مرة أقوى وأقدر على مواجهة العدو الصهيوني، مع المحافظة على الحكم والوفاء بحاجات الناس المدنية والمعيشية اليومية في ظل حصار ظالم لا زال مستمراً حتى اليوم.
5-هل حصار غزة كان من الممكن تفاديه بتنازل حماس عن شرعية الحكم ؟
حصار غزة كان ولا يزال قراراً دولياً تشترك فيه كافة الأطراف التي لا ترغب في نجاح تجربة حكم حركة مقاومة تنتمي لفكر جماعة الإخوان المسلمين؛ بل والوقوف أمام أي استثمار لشرعية صندوق الانتخابات لحركة رفعت شعار التحرير بالمقاومة والعمل العسكري في وجه الاحتلال الإسرائيلي.
وبالتالي لم يكن مطلوباً من حماس التخلي عن الحكم فقط، بل والتخلي عن سلاحها الذي ترفعه في وجل المحتل، وهو ما قال به الرئيس عباس والرباعية العربية وهي نفس شروط الاحتلال الإسرائيلي، كان ذلك من خلال شعارات مخادعة من قبيل "السلاح الشرعي” ومطالبة حماس بوقف أنفاقها الهجومية في مقابل تسهيلات معيشية على المعابر، وأخرى من قبيل سلامة القادمة في مقابل تنازل عن العمل المسلح والاندماج في العملية السياسية.
6-هل تواجد حركه المقاومة حماس فى غزة فقط أم فى كافة فلسطين ؟
حيثما يتواجد الشعب الفلسطيني فثمة تواجد وشعبية لحركة حماس، سواء في غزة أو الضفة والقدس أو في مخيمات الشتات الفلسطيني والتجمعات الفلسطينية المختلفة.
7-دائما ما ترحب الحركة بالمصالحة الوطنية رغم علمها بالتعاون الأمنى الكامل بين فتح واليهود فما أسباب التمسك بالمصالحة ؟
تعلن حركة حماس باستمرار أن تحرير فلسطين يحتاج إلى استثمار كل الجهود الفلسطينية والعربية والإسلامية. وهي تدرك أن مشروع التحرير لا يقف عند حدود مغانم مؤقتة، بل هي حركة متواصلة حتى قيام الدولة الفلسطينية التي يحميها محيطها العربي والإسلامي الذي يجب أن يتعافى من الهيمنة الغربية وأن يقاوم المشروع الصهيوني الذي هو بالتأكيد يتجاوز حدود فلسطين الجغرافية.
8-ألم يؤثر التنسيق الأمنى بين فتح والكيان الصهيوني على قرار التمسك بالمصالحة ؟
لا شك أن التنسيق الأمني شكل عائقاً كبيراً أمام تصاعد العمل المقاوم في الضفة الغربية ضد الاحتلال، أو حتى الانطلاق منها إلى الداخل الإسرائيلي، ولا يمكن إغفال أن الملاحقة اليومية للحراك الشعبي والمبادرات الفردية للعمل المقاوم والفدائي من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية قد أثر بشكل مباشر على كثير من المحاولات، وهو ما تباهي به الرئيس عباس نفسه عندما قال للصحافة العبرية "بأننا نفتش شنط المدارس". لكن التمسك بالمصالحة (اتفاق الشاطئ 2014) هو قرار استراتيجي لدى حركة حماس باعتبارها أحد أفضل ما توصلت إليه الفصائل الفلسطينية حتى الآن.
9-ما أسباب صمت أهل الضفة على التنسيق الأمنى ؟
الوضع في الضفة يمكن تعريفه على أنه جمر مغطى برماد، فهو لا يحتاج إلا إلى فرصة من ريح عاصف ليشتعل. وما العمليات التي يتحفنا بها الشباب الفلسطيني مرة بعد مرة خلال انتفاضة القدس، إلا تعبيراً عن حالة الغليان التي ترفض أن تعيش في ظل نظام فلسطيني أمني تابع للاحتلال يتحكم في تفاصيل حياته اليومية. شعبنا في الضفة يظهر لنا كل يوم نماذج بطولية من الشابات اللواتي أعدن للرجولة معناها الحقيقي، متجاوزات بذلك المعنى الذكوري القاصر. مع إدراك أن عشر سنوات قضاها الجنرال "كيث دايتون” في إعداد رجال الأمن الفلسطينيين التابعين للسلطة في رام الله، قد غيرت العقيدة الأمنية لهم لتصبح مبينة على ضمان أمن الاحتلال، ومقاومة أي عمل عسكري أو مدني يمس بهم.