مجزرة مدرسة بحر البقر، جريمة بشعة أظهرت للعالم مدى وحشية وقذارة الجيش الإسرائيلي، الذي لا يعيش إلا على الأشلاء والجثث والدماء.


في مثل هذا اليوم 8 إبريل سنة 1970، كانت مدرسة بحر البقر بالشرقية، هدفا لطائرات الفانتوم الصهيوينة، التي حلقت فوق المدرسة، ثم ألقت على الأطفال قنبلة تزن 1000 رطل، فتحولت ساحة العلم الصغيرة إلى كتلة من النيران والأشلاء.


وقع تفجير المدرسة في تمام الساعة التاسعة وعشرون دقيقة، من صباح يوم الأربعاء 8 أبريل 1970، وكانت المدرسة عبارة عن طابق واحد به ثلاثة فصول، وعدد التلاميذ بها 150 طفلاً.


وقبل هذا الحادث كانت إسرائيل تهدد بإطلاق غاراتها على مصر، ولم يكن متوقعاً أن تتم هذه الغارات على أماكن مدنية.


في صباح يوم الحادث قطعت الإذاعة المصرية بثها لتذيع هذا البيان العاجل:

"أيها الأخوة المواطنون ، جائنا البيان التالي .. أقدم العدو في في تمام الساعة التاسعة و 20 دقيقة من صباح اليوم علي جريمة جديدة تفوق حد التصور، عندما أغار بطائراته الفانتوم الأمريكية على مدرسة بحر البقر الإبتدائية المشتركة بمحافظة الشرقية و سقط الأطفال بين سن السادسة و الثانية عشر تحت جحيم من النيران".

 

لقطات نادرة للمجزرة


نددت مصر بالهجوم رسمياً، ووصفته بأنه هجوم متعمد غير إنساني بهدف إخضاع مصر وإجبارها علي وقف الهجمات التي تشنها خلال حرب الإستنزاف والموافقة على مبادرة روجرز لوقف إطلاق النار. وقام حسن الزيات مندوب الجمهورية العربية المتحدة في الأمم المتحدة بإرسال مذكرة رسمية إلى رالف باتش مساعد السكرتير العام للأمم المتحدة لإبلاغه باحتجاج مصر الرسمي ومطالبته باجتماع عاجل للدول الأعضاء. كما قام وزير الخارجية المصري بعقد اجتماع موسع لسفراء الدول الأجنبية في مصر.


علي المستوى الشعبي، نددت العديد من الجهات والهيئات والمنظمات بالحادث ووصفته بأنه تجرد من كل معاني الإنسانية، كان واقع الهجوم عنيفاً وأليماً وأشعل حالة من الغضب والاستنكار العارم، فلم يكن أحد يتخيل أنه يمكن استهداف مدرسة أطفال في منطقة ريفية بعيدة تماماً عن أي وحدات عسكرية، خاصة وأنها أتت بعد شهرين من جريمة أخرى عندما قصفت إسرائيل مصنع أبو زعبل والتي خلفت 70 قتيلا من المدنيين.


وقام أطفال مدرسة بحر البقر الذين لم يصابوا في الهجوم بإرسال رسالة إلى “بات نيكسون” زوجة الرئيس الأمريكي وقتها “نيكسون”، وسألوها:
«هل تقبلين أن تقتل طائرات الفانتوم أطفال أمريكا؟! أنتِ الأم لجولى و تريشيا والجدة لأحفاد.. فهل نستطيع أن نذكر لكِ ما فعله زوجك مستر نيكسون؟!»


وفي حرب أكتوبر 1973 وحسب مصادر الإعلام المصرية - بعد أن أسقطت قوات الدفاع الجوي طائرة فانتوم إسرائيلية فوق بورسعيد ، وكان من بين الأسرى الإسرائيليين كابتن طيار تدعى "آمي حاييم " اعترفت أنها شاركت في القصف كما جاء في أقوالها، وأقرت بأنهم قصفوا المدرسة عن عمد وأنهم كانوا يعرفون أنهم يستهدفون بقنابلهم وصواريخهم مجرد مدرسة ابتدائية.


شاهد عيان


يتذكر أحد شهود عيان مجزرة بحر البقر، أحمد الدميري، أحد المصابين بهذه المجزرة، حيث كان طالباً بالمدرسة بالصف الثاني الإبتدائي وقتها، يتذكرما حدث فيقول: "أهالي قرية بحر البقر كانوا دائماً ما يسمعون صوت الطائرات، وكان كل منهم يقوم ببناء خندق في أرضه تحسباً لمرور أي غارة إسرائيلية يسهل عليهم اللجوء إليها والاختباء بها".


أضاف: "جاء اليوم المشئوم فمثل كل يوم كنا نذهب للمدرسة، ونسمع صوت الطائرات، ولا نخاف منها، وفجأة إذا بقلمي يسقط من على المنضدة، وأحاول أن استعيده، ولكن فجأة المدرسة تنفجر، وصديقي أحمد تسيل دمائه ويستشهد أمامي".


تابع: "ذهبت للمستشفى في غيبوبة دامت حوالي 3 شهور، وخرجت من ذلك بإصابات موجودة حتى الآن، ولا أستطيع السير في الشمس، وأصبحت أعاني عدة عاهات مستديمة.


وقال الدميري، إنه يعاني من أزمات مادية ومعنوية، مشيراً إلى أنه كل عام يقام الاحتفال بذكرى المجزرة، بأسمائنا كلوحة شرف فقط، ولا يتم تكريمنا، أو حصولنا على أي شئ من الدولة، سواء أهالي الشهداء أو حتى المصابين، مشيراً إلى أنهم كانوا يحصلون على 150 جنيه كل 6 شهور، والآن لا يحصلون على شئ.


ويطالب الدميري بضرورة مساواتهم بمصابي ثورة 25 يناير، وأن يتم تكريمهم فعلياً وليس كضيوف شرف.


لم تكن الأولى ولم تكن الأخيرة


مجزة مدرسة "بحرالبقر" لم تكن الأولى لجيش الاحتلال الصهيوني ، حيث سبقها عدة مجاز في فلسطين إبان بداية احتلالها، بلغ عددها حوالي 106 مجزرة، ولحقها عدة مجازر كان أبرزها "صبرا وشاتيلا" عام 1982 والتي راح ضحيتها 3500 فلسطيني على الأقل، ومجازر قطاع غزة في الحربين الأخيرتين.

وفي مصر تمكنت أذرع الصهاينة المتمثلة في مجلس العسكر من قتل الآلاف من أبناء الشعب المصري، خاصة بعد ثورة 25 يناير، شملت جمعة الغضب ومحمد محمود ومجلس الوزراء ومجازر عهد الانقلاب أبرزها الحرس الجمهوري والمنصة وفض اعتصامي رابعة والنهضة.