أيمن علي موسى، 21 سنة، طالب في الفرقة الثانية بهندسة الجامعة البريطانية ومدرب كرة ماء في نادي هليوبوليس، معتقل منذ 6 اكتوبر 2013 بعد اعتقاله في أحداث رمسيس وحكم عليه بالسحن 15 سنة.

والد أيمن توفي العام الماضي حزنا عل نجله، دون ان يتمكن من رؤيته قبل وفاتهبعد أن اتقدمت أسرته بطلب لخروجه يوم واحد لدفن أبوه لكن الطلب رفض.

وفي مارس الماضي تم رفض النقض في قضيته وحكم عليه نهائيا بـ15 سنة سجن، قضى منهم سنتين بالفعل.

بالأمس .. أرسل أيمن رسالة جديدة تكشف مدى معاناة آلاف المعتقلين داخل سجون الانقلاب العسكرى وحقيقة أوضاعهم المأساوية المستمرة.

وقال موسى، لست كاتبا مفوهًا.. أنا فقط أنقل ما رأته عيناي.. مثلي كمثل رجل يضع ورقة شفافة فوق لوحة ماء ويسير بقلمه على الخطوط الظاهرة أمامه.. فإن كانت اللوحة جميلة فستنسخ لوحة جميلة، وإن كانت لوحة قبيحة -كواقعي- فستنسخ لوحة قبيحة.. فاعذروني، فواقعي قبيح، وأنا فقط أنسخه لكم.. واعذروني إن كان في واقعي ما يخدش حيائكم!

وأضاف: هل شعرت يومًا بحياة فئران التجارب داخل صندوق به بعض الثقوب للتهوية؟ هذا هو بيتي الآن أنا و19 شخصًا آخرين، نجلس في زنزانة -إذا كنت كريمًا- طولها 5 أمتار.. آخر متر منعزل عن باقي الزنزانة بسور قصير (عتبة) ليخصص الحمام في جانب والجانب الآخر “للمطبخ”.. جانب لصنع الأكل وجانب آخر للتخلص منه.. عرض الزنزانة ٣.٥ أمتار إن لم يكن أقل، فأرجلنا تتصادم بعضها ببعض ونحن نائمون. الباب في أول الزنزانة، أول اثنين ينامون رءوسهم تحت الباب، ونصطف أفقيًا بطول الزنزانة -بجانب بعضنا حتى نصل إلى السور (العتبة).. في ناحية الحمام و"المطبخ".

يوجد صف آخر مرآة لهذا الصف.. كل ما نظرت للنائمين تذكرت كلمات حسن نوفل قال لي من قبل "لو حد بص علينا من فوق هيفتكر إنه فتح علية سردين"، صفان من الجثث المتلاصقة.. علبة سردين مثالية.

وتابع: أتذكر أول يوم لنا في هذا السجن.. الدخلة/حفل إستقبال/تشريفة.. اختلفت الأقوال لكن الهدف واحد، إهانة الكرامة.. سلبها إن استطاعو! أتذكر جلوسنا في عربة الترحيلات عندما تحولت ضحكاتنا إلى صمت تام.. ومن حسن حظنا أننا كنا آخر عربة من ثلاث.

وواصل رسالته "ساد الصمت فجأة عند سماع أول دفعة تُضرَب.. قام أحدنا ببطئ كي يرى بين سلوك نافذة العربة، ونقل لنا ما حدث أمامه.. أتذكر.. أتذكر رجل فوق الستين وهو يُسب ويُضرَب.. أتذكر فتح عربتنا ونزولنا مدججين بأمتعتنا، مكبلين (بكلابش) حديدي، ركوضنا بين رياح السهاد وهرباً من الخراطيم والعصيان.. ركوضنا وبعض أمتعتنا تسقط بين أيدينا ولا نلتفت إليها، جلوسنا على الأرض وسماع كلام مثل: "المسجون زي السوستة.. لو شيلت رجلك من عليه هينط في وشك".. و"أنت هنا ليك عندي أربع حاجات، أكلك ونومك وتريضك وزيارتك.. لو سألت على حاجة خامسة هاطلع د.. أمك".. و"هنا النَفَس باستئذان و.. بص يلا يا ابن الـ.. في الأرض بدل ما أطلع د..".

وقال: أتعجب من هذا البلد.. أفتخر بها وأنا خارجها.. وأنعدم وأنا فيها؟! لا أدري؟! أظن أنني أستطيع أن أجزم لهم بكل فخر وثقة أننا تقدمنا عليهم في صنع قطارات الموت!! أنا في قطار موت مصري منذ 3 أعوام ونصف.. أنتظر يوم نزولي من عليه.