د. أحمد عبدالقادر :


روى الإمام مسلم عَنْ جَابِرٍ قَالَ : اقْتَتَلَ غُلَامَانِ : غُلَامٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ ، وَغُلَامٌ مِنْ الْأَنْصَارِ ؛ فَنَادَى الْمُهَاجِرُ ـ أَوْ الْمُهَاجِرُونَ ـ : يَا لَلْمُهَاجِرِينَ !! وَنَادَى الْأَنْصَارِيُّ : يَا لَلْأَنْصَارِ !! فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَا هَذَا ؟! دَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ ؟! قَالُوا : لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِلَّا أَنَّ غُلَامَيْنِ اقْتَتَلَا ، فَكَسَعَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ .

قَالَ : فَلَا بَأْسَ ؛ وَلْيَنْصُرْ الرَّجُلُ أَخَاهُ ، ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا ؛ إِنْ كَانَ ظَالِمًا فَلْيَنْهَهُ ، فَإِنَّهُ لَهُ نَصْرٌ . وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا فَلْيَنْصُرْهُ ) .

ما وراء النص

1. من فقه الاستيعاب ان تعلم ان ما يحدث بين الأقران والأحباب والإخوان هو ما كتبه الله تعالى على ابن آدم من الخطأ والذنب فلا ضير فالوصف الغالب باق والخيرية موجودة لا محالة، بشر يخطئ؛ ومجتمع يستوعب؛ وقائد يصوب

2. من فقه الاستيعاب نقل الحديث كما دار من الناقل لا زيادة فتنفر وتظلم ولا نقصان فتضيع حقا أو تأوله على غير محمله وعليه العواقب

3. من فقه الاستيعاب الاستماع إلى المجموع في التقارير لا الى الفرد؛ أوقع في الوصف وأجمع للحل وأبعد للضغينة "قالوا"

4. من فقه الاستيعاب الانتقال إلى الحدث والفعل أولى وأهم من عتاب الأشخاص والوقوف معها طويلا فلربما كان التعامل مع الشخص فقط يورث بعدا عن محيط إخوانه واتهاما لنفسه وتحقيرا لشخصه وبعدا بمشاكله وأفتر لنشاطه " لا بأس"

5.من فقه الاستيعاب سرعة العلاج عند الخطأ فقد يطول الزمن فلا ينجع علاجا كان صالحا في وقته أو يستوجب الأمر أكثر من وسيلة " فخرج رسول الله "

6. من فقه الاستيعاب الاختصار في العبارة وعدم الاطناب في العتاب ولم الشمل بأوجز ما يصل إلى العقول والافهام مع الدلالة على عظم الأمر كي لا يفتح الباب للتكرار أو التساهل

7. من فقه الاستيعاب لا ضير من ذكر نسبة أو لقب أو تمييز في البداية ولكن كل ذلك يقف حدوده ويتوقف ذكره عند حدود الإخوة" في البداية المهاجرين والأنصار ... وفي النهاية أنصر أخاك"

8. من فقه الاستيعاب عدم خروج الظالم والمظلوم من الدائرة ولكل تعامل وعلاج واحاطة وعناية ورعاية ..

9. من فقه الاستيعاب حضور واقعي من القائد قريب من الحدث متحرك على الفور مستحضر لخطورة الموقف جامعا للجميع ناظرا في العاقبة

10. من فقه الاستيعاب الرضوخ للنصح والحكم وعدم تأليب الماضي أو تذكره اللحمة واحدة والخطأ مذاب والنفع من الموقف للجميع