قابلت صديقي الفلسطيني والذي يحمل الأن جنسية أخرى لدولة أوروبية وخلال حديثي معه حدثني عن بيته في القدس ومدى روعته وجماله وأنه من آن إلى أخر يزور أهله في فلسطين ويزور بيته في القدس فسألته ألا تخشى على البيت من أن يصادره الصهاينة لصالحهم فأخبرني أنهم يتواصلون معه لشراء البيت.
فسألته كم يساوي هذا البيت ؟
فقال تقريباً 400 ألف دولار أمريكي على أقصى تقدير
فسألته وكم عرض عليك الصهاينة ؟
قال مليون ونصف المليون دولار أمريكي
فسألته وهل تفكر في بيعه ؟
فقال بالقطع لا
فسألته ألا تخشى من أن يصادره الصهاينة لصالحهم فتخسر البيت وتخسر المال ؟
فقال هذا الإحتمال قائم وبشكل كبير وكثيرا ما تصل التهديدات بهذا الأمر ولكني لن أبيع المنزل مهما كان .
فسألته لماذا ؟
قال لأنهم حتى وإن صادروا المنزل سأظل أنا صاحب المنزل (( الشرعي )) وهم يدركون ذلك جيداً لذلك سيظلوا حريصين على شراء المنزل مهما كلفهم أكثر من ذلك بكثير حتى تسقط شرعية ملكيتي له
فسألته هل حدثت أحد من أصدقائك عن هذا الموضوع ؟
قال لي بالقطع نعم .. فأصدقائي من أوروبا يدركون هذا المعنى جيدا ويعلمون أن هذا هو التصرف الصحيح والمنطقي ،ولكن قليل من أصدقائي العرب من يفهم ذلك .
توقفت كثيراً امام هذه المعاني الراقية التي يعيش بها صديقي وبدأت أقارن بين حال البعض منا وهم يسقطون في إختبار شرعية الحكم في مصر واحداً تلو الأخر وحال صديقي الفلسطيني صاحب المنزل الصامد أمام المغيرات بالمال والتهديد بمصادرة المنزل .
دعوات مضللة كثيرة تطلق بين الحين والأخر كلها تهدف إلى شق صف ،وتشتيت الجهد ،وإحباط العزائم ،والطعن في أصحاب الهمم
فمن دعوات الإعتراف بالأخطاء التي أدت إلى المحنة إلى دعوات الإصطفاف على أشلاء الشرعية إلى دعوات تخوين كل منادي بالشرعية إلى دعوات التصالح مع العسكر إلى دعوات الإصطفاف خلف سامي عنان 2018 وأخيراً إحتمالات عودة مرسي 0 % .
إن خطورة الرسالة التي يصدرها هذا الفريق أنهم يريدون أن يضعنا التاريخ في أقذر مكان ممكن أن يوضع فيه بشر بين صفحات التاريخ وهي الإستسلام الكامل للغاصب بل وخيانة الأجيال القادمة بإدعاء أننا لم نكن أهلا للمسؤولية وعندما قام حفنة من العسكر بإشهار السلاح في وجهنا رفعنا سريعاً الرايات البيضاء وأعلناها للجميع وللأبناء والأحفاء أننا لا طاقة لنا اليوم بالسيسي وجنوده .
ثم نظرنا إلى الرئيس مرسي وقلنا له إذهب وأصمد وحدك إنا هاهنا مصطفون .
إن أصحاب دعوات التراجع والتفريط بالرغم من يقيني أن لهم درجات من الثقافة إلا أنهم على الأقل لم يستفيدوا منها فهل توجد ثورة إنتصرت إلا بعد ضعف ؟ هل توجد حركة إصلاحية في مجتمع فاسد لم تتعرض للتنكيل والتشويه والتجريح ؟ هل يُصنع التاريخ إلا بتضحيات الأبطال ؟ هل ينصح أصحاب هذه الدعوات صديقي الفلسطيني بأن يبيع البيت للصهاينة ؟
إن من يدعون أن الثورة قد ماتت لفقدها موقومات النجاح عليهم أن يراجعوا أنفسهم وأن يعلموا إن لثورتنا زعيم صامد ،وإن لمصر رئيس عادل ،أن خلف أسوار الأسر رجال يقبلون الإعدام ولا يقبلون التفريط الذي ينادي به هؤلاء من خارج مصر ،وأن داخل مصر رجال ونساء لم تتوقف مسيراتهم وفعالياتهم منذ 25 يناير 2011 وحتى الأن ،وأن الشباب في شتى ربوع مصر يرقبون اللحظة الأنسب ليعلنوا عن غضبة تسقط هذا النظام
إن أصحاب هذه الدعوات لو كانوا رفقاء "مانيلا" في رحلة كفاحه لمات مانديلا كمداً منهم في سجنه ولم يرى جنوب إفريقيا تتحرر بعد 28 عام من أسره ،ولو كانوا هؤلاء هم زعماء حراك الثورة في إيران لظل " الخميني " في منفاه حتى مات ،ولو كانوا هم قادة الثورة الفرنسية لظل النبلاء يتحكمون في الفرنسيين وأرزاقهم حتى الأن ،ولو ... ،ولو ... ،ولو ...
أما أنا فأقول أننا نقف خلف الرئيس " مرسي " لأن صموده ملهم لكل حر ويقيني في عودته لا يخالطه الشك ،وأن هذا النواح الذي نسمعه على الطريق من المتساقطين ينجلي به الغبار عن الفئة القليلة التي تستحق النصر
وأخيرا أقول لصديقي الفلسطيني اياك أن تبيع البيت حتى لو قام الصهاينة باحتلاله ،وأقول للأحرار اياكم أن تفرطوا في الشرعية حتى لو كان الرئيس "أسيرا".