د.عز الدين الكومي :
 

لحاجة "سبيلة" التي تبرعت بكامل ثروتها لصالح صندوق "تحيا مصر"، هي مِن نفس المحافظة التي منها الحاجة "زينب" التي تبرعت بحلَقِها الذهبيّ الذي ترتديه في أذنيها، والذي ورثته عن أمها وجدتها، والتي استغلها الإعلام الانقلابي في إعلان تلفزيوني هابط ورخيص، لتخاطب من خلاله الشعب المطحون ليبترع لصندوق نهب مصر، والعجيب أن الحاجة "زينب" بلغت ثقافتُها الاقتصادية شأوا بعيدا، فلذلك تخاطب المصريين في إعلانها الشهير "بالدشليون"، وليس بالمليون أو بالمليار!! وحسب تعبيرها فى الإعلان فإن "فداء مصر دشليون حلق!! أنَّى للحاجة "زينب" أن تعرف "الدشليون"؟ ولا أكون مبالغاً إذا قلت أن الشعب المصريّ بأكمله لا يعرف سوى المليون والمليار، اللهم إلا أهل التخصص فى مجال الاقتصاد، ما يوضح طبيعة الإعلان الذي أخرجته الشؤون المعنوية لعسكر كامب ديفيد!!


لكن إذا كانت الحاجة "زينب" قالت فى وصلة نفاقها مدفوعة الأجر: كنت أتمنى رؤية قائد الانقلاب، ولكنها رأته بقلب الأم، نظرًا لكونها سيدة كفيفة، لكن قلبها انفتح له، لما يقوم به من تضحيات، من أجل مصر وشعب مصر، وأنه أخبرها أنه كان من المفترض أن يأتي إلى المنصورة لتحيتها، بدلًا من أن أذهب إليه، وأنه قبّل رأسها على ما قامت به من أجل مصر!!


وماذا قدم هذا العميل الخائن لشعب مصر سوى الفقر والأزمات والأمراض والنحس وتشييد السجون والمعتقلات؟؟!!


وكان الأجدى والأجدر بالحاجة "زينب" أن توجه رسالتها الإعلانية للأغنياء من سدنة ومرتزقة الانقلاب، من العسكر وجلاوزة الشرطة والقضاة ومصاصي الدماء ونهّابي ثروات الشعب، من رجال الأعمال الفاسدين، الذين يتمتعون دون سواهم بكل المزايا الاقتصادية، والذين يتهربون من دفع الضرائب والجمارك وكل المستحقات!!


فلماذا لا يقوم هؤلاء بتنفيذ مشروعات منتجة ومفيدة، للقضاء على البطالة وتشغيل الشباب، لكن إعلان الحاجة "زينب" والذي قاموا بإيقافة بعد ذلك خوفا من الفضائح، كان موجها فقط لطبقات الشعب الكادحة والمطحونة، لمطالبتها بالتبرع والتصدق على صندوق نهب مصر!!


أما الحاجة "سبيلة" فواضح أنها متخصصة في النفاق والتطبيل على نطاق واسع؛ حيث قالت: حين سلم عليّ قائد الانقلاب، شُفْت طاقة نور - مدد من غير عدد - وسقاني الشاي بإيده - شاي بالياسمين أكيد - وقالت: على وِشّه رضا ربنا - دي واسعة شوية يا حجة "سبيلة" - وقولته أنا عاوزة أبقى جنبك، انت عايز تسلم عليّا بس، لا أنا عايزة حضن، ولو فتحت بطني هاتلاقيك قاعد في قلبي، وقلت له: كل ما ها حوِّش حاجة هجيبها لك، لأنك انت عملت كل حاجة حلوة في مصر، أنت وجيشك وشرطتك، وتسلم الأيادي، وربنا يبارك لينا فيك وينصرك ويسترك يارب، إحنا كان زمانا ضيعنا يا غالي، ومش عايزة حاجة، انت ابني، وينصرك على كل الدول، وأنا جايبة الفلوس دي لمصر، وصندوق تحيا مصر.


ولكن قائد الانقلاب قال لها: بدعواتك ودعوات الطيبين إحنا عايشين، وباشكرك على الفلوس، وده كتير وكتر خيرك!!


فالحاجة "سبيلة" التي قررت التبرع بكافة أموالها والمقدرة بمبلغ مئتي ألف جنيه، وكمية من المشغولات الذهبية، لصالح صندوق نهب مصر، بزعم أن الله سيفرجها، وأن مصر في حاجة شديدة لتلك الأموال، ولما سألها قائد الانقلاب،عن مصدر أموالها، قالت له: إن أبناءها يرسلونها لها، وقامت بتجميعهم من أجل التبرع بيهم لصندوق نهب مصر، وأن سبب تبرعها هو حبها لقائد الانقلاب، وكان نفسها تشوفه لدرجة أنها كانت ستكسر التلفزيون علشان تشوفه، وربنا حقق لها أمنيتها!!


ولم تكتف الحاجة "سبيلة" بهذه الوصلة من النفاق، بل وجهت رسالة لكل المصريين، الذين يملكون أموالا بالتبرع بها لصندوق نهب مصر، والوقوف خلف قائد الانقلاب، من أجل بناء الوطن، وأن نجلها أخبرها أنه سيتبرع بمليون جنيه لصالح صندوق نهب مصر العام المقبل، وأنها أرادت التبرع بمالها للجيش والشرطة لأنهم هما اللي بيحمونا من خطر الإرهاب والكباب!!


الحقيقة أن الحاجة "سبيلة" تفوقت على كل مِن "مصطفى بكري" و "أحمد موسى"، وكل إعلام الانقلاب وأذرعه الإعلامية، والشؤون المعنوية لعسكر كامب ديفيد، ويبدو عليها أنها مطبلاتية بالفطرة!!


وبالطبع من نشوة الفرح فإن الحاجة "سبيلة" لم تر ما ترتديه زوجة قائد الانقلاب من أطقم ألماظ ولؤلؤ ومجوهرات ثمينة بداعي التفاخر والتباهي أثناء الاحتفال بعيد الأم، في ظل تشجيع قائد الانقلاب على التقشف، عشان احنا فقرا أوي!!


وعندما حاول الأمنجي "محمد الغيطي" يقول على الرئيس "مرسي" بالمخفي، ترد الحاجة "سبيلة": بلا قرف، أما قائد الانقلاب ـ على حد زعمها ـ عدل البلد وخلاها تنام فى أمان، أما أيام المخفي كنا بنسد علينا الأبواب وخايفين ورعب!!


اللهم إنا نعوذ بك من سوء الخاتمة!!


عموما بشرى سارة لكل المصرين، نبشركم بأن المشكلة الاقتصادية انتهت، والجنيه هيعوم، وحوض "طارق عامر" سليم، وها يكمل شهر العسل، والدولار هيبقى بأربعة جنيهات فقط، حسب مزحة "طارق عامر"، ولا حاجة لنا بقروض النقد الدولي ولا غيره، البركة في حلق الحاجة "زينب" وشنطة الحاجة "سبيلة!! "


لكن ضروري يصبر سنتين، وستة أشهر وثلاثة عشر عاما مع وزير صحة الانقلاب، والمشكلة ستنتهي في 2030 !!


لكن الواقع أن النظام الانقلابي الفاشل الذي يتسول مقتنيات الغلابة، ويستخدمهم لأغراض دعائية رخيصة، كي يستوليَ على ما تبقى لدى الشعب المطحون، من أجل رفاهية العصابة الحاكمة، ومجموعة المرتزقة التي تدور في فلكهم، تحت شعارات وطنية كاذبة (تحيا مصر)، في مسلسل كذب وخداع يومي لا يكاد ينتهي!!


كيف يتبرع الشعب المغلوب على أمره لصندوق نهب مصر، وهذا الشعب نفسه فى أمسّ الحاجة لمساعدات عاجلة فى ظل ارتفاع الأسعار وزيادة معدلات الفقر والبطالة، وانهيار الجنيه أمام الدولار بعد تعويمه، وفي ظل دخول محدودة باتت عاجزة عن مواجهة أعباء الحياة الضرورية؟؟!!

 

 

المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي نافذة مصر